رحلات فضا
رحلات الفضاء: تاريخ موجز
ژانرونه
الملاحة الفضائية
خلافا للمراقبة والاتصالات عبر الأقمار الصناعية، لم تكن أنظمة الملاحة شيئا متوقعا قبل سباق الفضاء؛ ففور إطلاق «سبوتنيك» في أكتوبر 1957، لاحظ مهندسان في مختبر الفيزياء التطبيقية التابع لجامعة جونز هوبكنز أن تتبع تأثير دوبلر في إرسال راديو «سبوتنيك» أثناء تحركه نحو المراقب، الذي استخدم لتحديد مداره، أو بعيدا عنه، يمكن استخدامه أيضا في تحديد موقع على الأرض، إذا كان المدار معروفا. وأدى ذلك إلى نظام ترانزيت للملاحة عبر الأقمار الصناعية، الذي بنى مختبر الفيزياء التطبيقية أقماره الصناعية، وكان الغرض الأساسي منه هو تحديد مواقع غواصات الصواريخ الباليستية. وكان أول إطلاق ناجح له في عام 1960، وأصبح النظام يعمل في عام 1964، بالاستعانة بأربعة إلى ستة أقمار صناعية تدور على بعد 1075 ميلا. وقد أتاح نظام ترانزيت لأنظمة التوجيه بالقصور الذاتي الموجودة في الغواصات إعطاء موقع إطلاق دقيق بما فيه الكفاية لضرب أهداف في أي حرب نووية. وقد استخدم نظام ترانزيت التابع للبحرية الأمريكية في بعض الأحيان من قبل أسلحة الجيش الأمريكي الأخرى لتحديد المواقع، بل إن المستخدمين المدنيين اعتمدوا عليه في المسح وغيره من التطبيقات.
13
ومع ذلك، لا يستطيع نظام ترانزيت سوى توفير خط عرض وخط طول على سطح الأرض، ويمكن أن يستغرق الأمر ما يصل إلى نصف الساعة لحساب موضع ما؛ ولذا بدأت البحرية في إجراء تجارب لوضع ساعات ذرية مدارية للحصول على وقت دقيق كطريقة بديلة لتحديد الموقع. كما جربت القوات الجوية الأمريكية أقمارها الصناعية لعرض مواقع الطائرات وارتفاعاتها. وأطلق الجيش ووكالة ناسا سلسلة من المركبات الفضائية الجيوديسية لاتخاذ قياسات لشكل الأرض ومجال جاذبيتها، وهي بيانات مهمة لتحسين دقة الخرائط العالمية والصواريخ النووية البعيدة المدى. وفي أواخر عام 1973، أصرت وزارة الدفاع الأمريكية على دمج برامج القوات المسلحة المتنافسة، وأخذت أفضل التقنيات من كل منها. وأنتجت نظام تحديد المواقع العالمي «نافستار»، والمعروف الآن عالميا باسم «جي بي إس»، وسيتم تشغيله بواسطة القوات الجوية. وابتداء من عام 1978، وضعت القوات الجوية الأقمار الصناعية لنظام «جي بي إس» في مدارات دائرية مدتها اثنتا عشرة ساعة تقريبا على ارتفاع 11000 ميل (المنطقة التي أصبحت فيما بعد تسمى مدار الأرض المتوسط). وقد بدأ النظام عمليات محدودة في أوائل الثمانينيات، ووصل إلى القدرة التشغيلية الأولية في عام 1993، عندما كان هناك أربع وعشرون مركبة فضائية في ست طائرات مدارية مختلفة؛ إذ مكن من التحديد شبه الفوري للوقت والمواقع الثلاثية الأبعاد في جميع أنحاء العالم، مع الاحتفاظ بالإشارات الأعلى دقة للقوات المسلحة الأمريكية. ومن المستحيل تخيل هذا الاستثمار الضخم بدون سباق التسلح النووي والانتشار العالمي للقوات الأمريكية، لكن قيمته أثبتت أنها كبيرة جدا أيضا للمستخدمين المدنيين، لدرجة أنه أصبح في الواقع أداة وطنية تديرها الحكومة، وتحافظ عليها الولايات المتحدة لأنها أصبحت مهمة جدا للحياة على الأرض - وهو ما يوازي الأقمار الصناعية للطقس.
