[إيقاد السرج:] وأما إيقاد السرج، فإن الرواية لا تدل إلا على ذم الإسراج لمجرد إضاءة القبر، وأما الإسراج لإعانة الزائرين على التلاوة والصلاة والزيارة وغيرها، فلا دلالة في الرواية على ذمه.
وإن شئت توضيح ذلك فارجع إلى هذا المثل:
إنك لو أضعت شيئا عند قبر، فأسرجت هناك لطلب ضالتك، فهل في تلك الرواية دلالة على ذم هذا العمل؟!
فكذلك ما ذكرناه.
هذا، مع ما عرفت أن اللعن - حقيقة - هو البعد من الرحمة، ولا يستلزم الحرمة، فإن عمل المكروه - أيضا - مبعد من الله، كما أن فعل المستحب مقرب إليه عز وجل.
هذا، وذكر بعض العلماء في الجواب: أن المقصود من النهي عن اتخاذ القبور مساجد، أن لا تتخذ قبلة يصلى إليها باستقبال أي جهة منها، كما كان يفعله بعض أهل الملل الباطلة.
ومما يدل عليه ما رواه مسلم في " الصحيح ": عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصورة، أولئك شرار الخلق عند الله عز وجل يوم القيامة (117) .
وقال صلى الله عليه وسلم: لعن الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (118).
مخ ۷۸