آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٢٠)
رفع اليدين في الصلاة
تأليف
الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (٦٩١ - ٧٥١)
تحقيق
علي بن محمد العمران
وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة
بكر بن عبد الله أبو زيد
رحمه الله تعالى
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
المقدمة / 1
مقدمة التحقيق
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا الأمين، وعلى آله وصحابته أجمعين إلى يوم الدين، وبعد:
فهذا بحث جليل أفرده الإمام شمس الدين أبو عبدالله محمد بن أبي بكر المشهور بابن قيِّم الجوزية (ت ٧٥١) رحمه الله تعالى، في مسألة فقهية واحدة، وهي مسألة: رفع اليدين في الصلاة، وجَعَل الخلافَ فيها معقودًا بين فريقين:
الأول: جماهير العلماء من الصحابة والتابعين والأئمة، القائلين بأن رفع اليدين في الركوع، والرفع منه، والقيام من الركعتين سنة ثابتة عن النبي ﷺ.
والفريق الثاني: بعض العلماء من الحنفية وغيرهم، القائلين بعدم سنية رفع اليدين في تلك المواضع.
فحرَّر الأقوال في المسألة، وذكر دلائلها النّقلية والعقليّة، واستقصى فيها ما شاء له أن يستقصي، واستدلَّ لكلِّ مذهب بما يعجَز أصحابه أن يستدلوا له، وناقشَ مواقف الفُرَقاء منها، وبما أجاب به كلُّ فريق، ووازن بين تلك المذاهب، فنظر فيها نظر المُنصف المريد للحقِّ.
ولئن كان المؤلِّف لم يصرِّح باختياره وترجيحه لأحد القولين في المسألة ــ فيما بين أيدينا من الكتاب على الأقل (^١) ــ فإنه يقود القارئ
_________
(^١) إذ ربما صرح به في مقدمة الكتاب المفقودة.
المقدمة / 5
إلى الرأي الراجح، ويأخذ بيده إلى الصواب دون أن يلجئه إليه إلجاءً، وسبيله في ذلك: كثرة الأدلة، وقوَّة الحجج التي يسوقها لطرفي النزاع، وسداد الأجوبة، ورد الاعتراضات، وهذا ظاهر في كتابنا بحمد الله تعالى لا خفاء به، إذ استغرق الاستدلال والاحتجاج للقائلين بالرفع أكثر من (٢٠٠) صفحة، وللفريق الآخر نحو (٣٣) صفحة.
على أن المؤلف قد نصَّ على اختياره في عدد من كتبه، وصرَّح بذلك تصريحًا لا مزيدَ عليه في كتابه «زاد المعاد»: (١/ ٢١٨ - ٢١٩) قال: «وروى رفع اليدين عنه في هذه المواطن الثلاثة (يعني للإحرام والركوع والرفع منه) نحوٌ من ثلاثين نفسًا، واتفق على روايتها العشرة، ولم يثبت عنه خلاف ذلك ألبتة، بل كان ذلك هديه دائمًا إلى أن فارق الدنيا، ولم يصح عنه حديث البراء: «ثم لا يعود» بل هي من زيادة يزيد بن [أبي] زياد. فليس تَرْك ابنِ مسعودٍ الرفعَ مما يُقدَّم على هديه المعلوم، فقد تُرِك من فِعْل ابن مسعود في الصلاة أشياء ليس معارضها مقاربًا ولا مدانيًا للرّفع، فقد تُرِك من فعله التطبيق والافتراش في السجود، ووقوفه إمامًا بين الاثنين في وسطهما دون التقدم عليهما، وصلاته الفرض في البيت بأصحابه بغير أذان ولا إقامة لأجل تأخير الأمراء. وأين الأحاديث في خلاف ذلك من الأحاديث التي في الرفع كثرةً وصحةً وصراحةً وعملًا، وبالله التوفيق» اهـ.
وللمصنِّف ﵀ اهتمام بإفراد جُملةٍ من المسائل الفقهية بمؤلفات خاصة، ينتهِج فيها نهجًا واحدًا من تحرير الأقوال، واستيعاب الأدلة، والنظر فيها على طريقة الاجتهاد، وترجيح ما ينصره الدليل والبرهان، مثل: «إغاثة اللهفان
المقدمة / 6
في حكم طلاق الغضبان»، و«حكم إغمام هلال رمضان»، و«نكاح المحرم»، و«حكم تارك الصلاة»، و«ما يحلّ ويحرم من لباس الحرير»، وغيرها.
