العبد مأمورًا بالمقام في هذه الحال، وهي تُحمد من جهة انجذاب القلب إلى ربه، ومن جهة توجُّهه إليه وتألُّهه إيَّاه، ويسميها بعضُ الناس: الجمع الأول.
وطائفة من الناس جعلوا هذا المقام هو غاية السالكين، وأحسن منازل السائرين إلى الله، وقالوا: إن العبد حينئذٍ لا يستحسن حسنةً ولا يستقبح سيئةً، وهذا هو الغاية في كلام صاحب «منازل السائرين» الملقب بشيخ الإسلام من الإشارة إلى علو هذا المقام (^١)، ما (^٢) أنكره عليه حُذَّاق العارفين. ولهذا يعلل هؤلاء المحبَّة والتوكل وغيرهما، ويجعلون ذلك من مقامات العامة، ويجعلون مقام الخاصة مشاهدة الربوبية العامة والقيومية الشاملة. ولا يصلون إلى الفرق الثاني وهو حقيقة شهادة أن لا إله إلا الله، وأنه المعبود دون ما سواه، وأن إلهيته بأن نعبده، وعبادته بأن نطيعه، وطاعته بأن نطيع رسوله (^٣).
وهذا المقام مما حققه الجُنيد ﵁ وأمثاله من أئمة أهل الطريق الذين يُقتدى بهم، الذين يلاحظون الأمرَ والنهي كالشيخ عبد القادر (^٤) ونحوه من المتأخرين. وهؤلاء هم الذين قالوا: قدَمُنا هذا ــ أي طريقنا هذه ــ