وقال سوفخاتب: يعتقد العامة يا مولاي أن النسر يتعشق الحسان، وأنه يخطف من العذارى من تهوي إليها نفسه، ويطير بها إلى قمم الجبال، فلعل هذا النسر عاشق هبط منف وابتاع الصندل لحبيبته، ثم خانه الحظ فأفلت من بين مخالبه، وسقط عند قدمي مولاي.
وجعل الملك يتأمله مسرورا منفعلا، ويقول: ترى كيف خطفه؟ .. أخشى أن يكون لإحدى ساكنات السماء.
فعاد سوفخاتب يقول باهتمام: أو لإحدى ساكنات الأرض يا مولاي، خلعته مع ثيابها على شاطئ بركة، وتعرت تستحم، فجاء النسر وخطفه. - ورمى به إلى حجري .. يا للعجب، لكأني به يعلم بحبي للحسان!
فابتسم سوفخاتب ابتسامة ذات معنى، وقال: أسعدت الآلهة أيامك يا مولاي.
وتبدت الأحلام في عيني الملك، وابتسمت أساريره، ولان جبينه، وتوردت وجنتاه، وكان ينظر إلى الصندل لا تفارقه عيناه، ويسائل نفسه: ترى من صاحبته؟ وما صورتها؟ وهل هي جميلة كصندلها؟ وكيف لا تدري أن صندلها سقط في حجر الملك؟ وما شأن الأقدار التي نصبته هدفا له؟ وعثر بصره بصورة منقوشة على باطنه، فقال وهو يشير إليها: ما أجمل هذه الصورة! .. إنه فارس وسيم، يقدم قلبه هدية على يده المبسوطة.
ووقعت هذه العبارة من قلب الرجلين موقع الانتباه الشديد فالتمعت أعينهما بنور خاطف، وتطلعا إلى الصندل باهتمام عظيم، وقال سوفخاتب: هل يتنازل مولاي عن الصندل لحظة؟
فأعطاهه، ونظر إليه كبير الحجاب، كما نظر إليه طاهو، ثم رده الرجل إلى الملك وهو يقول: صدق حدسي يا مولاي .. هذا صندل رادوبيس غانية بيجة الشهيرة.
فتساءل الملك قائلا: رادوبيس .. يا له من اسم جميل! .. من عسى أن تكون صاحبته؟!
وساور القلق قلب طاهو واختلجت عيناه فقال: هي راقصة يا مولاي يعرفها أهل الجنوب جميعا.
فابتسم فرعون وقال: ألسنا من أهل الجنوب؟ حقا إن الملوك قد تخترق أعينها سجف الأفق القصي، وتعمى عما يقع عليه ظلها.
ناپیژندل شوی مخ