وقد تأخَّر طبعُ هذا الكتاب مع وجود نسخته الخطيَّة على طَرَف الثُّمام، بل هي بأيدي الباحثين منذ زمن ليس بالقصير (^١) = بسبب أن نسخته الوحيدة ــ آنذاك ــ كان لا يمكن الاعتماد عليها؛ لنقصها، ولكثرة البياضات والخروم فيها، ولكونها حديثة النَّسْخ.
ولم يكن في النية الجازمة التوجُّه لأخراج هذا الكتاب ضمن هذه السلسلة من مؤلفات الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في هذا الوقت على الأقل؛ للأسباب السالفة ذاتها، ولكن لما يسَّر الله تعالى الحصول على نسخة نفيسة للكتاب، وظهر أنها أصل تلك النسخة المتأخرة= قويَ العزمُ على تحقيق الكتاب، وسَلْكه ضمن كتب هذا المشروع المبارك إن شاء الله تعالى. على أنه لم يحصل تمامُ الفرح بها؛ إذ النقص حاصل فيها أيضًا، لكنها نسخة نفيسة بخط أحد تلاميذ المصنف، ونَسَخها من خطه، وكتَبها في حياة مؤلفها (كما سيأتي بالتفصيل عند الكلام عليها).
وقد تفضل الأخ الكريم الشيخ عبدالله بن محمد المديفر بإخباري بأمر هذه النسخة حالَ وقوفه عليها، ثم بادر بتصويرها وإرسالها على (CD) فجزاه الله خيرًا ونفع به.
_________
(^١) انظر «ابن قيم الجوزية: حياته آثاره موارده» (ص ٢٥١ - ٢٥٢) لشيخنا العلامة بكر ابن عبدالله أبو زيد رحمه الله تعالى.
المقدمة / 7
وبين يدي الكتاب سأقدم عدة مباحث هي:
- تمهيد، وفيه: سبب عناية العلماء بهذه المسألة، وذكر المؤلفات فيها.
- مباحث دراسة الكتاب، وفيها:
- اسم الكتاب.
- تاريخ تأليفه.
- إثبات نسبته للمؤلف.
- عرض موضوعات الكتاب.
- موارد الكتاب.
- وصف النسخ الخطية.
- طبعات الكتاب.
- منهج التحقيق.
- نماذج من النسخ الخطية.
وفي آخر الكتاب توَّجْنا العملَ بفهارس مفصَّلة؛ لفظية وعلمية، كما هو دأبنا في هذه السلسلة. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
كتبه
عليّ بن محمّد العِمْران
في ٢٨/جمادى الآخرة/١٤٣٠
مكة المكرمة حرسها الله
للتواصل: [email protected]
المقدمة / 8
تمهيد في
سبب عناية العلماء بهذه المسألة، وذكر المؤلفات فيها
* سبب عناية العلماء بهذه المسألة
ألَّف جمعٌ من العلماء المتقدِّمين والمتأخِّرين مصنَّفات مفردة في هذه المسألة، ولم يقتصر التأليف فيها على مذهبٍ دون آخر، بل ألّف فيها أصحاب المذاهب الأربعة وغيرها، وقد أشار إلى سبب عنايتهم بذلك عدد منهم، قال الإمام أبو زكريا النواوي الشافعي (٦٧٦): «اعلم أن هذه مسألة مهمة جدًّا، فإن كلَّ مسلم يحتاج إليها في كل يوم مرَّات متكاثرات، لا سيّما طالب الآخرة ومكثر الصلاة؛ ولهذا اعتنى العلماء بها أشدّ اعتناء، حتى صنَّف الإمام أبو عبدالله البخاريُّ كتابًا كبيرًا في إثبات الرفع في هذين الموضعين والإنكار الشديد على من خالف ذلك، فهو كتاب نفيس ...» (^١).
وكذلك الحافظ زين الدين ابن رجب الحنبلي (٧٩٥) قال: «وسبب اعتنائهم بذلك: أنَّ جميعَ أمصار المسلمين، كالحجاز واليمن ومصر والعراق كانَ عامَّة أهلها يرون رفع الأيدي في الصلاة عند الرّكوع والرَّفع منه، سوى أهل الكوفة، فكانوا لا يرفعون أيديهم في الصلاة إلا في افتتاح الصلاة خاصَّة، فاعتنى علماء الأمصار بهذه المسألة، والاحتجاج لها، والرَّدّ على من خالفها.
_________
(^١) «المجموع شرح المهذب»: (٣/ ٣٩٩).
