86

كان سوفخاتب يفكر في احتمالات أخرى فقال: ينبغي أن نحسب حساب عيد النيل، وهو لا يفصل بيننا وبينه سوى أيام معدودات، والحق أن قلبي لا يرتاح إلى حشد الآلاف من الشعب الغاضب في آبو.

فبادر طاهو قائلا: إننا نسيطر على آبو. - لا ريب في هذا، ولكن لا يجوز أن ننسى أنه في العيد الماضي تصاعدت بضعة هتافات خائنة، ولم يكن مولانا الملك قد حقق إرادته، فينبغي أن نتوقع هتافات أخرى أشد صراخا.

فقال الملك: إن الأمل معقود بعودة الرسول قبل العيد.

ولكن لم ينفك سوفخاتب يزن الأمور من وجهة نظره، فقال وكان يؤمن في قلبه باقتراح الحكام: سيأتي الرسول في القريب، وسيتلو رسالته على الملأ، ولا شك أن الكهنة الحائزين على عطف مولاهم، المتمتعين بما يعتقدون أنه حقهم، يكونون أعظم اطمئنانا إلى التعبئة وأشد حماسة، حتى إذا قبض مولاي على ناصية القوة، أملى إرادته، ولا راد لمشيئته.

وضاق الملك ذرعا برأي سوفخاتب، وأحس بوحشة في جناحه الخاص، فهرع إلى قصر بيجة الذي لا تلاحقه الوحشة إليه قط. وكانت رادوبيس تجهل ما دار في الاجتماع الأخير، فكانت أدنى إلى الطمأنينة منه، ولكنها لم تلق صعوبة في قراءة صفحة وجهه الحساس، والشعور بما يضطرم في قلبه من الغضب والسخط، واعتورها القلق ونظرت إليه متسائلة والكلام يضطرب خلف شفتيها مشفقا من الظهور، فقال متذمرا: أما علمت يا رادوبيس؟ إن الحكام والوزراء يشيرون علي برد الأراضي إلى الكهنة، والرضاء بالهزيمة؟

فتساءلت بانزعاج: ما الذي حثهم على إبداء هذه المشورة؟

فروى الملك ما قال الحكام، وما نصحوه به، وكانت تزداد انزعاجا وحزنا، وما تمالكت نفسها أن قالت: إن الجو يغبر ويظلم، وما حمل الحكام على المكاشفة بآرائهم إلا خطر فادح.

فقال الملك بازدراء: إن شعبي غاضب. - مولاي، إن الناس كالسفينة الضالة بلا سكان، تحملها الرياح كيفما تشاء.

فقال بوعيد مخيف: سأذهب ريحهم.

وعاودتها المخاوف والشكوك، وخانها صبرها في تلك اللحظة فقالت: ينبغي أن نستوصي بالحكمة، وأن نتراجع زمنا قصيرا مختارين، وإن يوم النصر لقريب.

ناپیژندل شوی مخ