وفي الصحيحين من حديث عبادة بن الصامت أنَّ النبيَّ ﵌ جمع قريشًا [١٧] ثم قال لهم: "أرأيتكم لو أخبرتُكم أن خيلًا بالوادي تريد أن تغير عليكم، أكنتم مصدِّقيَّ؟ " قالوا: نعم، ما جرّبنا عليك إلَّا صدقًا، قال: "فإني [ب ١٣] نذيرٌ لكم بين يدي عذابٍ شديدٍ". فقال أبو لهبٍ: تبًّا لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا؟ فنَزلت: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾ (^١) [المسد: ١].
وقال الله ﵎: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ١٤٦].
وقال جلَّ ثناؤه: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [الأنعام: ٢٠].
وقد تقدَّم بيان أن فرعون وقومه كانوا مستيقنين بصدق موسى ﵇، ومع ذلك كان منهم ما كان. وكان عمرو بن عبيد من زُهَّاد المسلمين وعُبَّادهم يُضْرَب به المثل في ذلك، حتى قال الخليفة المنصور العباسي في العُبّاد:
كلُّكم طالب صيد
كلُّكم يمشي رويد
غير عمرو بن عبيد