المقدمة / 9
قال الأوزاعي: ما اجتمع عليه علماء أهل الحجاز والشام والبصرة: أن رسول الله ﷺ كانَ يرفع يديه حذو منكبيه حين يكبر لافتتاح الصلاة، وحين يكبِّر للرُّكوع، وإذا رفع رأسَه من الرُّكوع، إلا أهل الكوفة، فإنهم خالفوا في ذلك أئمتهم. خرجه ابن جرير وغيره.
وقال البخاري في كتابه «رفع اليدين» بعد أن روى الآثار في المسألة: فهؤلاء أهل مكة والمدينة واليمن والعراق قد اتفقوا على رفع الأيدي.
وقال محمد بن نصر المروزي: لا نعلم مصرًا من الأمصار تركوا الرَّفع بأجمعهم في الخفض والرَّفع منه، إلا أهل الكوفة» (^١). انتهى كلامه.
*المؤلفات في المسألة:
وهذا ذِكْر من ألف من العلماءفي هذه المسألة، مرتبين على حسب وفياتهم:
١ - أبو عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري (ت ٢٥٦). له «جزء رفع اليدين». مطبوع.
٢ - أحمد بن عَمرو البزَّار (ت ٢٩٢) (^٢).
٣ - محمد بن نصر المروزي (ت ٢٩٤) (^٣).
_________
(^١) «فتح الباري»: (٤/ ٣٠٤) لابن رجب.
(^٢) ذكره ابن عبد البر في «الاستذكار»: (١/ ٤١٠ - دار الكتب).
(^٣) نقل منه ابن عبدالبر في «التمهيد»: (٩/ ٢١٣)، وذكره في «الاستذكار»: (١/ ٤١٠)، والذهبي في «السير»: (١٤/ ٣٧)، وقال الصفدي في «الوافي»: (٥/ ٧٦ - إحياء التراث): إنه في أربع مجلدات. ووصفه بعض العلماء بأنه من المعجزات!! ونقل منه المصنف (ص ١٣٥) بواسطة ابن عبدالبر فيما يظهر.
المقدمة / 10
٤ - أحمد بن شعيب النسائي (ت ٣٠٣) (^١).
٥ - أبو نُعَيم أحمد بن عبدالله الأصفهاني الشافعي (ت ٤٣٠) (^٢).
٦ - أبو عبدالله الحاكم النيسابوري الشافعي (ت ٤٠٥)، ذكره البيهقي في «مناقب أحمد» (^٣).
٧ - أحمد بن الحسين البيهقي الشافعي (ت ٤٥٨) (^٤).
٨ - أبو زكريا محيي الدين النواوي الشافعي (ت ٦٧٦) ذكر في «المجموع»: (٣/ ٣٩٩) أنه سيجمع في هذه المسألة كتابًا مستقلًّا.
٩ - تقي الدين السبكي الشافعي (ت ٧٥٦) له رسالة في أحاديث رفع اليدين (^٥). مطبوع. وهو رد على الأتقاني الآتي ذكره.
١٠ - أمير كاتب بن أمير عمر بن العميد أمير غازي أبو حنيفة الأتقاني الحنفي (ت ٧٥٨). صنف في رفع اليدين عند الركوع والرفع، وادّعى
_________
(^١) ذكره ابن رجب في «فتح الباري»: (٤/ ٣٠٤).
(^٢) ذكره السمعاني في «التحبير»: (١/ ١٧٨)، وعنه الذهبي في «السير»: (١٩/ ٣٠٦).
(^٣) انظر «فتح الباري» (٤/ ٣٢٢) لابن رجب.
(^٤) ذكره النواوي في «المجموع»: (٣/ ٣٩٩) وقال: إنه سيذكر مهمات مقاصده.
(^٥) ذكرها ابنه في ترجمته من «طبقات الشافعية»: (١٠/ ٣١١) باسم أحاديث رفع اليدين. وقد طبعت في «مجموعة الرسائل المنيرية»: (١/ ٢٥٣ - ٢٥٦). وهي في ثلاث صفحات. ولها نسختان في مركز الملك فيصل.
المقدمة / 11
بطلان صلاة من فعل ذلك، فردَّ عليه السبكي بكتابه السالف، ثم ردَّ هو على السبكي في جزء (^١).
١١ - عمر بن عيسى بن عمر زين الدين المعروف بابن الباريني الشافعي (ت ٧٦٤). له كتاب: إيضاح أقوى المذهبين في رفع اليدين. مطبوع (^٢).
١٢ - عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله العقيلي الطالبي الهاشمي الشافعي (ت ٧٦٩). له كتاب مطول على مسألة رفع اليدين، ثم لخَّصه في كرَّاس واحد (^٣).
