الرد على الرافضة
مخ ۵۱۳
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله على كل حال (1).
زعمت الرافضة أنه لم يكن قرن من القرون خلا ، ولا أمة من الأمم الأولى ، إلا وفيها وصي نبي ، أو وصي وصي ، حجة لله قائمة عليهم ، وعالم بأحكامه (2) فيهم ، مفروضة عليهم طاعته ومعرفته ، ليس لأحد ممن معه في دهره حاله (3) ولا صفته ، لا يهتدي إلى الله أبدا من ضله ، ولا يعرف الله سبحانه أبدا من جهله.
فيسألون ولا قوة إلا بالله عن فترات الرسل في الأيام الماضية ، وما لم يزل فيها لا ينكره منكر ولا يجهله من الأمم الخالية ، هل خلت منها كلها فترة؟ وأمة منهم مستقلة أم مستكثرة!؟ من أن يكون فيها إمام هاد؟ حجة لله على من معه من العباد ، يعلم من حلال الله وحرامه ، وجميع ما حكم الله به في العباد من أحكامه ، ما يعلم من تقدمه وكان قبله ، من كل ما حكم الله به ونزله؟
فإن (4) قالوا : لا تخلو فترة من الفترات مضت ، ولا أمة من الأمم كلها التي خلت ، من أن يكون فيها إمام هاد على العباد لله حجة ، ليس بأحد معه إلى غيره من الخلق كلهم (5) حاجة محوجة ، في احتجاج بحق ولا تبيين ، ولا في حكم من أحكام الدين ، من نذارة لغي ولا ردى ، ولا تبصرة لرشد ولا هدى ، كما قالت الرافضة فلا حاجة إذا بعد آدم ، بأمة من الأمم ، إلى أن يبعث الله فيهم نبيا ، ولا يجدد لهم لرشده وحيا ، يعلمهم في دين الله علما ، ولا يحكم عليهم لله حكما ، ومن كان من ذلك وفيه ، ففضل لا فاقة بأحد إليه ، لأنه لا يبعث نبي في فترة ، ولا أمة مستقلة ولا مستكثرة ، إلا ووصيها فيها ، كاف في الحجة عليها ، مستغنى به عن التبصرة والتعريف ، وما حملها الله من فرض أو تكليف ، تامة به النعمة في الهدى من الله عليهم ، لعلمه بجميع أحكام الله
مخ ۵۱۵
سبحانه فيهم ، وفيما قالوا به من هذا القول ، الغنى عن كل نبي أو رسول ، جاء عن الله بنذارة لجاهل من عباده أو تعليم ، أو هداية لضال من خلقه أو تقويم.
وفي هذا من إكذاب كتاب الله ووحيه ، وخلاف خبره تبارك وتعالى على لسان نبيه ، ما لا خفاء به ولا فيه عن موحد ولا ملحد ، ولا خصم لد (1) أو لم يلد ، والله تبارك وتعالى يقول في إكذاب من قال بهذا القول عليه في كتابه ، بما لا يأباه مكابر مرتاب وإن عظمت بليته في ارتيابه ، قال الله سبحانه : ( ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الأولين ) (10) [الحجر : 10]. وقال سبحانه : ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) [النحل : 36]. وقال سبحانه : ( وإن من أمة إلا خلا فيها نذير (24) وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم جاءتهم رسلهم بالبينات وبالزبر وبالكتاب المنير (25)) [فاطر : 24 25]. وقال سبحانه : ( وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك وإلى الله ترجع الأمور (4)) [فاطر : 4] ، مع ما ذكر لا شريك له مما يكثر ، عن (2) أن نحصيه من تبعيثه في الماضين للرسل والنذر ، وما لم يزل يجدده من نعمه من ذلك في البشر ، لا يذكر سبحانه في ذلك كله وصيا ، ولا مما ذكرت الروافض في ذلك كله شيا ، ولو كان الهدى يصاب بغير كتب الله ورسله ، لعرف الله في ذلك بمنته (3) وفضله ، ولذكر حجته على عباده ، وما دلهم عليه به من رشاده ، كما قال سبحانه فيما أنعم به من وحيه ، ومن به فيه من أمره ونهيه : ( يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين (57)) [يونس : 57]. وقال سبحانه : ( يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا (174)) [النساء : 174]. مع ما يكثر في هذا ومثله ، من ذكر نعم الله فيه وفضله ، وكما قال سبحانه لرسوله ، صلى الله عليه وعلى أهله : ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين (107)) [الأنبياء : 107]. وقال سبحانه : ( لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم
مخ ۵۱۶
يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين (164)) [آل عمران : 164].
