من ذلك لما روي عن النبي ﷺ في وضوء الكلب (١)، وما أمر به من إراقة ما عده فيه الفأرة إذا كان مائعًا ويطرحها وما حولها إذا كان جامدًا (٢). قلت: هذا هو المعتمد عندي في تنجس القليل، وإن لم يتغير قال: ولنهيه ﷺ – (ق ٩ / أ) عن البول في الماء الدائم، وإن لم يغتسل فيه من جنابة (٣).قلت: وهذا عندي بالاعتضادي في المنع عن تنجس الماء في الجملة. قال: وأمره المستيقظ من منامه يغسل يده ثلاثًا قبل أن يدخلها الإناء؛ لأنه لا يدري أين باتت يده (٤). قلت: وهذا الاعتضاد الأول على بعض الاحتمالات. قال: فليس في جميع ذلك ما يغير لونًا أو طعمًا أو رائحة، وما كان من المياه في المصانع والغدران أو في مستنقع من الأرض وقعت فيه نجاسة نظر المستعمل في ذلك، فإن كان في غالب رأيه أن النجاسة لم يختلط بجميعه بكثرته توضأ من الجانب الذي هو ظاهر عنده في غالب رأيه، واجتنب الباقي؛ لأن هذين ماء نجس وطاهر يستعمل غالب رأيه في إصابة الطاهر منه وليس هذا تنجسًا بالماء بالشك؛ لأن هاهنا نجاسة حاصلة متيقنة وما كان قليلًا يحيط العلم أن النجاسة قد حصلت إلى جميعه، ولو كان ذلك في غالب رأيه لم يتوضأ منه، وإذا
_________
(١) لعله يشير إلى ما رواه الشيخان من حديث أبي هريرة ﵁ مرفوعا: " «إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه ثم ليغسله سبع مرار».
(٢) يشير إلى ما رواه أبو داود، وأحمد وغيرهما عن أبي هريرة ﵁ مرفوعا: «إذا وقعت الفأرة في السمن فإن كان جامدا فألقوها، وما حولها، وإن كان مائعا فلا تقربوه»، وقال الشيخ الأرناؤوط في هامش المسند: " متن الحديث صحيح، ورجاله إسناده ثقات رجال الشيخين، إلا أن معمرا قد أخطأ في إسناده إذ رواه عن ابن شهاب، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة، فقد خالفه أصحاب الزهري فرووه عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، عن ميمونة، وهو أصح، قاله البخاري والترمذي وأبو حاتم وغيرهم، وأخطأ في متنه فزاد فيه زيادة غريبة وهي: "وإن كان مائعا فلا تأكلوه" وانظر تفصيل ذلك في "تهذيب السنن" لابن القيم ٥/ ٣٣٦ - ٣٣٧ " وحديث ميمونة ﵂ عند البخاري ولفظه: أن رسول الله ﷺ: سئل عن فأرة سقطت في سمن، فقال: «ألقوها وما حولها فاطرحوه، وكلوا سمنكم».
(٣) غير محفوظ بهذا اللفظ كما سبق بيانه في صدر الرسالة.
(٤) يشير إلى ما رواه الشيخان من حديث أبي هريرة ﵁ مرفوعا: «إذا استيقظ أحدكم من نومه، فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا، فإنه لا يدري أين باتت يده».
1 / 32