١٣ - أحمد بن حسن بن عبدالله بن أبي عمر المقدسي ابن قاضي الجبل الحنبلي (ت ٧٧١)، من بنى قدامة وتلميذ شيخ الإسلام ابن تيمية، له رسالة في مسألة رفع اليدين (^٤).
١٤ - محمود بن أحمد بن مسعود جمال الدين أبو الثناء القنوي الدمشقي الحنفي (ت ٧٧١). له مقدمة في رفع اليدين في الصلاة (^٥).
_________
(^١) «الدرر الكامنة»: (١/ ٤١٥). و«الفوائد البهية»: (ص ٥٠ - ٥١) للكنوي، وانظر تعليقه في نقد الأتقاني. ورده على السبكي له نسخة خطية في مكتبة الحرم المكي. و(أتقان) إحدى قصبات فاراب، وضبطها ابن تغري بردي بفتح الهمزة وسكون التاء. «المنهل الصافي»: (٣/ ١٠٣). ومن كتابه عدة نسخ خطية، انظر «الفهرس الشامل- الفقه وأصوله»: (٤/ ٤٠٣).
(^٢) صدر عن دار البخاري عام ١٤١٢ في (٢٠٢ صفحة) بتحقيق الدكتور عبدالعزيز الأحمدي.
(^٣) انظر «غاية النهاية في طبقات القراء»: (١/ ١٩٠).
(^٤) انظر «الدرر الكامنة» (١/ ١٢١)، و«معجم الكتب» (ص ١١٠) ليوسف بن عبدالهادي. وترجمته في «المقصد الأرشد»: (١/ ٩٢ - ٩٥)، و«المنهج الأحمد»: (٥/ ١٣٥ - ١٣٧) ولم يذكرا الكتاب.
(^٥) انظر «تاج التراجم»: (ص ٢٩٠).
المقدمة / 12
١٥ - أحمد بن محمد بن إسماعيل، أبو هاشم المصري الظاهري مذهبًا، التيميّ (^١)، المعروف بابن البرهان (ت ٧٩٨). له مسألة رفع اليدين في السجود (^٢). قال ابن ناصر الدين: له مصنف لطيف في رفع اليدين في الصلاة (^٣). قال السخاوي: أملاه وهو في الحبس بغير مطالعة، مما يدل على وفور اطلاعه.
١٦ - قاسم بن قطلوبغا زين الدين، وربما لقِّب الشرف، أبو العدل السودوني الحنفي (ت ٨٧٩)، أفرد مسألة رفع اليدين برسالة (^٤).
١٧ - يوسف بن إسكندر بن محمد أبو المحاسن، الحلبي، الحنفي (ت ٩٢٩). ألف رسالة في تقوية مذهب الإمام أبي حنيفة في عدم رفع اليدين قبل الركوع وبعده (^٥).
١٨ - عبد الرحمن بن عبد الكريم بن إبراهيم بن علي بن زياد الغيثي المقصري، الشافعي (ت ٩٧٥). من مؤلفاته: إثبات سنة رفع اليدين عند الإحرام والركوع والاعتدال والقيام من الركعتين (^٦).
١٩ - شهاب الدين الخفاجي (ت ١٠٦٩) له: النفحة القدسية في
_________
(^١) نسبة لابن تيمية، ونُسِب إليه لأنه ــ كما قال السخاوي ــ نظر في كلام ابن تيمية فغلب عليه، بحيث صار لا يعتقد أن أحدًا أعلم منه.
(^٢) انظر «الضوء اللامع»: (٢/ ٩٧).
(^٣) انظر «توضيح المشتبه»: (٦/ ٨).
(^٤) «الضوء اللامع»: (٦/ ١٨٧).
(^٥) «الكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة»: (١/ ١٩٧).
(^٦) «النور السافر عن أخبار القرن العاشر»: (ص ٣٠٩)
المقدمة / 13
حديث رواه السادة الحنفية وطعن فيه من خالفهم من السادة الشافعية (^١).
٢٠ - علي بن محمد بن عثمان الشمعة الشافعي (ت ١٢١٩). له رسالة في رفع اليدين في الصلاة، سماها: رفع التعدِّي عن رفع الأيدي (^٢).
٢١ - الشاة أبو إسحاق بن أبي الغوث الفاروقي (ت ١٢٣٤)، له رسالة «نور العينين في إثبات رفع اليدين»، كانت نسخة منه عند صاحب «عون المعبود» (^٣).
٢٢ - محمد إسماعيل بن عبدالغني بن وليّ الله الدِّهْلوي الهندي (ت ١٢٤٦). من مؤلفاته: تنوير العينين في إثبات رفع اليدين. طبع (^٤).
