فتفرس الرجل في وجهه دهشا وقال: أغاضب أنت ؟ لست كعهدي بك! - أنا غاضب .. كيف تنكرني أيها الجليل؟ أنا طاهو ربيب الحرب والقتال .. آه! كيف يصبر العالم على هذا السلام الثقيل؟ .. إن آلهة الموت عطشى ولا بد يوما أن أروي غلتها.
فهز سوفخاتب رأسه متوهما أنه عرف ما هنالك، ثم قال: آه! .. الآن فهمت أيها القائد، إنها خمر مريوط المعتقة.
فقال طاهو بحدة: كلا .. كلا .. الحق أني شربت كأسا من الدم. ثم تبين أنه دم إنسان شرير، فتسمم دمي، وزاد الأمر خطورة أني صادفت في طريقي إلى هنا رب الخير نائما في المرج، فأغمدت سيفي في قلبه .. هيا إلى القتال .. فالدم شراب الجندي الباسل.
فقال سوفخاتب ذاهلا. - إنها الخمر ولا شك، ويحسن بك أن تعود إلى قصرك في الحال.
ولكن طاهو هز رأسه استهانة وقال: الحذر الحذر أيها الرئيس، إياك والدم الفاسد؛ فهو السم بعينه، لقد انتهى صبر السلحفاة وسينقض الأسد.
قال ذلك ثم سار في طريقه لا يلوي على شيء، تاركا سوفخاتب في ذهول وغرابة.
فترة الانتظار
وكان القصر الفرعوني، وقصر بيجة، ودار الحكومة تنتظر أوبة الرسول بفارغ الصبر، ولكن في طمأنينة وثقة بالمستقبل، وكان كل يوم يدنو يدنيها من الفوز، ويدفئ صدرها بحرارة الأمل. وما كان لينقطع هذا الشعور الطيب الجميل، لولا أن وصلت إلى رئيس الوزراء رسالة خطيرة من رجال الكهنوت، وكان سوفخاتب يهمل أمثال هذه الرسالة، أو يقنع مضطرا بعرضها على الملكة، ولكنه وجد فيها معنى جديدا خطيرا، لم يشأ أن يتحمل تبعة إخفائه عن مولاه، ولو لاقى في سبيل ذلك بعض غضبه، فقابل فرعون وتلا عليه الرسالة، وكانت التماسا خطيرا موقعا عليه من جميع رجال الكهنوت، وعلى رأسه كهنة رع وآمون وبتاح وأبيس، يرجون مولاهم أن يرد أراضي المعابد إلى أصحابها الآلهة المعبودة التي توليه عنايتها، ويؤكدون أنهم ما كانوا يتقدمون بالتماسهم لو وجدوا من الأسباب ما يدعو إلى وجوب نزع الأراضي.
كان الخطاب قويا حازما، فغضب الملك، ومزقه إربا، ورمى به على أرض الحجرة وصاح: سوف أجيبهم بعد حين قليل.
فقال سوفخاتب: إنهم يلتسمون جماعة، وكانوا يلتمسون فرادى.
ناپیژندل شوی مخ