14
قام السوفييت بتقليد نظام ترانزيت وتبعوا ذلك بالإطلاق الأول لنظام «جلوناس» الشبيه بنظام تحديد المواقع العالمي «جي بي إس» في عام 1982. وكانت أقماره الصناعية مؤهلة بدرجة أكبر لتوفير المزيد من الدقة للمناطق القطبية. وقد بدأ هذا النظام العمل في عام 1995، لكن الأزمة الاقتصادية التي منيت بها روسيا في أعقاب انهيار الاتحاد السوفييتي أسفرت عن تدهور في الإمكانيات، نظرا إلى عدم القدرة على استبدال الأقمار الصناعية التي تتعطل عن العمل. ومع ذلك، في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أمر الرئيس فلاديمير بوتين بإعادة النظام بالكامل وترقيته ليصبح قادرا على المنافسة مع نظام تحديد المواقع العالمي «جي بي إس». وأصبح «جلوناس» ثاني نظام عالمي مدمج على نطاق واسع في الاستخدام المدني، بحيث أصبحت العديد من أجهزة الاستقبال مثل الهواتف المحمولة تستخدم كلا النظامين في وقت واحد لزيادة دقة الموقع.
دفعت الأسباب السياسية إلى إنشاء أنظمة أخرى؛ حيث إن النظامين الأمريكي والروسي تديرهما القوات المسلحة، ويمكن أن يتدهورا أو يشوشا أو يتم إيقافهما للمستخدمين المدنيين في حالة حدوث أزمة. ومن ثم بدأ الاتحاد الأوروبي في مناقشة نظام جاليليو للملاحة العالمية بالأقمار الصناعية في أواخر التسعينيات. وحتى بعد أن فتح الرئيس كلينتون إشارة «جي بي إس» العسكرية الأكثر دقة لجميع المستخدمين في عام 2000، استمر نظام جاليليو إلى حد كبير بسبب الانزعاج في بعض العواصم الأوروبية من الاعتماد على القوات المسلحة الأمريكية. وأطلق أول قمر صناعي تجريبي من جاليليو في عام 2005، ولكن النظام لا يزال قيد الإنشاء حتى كتابة هذه السطور، مثله في ذلك مثل النظام الصيني والهندي والياباني. إن الاستخدام الهائل لنظام «جي بي إس» في الأجهزة المدنية في المركبات والهواتف الخلوية جعل الأقمار الصناعية الملاحية جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية، خاصة في العالم المتقدم، بحيث يسهل التنبؤ بأن هذا التوسع في الخدمات القائمة على الموقع سيستمر ويؤدي إلى ابتكار تطبيقات جديدة.
البنية التحتية الفضائية والعولمة
من الواضح أن بناء سلسلة من البنى التحتية الخاصة بالأقمار الصناعية كان له تأثيرات متعددة وأحيانا متناقضة؛ فقد عزز القوة العسكرية للولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، وأخيرا أوروبا الغربية والصين وروسيا الصاعدة، كما دعم القدرة على شن حرب نووية عالمية - في حين أنه في الوقت نفسه جعل مثل هذه الكارثة أقل احتمالا من خلال الشفافية العالمية. كذلك أصبحت الحرب في الفضاء ممكنة من خلال تطوير أسلحة مضادة للأقمار الصناعية، ولكن اعتماد القوى العظمى على أنظمة البنى التحتية قد أحدث تأثيرا رادعا ذا طابع خاص: لا يزال تسليح الفضاء محظورا حتى الآن، وإن كان ممكنا بشكل متزايد، نظرا إلى تزايد الصواريخ الأرضية والتهديدات الإلكترونية ضد الأقمار الصناعية. وربما تم تعزيز القوة الوطنية، خاصة بالنسبة إلى عدد قليل من الدول الأكثر ثراء والأكثر تقدما من الناحية التكنولوجية، لكن الأقمار الصناعية غير العسكرية المعنية بالطقس وعلوم الأرض والاتصالات عززت أيضا العولمة. وقد أسهم التليفزيون العالمي وصور الأرض من الفضاء، ولا سيما من الأقمار الصناعية في مدار الأرض الجغرافي الثابت و«أبولو »، في ظهور هوية الكوكب.
علاوة على ذلك، عزز تسويق البنية التحتية الفضائية الشركات عبر الوطنية، والتداول عبر الوطني للأفراد والمعرفة، مغيرا الصناعات الفضائية الوطنية التي تعتمد على الحكومة والتي انبثقت من الحرب الباردة. وقد أفاد اتحاد صناعات الأقمار الصناعية في عام 2012 بأن من بين 994 قمرا صناعيا نشطا للأرض، كانت 38 في المائة من الأقمار الصناعية تجارية وخاصة بالاتصالات، بينما 20 في المائة منها كانت حكومية وعسكرية. وبلغت إيرادات صناعة الفضاء العالمية في عام 2011 مبلغ 298,8 مليار دولار، منها 177,8 مليار دولار (61٪) من صناعة الأقمار الصناعية للاتصالات (ويشمل الباقي خدمات الإطلاق ورحلات الفضاء المأهولة والمركبات الفضائية غير المعنية بالاتصالات، إلخ). ويتألف معظم نسبة ال 61 في المائة هذه من البنية التحتية الأرضية وبيع البث التليفزيوني.
ناپیژندل شوی مخ