٢٣ - مجد الدين المؤيدي (ت ١٣٣٢) له: رفع الملام في رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام. مخطوطة باليمن (^٥).
٢٤ - محمد المكِّي ابن عزُّوز المالكي (ت ١٣٣٤) له: تنوير الحوالك في أنَّ رفع اليدين في الصلاة هو الرَّاجح من مذهب الإمام مالك (^٦).
٢٥ - أنور شاه الكشميري الحنفي (ت ١٣٥٢). له: نيل الفرقدين في
_________
(^١) له نسخة في المكتبة التيمورية ضمن مجموع رقم (٣٣١/ ١٤).
(^٢) «الأعلام»: (٥/ ١٩).
(^٣) انظر كتاب «حركة التأليف باللغة العربية في الإقليم الشمالي الهندي» (ص ١٦٦) للدكتور جميل أحمد.
(^٤) في الهند عام ١٢٩٩ هـ في (٤٨ ص)، وأخرى عام ١٣٧٤ هـ في (٣٦ ص). انظر «معجم المطبوعات العربية في شبه القارة الهندية»: (ص ٤٠٨ - ٤٠٩) للدكتور أحمد خان.
(^٥) ذكره الحبشي في «معجم الموضوعات المطروقة»: (١/ ٥٦٣) وترجمته في «هجر العلم»: (٣/ ١٢٠٥ - ١٢٠٦).
(^٦) ذكره في «إيضاح المكنون»: (١/ ٢٨، ٣٣٣).
المقدمة / 14
مسألة رفع اليدين، طبعت في (١٢٥) صفحة، ثم أردفها برسالة أخرى سماها: بسط اليدين لنيل الفرقدين في (٦٤) صفحة (^١).
٢٦ - مشتاق أحمد بن مخدوم بخش الحنفي (ت ١٣٦٠) له: قرة العين بتحقيق رفع اليدين (^٢).
٢٧ - يحيى بن محمد بن لُطْف المَعْمَري (ت ١٣٧٠) له: الكلم المتمم في وجوب الرفع والضم (^٣).
٢٨ - النقض والإبرام في عدم استحباب رفع اليدين في غير تكبيرة الإحرام. ذكره حاجي خليفة بلا نسبة (^٤).
٢٩ - التحقيق الراسخ في أن أحاديث الرفع ليس لها ناسخ. ذكره المباركفوري في «مرعاة المفاتيح» (^٥) قال: ولبعض شيوخنا تأليف مفرد مستقل في مسألة رفع اليدين وسماه.
٣٠ - حبيب الله السندي (ت ١٤٢٠) له رسالة سماها: الكشف عن كشف الرّين عن مسألة رفع اليدين (^٦).
٣١ - ابن زياد (؟) له: إثبات سنة رفع اليدين عند الإحرام والركوع (^٧).
_________
(^١) انظر مقدمة «التصريح بما تواتر في نزول المسيح» (ص ٣٠).
(^٢) «نزهة الخواطر»: (٣/ ١٣٨٠ - ط ابن حزم) للحسني.
(^٣) «هجر العلم ومعاقله في اليمن»: (٤/ ٢٠٨٨ - ٢٠٩٤) لشيخنا القاضي إسماعيل الأكوع ﵀.
(^٤) انظر «كشف الظنون»: (٢/ ١٩٧٥).
(^٥) «مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح»: (٣/ ٨٥).
(^٦) طبعت عام ١٤١٣ عن دار الكتاب والسنة في (١٣٦ صفحة).
(^٧) «معجم الموضوعات المطروقة»: (١/ ٥٦٣) للحبشي.
المقدمة / 15
مباحث دراسة الكتاب
* اسم الكتاب
غالب المصادر تنصُّ على أنّ اسم كتابنا هذا هو: (رفع اليدين في الصلاة). ذكر ذلك تلميذه زين الدين ابن رجب الحنبلي (٧٩٥) في «الذيل على طبقات الحنابلة»: (٥/ ١٧٥ - ط العثيمين)، ومعاصره خليل الصفدي (٧٦١) في كتابيه «الوافي بالوفيات»: (٢/ ١٩٦)، و«أعيان العصر»: (٤/ ٣٦٩) وقال عنه: «سفر متوسط»، فالظاهر أنه اطلع عليه. والسيوطي (٩١١) في «بغية الوعاة»: (١/ ٦٣)، والعليمي (٩٢٨) في «المنهج الأحمد»: (٥/ ٩٥)، والداوودي (٩٤٥) في «طبقات المفسرين»: (٢/ ٩٦)، وابن العماد في «شذرات الذهب»: (٦/ ١٧٠)، والحاج خليفة (١٠٦٧) في «كشف الظنون» (٩١١) (^١)، والقنوجي في «أبجد العلوم»: (٣/ ١٤٢).
واقْتَصَرَت بعضُ المصادر على تسميته بـ (رفع اليدين). كما في آخر نسخة الأصل التي بخطِّ أحد تلاميذ المصنِّف قال: «تمَّ كتاب رفع اليدين تأليف شيخنا الإمام العلامة شمس الدين ...» (^٢). وكما ذكر ابن رجب في
_________
(^١) وذكر قبل ذلك (ص ٩٠٩) كتاب «رفع التنزيل» ونسبه لابن القيم، وتَبِعه من نَقَل عنه، ولا يعدو أن يكون تصحيفًا عن «رفع اليدين».
(^٢) (ق ١٠٠). أما العنوان المكتوب على أول المخطوط (كتاب رفع اليدين في الصلاة) فهو بخط متأخر لأحد المطالعين أو ملاك النسخة. وسيأتي أن النسخة قد سقط منها عدة أوراق من أولها ذهبت بصفحة العنوان وما بعدها.
المقدمة / 16
«المنتقى من شيوخ والده شهاب الدين ابن رجب» (ص ١٠١)، والحافظ ابن حجر (٨٥٢) في «الدرر الكامنة»: (٣/ ٤٠٢)، والشوكاني (١٢٥٠) في «البدر الطالع»: (٢/ ١٤٤) ومادته من ابن حجر.
ولا يعدُّ هذا خلافًا في التسمية؛ إذ لا يعدو أن يكون إغفال قوله (في الصلاة) اختصارًا منهم للتسمية.
* تاريخ تأليفه
من المتيقَّن أن المؤلف قد كتب هذا الكتاب قبل سنة (٧٤٠)، وهو التاريخ الذي كُتِبت فيه نسخة الأصل كما ذكر ناسخها وهو من تلاميذه، ونقلها من خط ابن القيم نفسه. (وسيأتي نقل كلامه).
لكن لم أعثر على ما يفيد في تحديد التاريخ الذي ألفه فيه بدقة، ومن بعض القرائن قد نلمس ما يفيد في الأمر، فهناك مبحث طويل في الرد على ابن القطان الفاسي ذكره المصنف هنا (ص ١٥٢ - ١٥٤، ٢٢٥ - ٢٤١) وذكره أيضًا في كتابه الآخر «تهذيب سنن أبي داود»: (١/ ٣٥٤ - ٣٧٤) بالعبارات نفسها، وكتاب تهذيب السنن ألفه ابن القيم أيام مقامه في مكة المكرمة سنة (٧٣٢). فهل هو متقدم على هذا الكتاب؟ أو أن كتابنا متقدم عليه؟ الأمر محتمل لكني أميل إلى الأول؛ لأنه لو كان ألف هذا الكتاب أولًا لكان أشار في تهذيب السنن عند ذكر المسألة أنه قد أفرد فيها مصنّفًا خاصًّا.
وعليه فيكون تأريخ تأليفه بين سنتي (٧٣٢ و٧٤٠) والله أعلم.
المقدمة / 17
* إثبات نسبته للمؤلف
الكتاب ثابت النسبة لمؤلفه الإمام ابن القيم، وذلك من وجوه عديدة:
الأول: ما هو مكتوب في آخر نسخة الأصل، قال ناسخها في خاتمتها: «تمَّ كتاب «رفع اليدين» تأليف شيخنا الإمام العلامة شمس الدين أبي عبدالله محمد بن أبي بكر الزُّرعي المعروف بابن قيِّم الجوزية، أمتع الله بفوائده ورضي الله عنه، في يوم الاثنين منتصف شعبان سنة أربعين وسبعمائة بمدينة حلب حرسها الله تعالى وسائر بلاد الإسلام.
ونقلت هذه النسخة إلا يسيرًا منها وهو دون خمس ورقات من أصل المؤلف الذي بخطِّه، وقوبلت به» اهـ.
فأفادنا هذا النصُّ عدَّة أمور: أنها مكتوبة في حياة المؤلف في سنة (٧٤٠ هـ) أي قبل وفاته بأحد عشر عامًا، وأنّ كاتِبها من تلاميذه، ونقلها من نسخته التي بخطِّه. فهذه الأمور لو أردنا الاكتفاء بها في إثبات نسبة الكتاب للمؤلِّف لكفت، ولله الحمد.
الثاني: ذَكَر غالبُ من ترجم للمؤلف ــ سبقَ ذكرُهم عند الكلام على تسميته ــ أنّ له كتابًا بهذا العنوان، ووصفه تلميذه ابن رجب بأنَّه مجلَّد، ووصفه معاصره الصفديُّ بأنه مجلَّد متوسِّط، وهذا يوافق صفة الكتاب التي وصلت إلينا.
الثالث: أن بعض مباحث الكتاب متطابقة تمامًا مع ما في كتب الشيخ الأخرى، وذلك في عدة مواضع، نكتفي بذكر مثالين واضحين:
المقدمة / 18
الأول: عند كلام المصنِّف على حديث أبي حُميد السَّاعديّ (ص ١٥٢ - ١٥٤، ٢٢٥ - ٢٤١) وما أعلَّه به ابن القطّان الفاسي، وساق كلامه بطوله، ثم أجاب عنه بكلام مفصل طويل= فقد ذكر المصنف هذا المبحث بتمامه في كتابه الآخر «تهذيب سنن أبي داود»: (١/ ٣٥٤ - ٣٧٤). وقد استفدت من هذا المبحث فائدة مهمة؛ إذ وقع في نسختنا خرم في الورقتين (٨١، ٨٢) فاستفدنا تكملته من هذا الموضع.
الثاني: أنّ المؤلِّف (ص ١٦٧ - ١٧٨) تكلَّم على جملة من المسائل التي خالف فيها الصحابي ما رواه عن النبي ﷺ، وموقف الفقهاء منها= وذكر المصنف هذا المبحث بتمامه في كتابه «إعلام الموقعين عن رب العالمين»: (٤/ ٣٩٤ - ٤٠٩).
الرابع: أنه نقل عن شيخه أبي الحجَّاج يوسف بن عبدالرحمن المِزِّي (ت ٧٤٢) (كما في ص ١٩٤، ٢٠٦، ٢٣٦) وذلك من كتابه «تهذيب الكمال في أسماء الرجال»، وابن القيم ينقل عن شيخه المزِّي في كتبه الأخرى (كما في زاد المعاد: ١/ ٤٣٥، ٥/ ٧٢٢. والفروسية: ١٠، ٢٢٩. والوابل الصيب: ٢٨٦. وجلاء الأفهام: ٢٦، ٨١، ٢٨٨، وغيرها).
* * *
المقدمة / 19
* عرض موضوعات بالكتاب
- بدأ المؤلف كتابه بمقدمة ــ كما هي عادة المصنّفين ــ، لكنها ساقطة من أصلنا في نحو ثمان ورقات.
- تبدأ النسخة بذكر بقيَّة حُجج من قال بعدم رفع الأيدي (ص ٣ - ٤)، وبقي منها في نسختنا حُجَّتان فقط، والبقية مما أصابه التلف. وجملة ما ذكره المؤلف من حججهم سبع عشرة حجّةً، عرفنا عددها جميعًا من كلام المؤلف بعد ذلك في الرّدّ عليها واحدة واحدة بقوله: (وأما قولهم ... وأما حديث فلان ..) حتى استوفاها جميعًا بالذكر والنقض، فبلغت سبع عشرة حجة، وكانت آخر حُجَّتين منها هما اللتان بقيتا في نسختنا (^١).
- ثم ذكر أجوبة القائلين برفع الأيدي، فذكر أولًا الأحاديث التي اعتمد عليها القائلون بالرفع، وهي ثمانية وثلاثون حديثًا عن الصحابة ﵃، فسمَّاهم أولًا ثم ساق أحاديثهم بألفاظها، وذكر من أخرجها، وتكلم على درجتها من حيث القوَّة والضعف، ثم ذكر الموقوفات على الصحابة، وآثار السلف (ص ٤ - ٣٣).
- ثم أخذ في الجواب عن الأحاديث والحجج التي استدلَّ بها القائلون بعدم الرَّفع، فأجاب عنها حديثًا حديثًا، وحجّة حجّة، فأتى عليها
_________
(^١) وقد ذكرنا في أول الكتاب في حاشيته هذه الحجج الخمس عشرة السَّاقطة من نسختنا، وذلك من كلام المؤلف عندما ساقها للرد عليها، وسقناها بنحو سياقه وترتيبه لها.
المقدمة / 20
من جهة ثبوت الدليل، ومن جهة ثبوت الدلالة، وتكلم على أسانيدها ومتونها وعللها، حتى قارب كلامه المئة صفحة في هذه الطبعة (ص ٣٤ - ١٢٨)، فاستغرق هذا المبحث أكثر من ثلث الكتاب.
- وبعدما انتهى من ذلك العَرْض المُسهب، بدأ بذكر أجوبة القائلين بالخفض على أحاديث وحُجج القائلين بالرّفع، والكلام عليها واحدًا واحدًا، والكلام على الآثار التي استدلُّوا بها. (ص ١٢٨ - ١٥٦).
- ثم كرَّ بردود القائلين بالرَّفع على ما أورده القائلون بعدمه، والجواب عن تضعيفهم لأحاديث الرفع وإثبات صحَّتها. وقد استغرق هذا البحث أكثر من ثمانين صفحة في هذه الطبعة (ص ١٥٧ - ٢٤١).
وبهذا البحث يكون المؤلِّف قد انتهى من ذكر الخلاف في هذه المسألة، ومِن ذِكْر أدلَّة وحُجَج الفريقين، ونقاش كلِّ فريق لأدلة خصمه.
- ثم تطرَّق المؤلف لبعض المسائل الخلافية عند القائلين برفع الأيدي، فذكر أربعًا منها، وهي:
الأولى: من ذهب إلى الرفع عند الافتتاح والركوع والرفع منه وإذا قام من الثنتين (ص ٢٤١ - ٢٤٦).
الثانية: من استحبَّ الرفع عند كلّ خفضٍ ورفع (ص ٢٤٦ - ٢٤٧).
الثالثة: مذهب ابن حزم في وجوب رفع اليدين في تكبيرة الإحرام، وسنيّته فيما عداها. (٢٤٨ - ٢٥٥).
الرابعة: فيمن يرى الرَّفع كلَّه واجبًا. (ص ٢٥٥ - ٢٥٧).
المقدمة / 21
وختم بمسألة خامسة: في قولِ من أبطل الصلاة بالرفع، فَغَلا في خلاف السنة، والرّدّ عليه. (ص ٢٥٧ - ٢٥٨).
- ثم ختم المصنِّف كتابه بذكر ثماني عشرة مسألةً تتعلَّق بالرفع وكيفيته وابتدائه وانتهائه، وقال: إنَّه ذكرها ليكون الكتابُ جامعًا لأحكام هذه المسألة كافيًا في معناه. (ص ٢٥٨ - ٢٨٢).
تنبيه: في مركز جمعة الماجد رقم (٤٨٦٤) سؤال في رفع اليدين عند الركوع والرفع منه، في (٤) ورقات، كتب سنة (١٠٨٥) قال ناسخه في آخره: «انتهى ما وجدته معزوًّا إلى ابن القيّم». وقد اطلع أخي الأستاذ محمد عزير شمس على هذه الرسالة، ونقل لي أولها وآخرها، ومال إلى عدم صحة نسبتها لابن القيم ولا لشيخه. والله أعلم.
* * *
المقدمة / 22
* موارد الكتاب
ونشير هنا إلى أمرين:
١ - بعض المصادر نقل عنها المصنف كثيرًا بل كاد أن يستوعبها، كما في كتاب البخاري «رفع اليدين» (^١)، ومنها ما نقل منه نقولًا طويلة، كما نقل عن كتاب «اختلاف علي وابن مسعود» (ضمن كتاب الأم للشافعي) إذ نقل عنه نحو عشرين صفحة، ونقل عن ابن القطان صفحات، وأكثر النقل عن كتب ابن عبد البر.
٢ - بعض المصادر التي لم ينص عليها ذكرناها على الاحتمال (^٢).
يمكن تقسيم الموارد التي اعتمد عليها المؤلف إلى ثلاثة أقسام:
الأول: ما صرَّح باسمه.
الثاني: ما صرح باسم مؤلفه ولم ينص على كتابه.
الثالث: ما لم يصرح به، وعرف بالمقارنة والتطابق.
النوع الأول: وفيه الكتب الآتية:
_________
(^١) واعتمدت في العزو على الطبعة التي خرج أحاديثها الشيخ بديع الدين الراشدي السندي وسماه «جلاء العينين بتخريج روايات البخاري في جزء رفع اليدين» طبع دار ابن حزم الأولى ١٤١٦ هـ. وراجعت أيضًا للمقابلة عند الإشكال: نسخة الكتاب العتيقة النفيسة المحفوظة في المكتبة الظاهرية بدمشق، وهي نسخة قديمة كتبت قبل سنة ٤٥٠ هـ، وعليها ما لايحصى من السماعات والقراءات لكبار المحدثين.
(^٢) وانظر في بقية الملاحظات على الموارد مقدمة تحقيقي لكتاب «بدائع الفوائد»: (١/ ٤٥، ٥٣).
المقدمة / 23