وكما قال سبحانه : ( يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا (45) وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا (46)) [الأحزاب : 45 46]. فذكر سبحانه منته على عباده ، برسوله وكتابه. وما ذكر في ذلك مما تقول الرافضة بحمد الله قليلا ولا كثيرا ، ولا أنه جعل غير رسوله كما جعله سراجا منيرا ، فنحمد الله على ما أفرد به رسوله صلى الله عليه وعلى أهله من التقدمة والتبيين ، إلى الدلالة به لعباده على كل رشد أو دين ، فهدى به في أيام حياته ، وقبل نزول حمامه (1) ووفاته ، خلقا كثيرا من خلقه ، ودلهم سبحانه على سبيل حقه ، وهو بينهم سوي حي ، ينزل عليه وهم معه أحياء الوحي ، ببيان (2) ما التبس عليهم ، وبما من الله به من بعث رسوله فيهم ، وقد أكمل لهم سبحانه قبل وفاته الدين ، وأبان لهم به (3) صلى الله عليه وعلى أهله التبيين ، بأنور دليل ، وأقوم سبيل ، وأبلغ حجة في هدى وتبصير ، وأهدى هداية تكون بنذارة أو تذكير.
وفيهم ما يقول سبحانه : ( وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم (101)) [آل عمران : 101]. وكما قال سبحانه : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) [المائدة : 3] ، خبرا منه سبحانه عن أنه قد بين لهم دينهم كله جميعا تبيينا ، ومن ذلك ما يقول سبحانه : ( فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين ) [الأنعام : 149]. وقوله سبحانه : ( وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم إن ربك هو أعلم بالمعتدين ) (119) [الأنعام : 119]. ويقول : ( يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا
مخ ۵۱۷
ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون (77) وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير (78)) [الحج : 77 78]. فجعلهم جميعا برحمته وفضله ، وإكرامه لآبائهم من أوليائه ورسله ، شهداء على خلقه وعباده ، وأمناءه في أرضه وبلاده.
وجعلهم سبحانه أئمة شهداء كما جعلهم ، وفضلهم من ولادة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام بما فضلهم ، فبفعلهم للخيرات ، وعملهم للصالحات ، في كل ما حكم به عليهم من فرضه ، وعدهم ما وعدهم من الاستخلاف لهم في أرضه ، وما وعدهم في ذلك من مواعيده ، وتكفل لهم به في الشكر عليه من مزيده.
وأخبر سبحانه بأصدق الخبر عن فسق من كفر منهم نعمه فيه ، ولم يؤد من شكره به ما يجب لله عليه ، فقال سبحانه : ( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون (55)) [النور : 55].
فمن لم يفعل من الإيمان ما فعلوا ، ويعمل من الصالحات كما عملوا ، فلم يجعل الله له (1) إيمانا ولا إسلاما ، فكيف يجعله الله في الهدى إماما؟! وإنما جعل الله الإمام من هدى بأمره ، وعرف بالجهاد في الله مكان صبره ، كما قال الله لرسوله ، صلى الله عليه وعلى آله : ( ولقد آتينا موسى الكتاب فلا تكن في مرية من لقائه وجعلناه هدى لبني إسرائيل (23) وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون (24)) [السجدة : 23 24].
مخ ۵۱۸
فكيف (1) يكون بالله موقنا أو معتصما ، أو عند الله مؤمنا أو مسلما ، من يشبه الله بصورة آدم ، وبما فيه من صور الشعر واللحم والدم؟ وأولئك فأصحاب هشام بن سالم (2).
أو كيف يكون كذلك من قال بقول ابن الحكم ، (3) وهو يقول : إن الله نور من
كان يتهم بالتجسيم ، ذكر ذلك عنه غير واحد من كتاب الفرق كالشهرستاني وغيره ، بل ذكره بذلك أصحابه الإمامية ، فقد روى الطوسي في رجال الكشي عن عبد الملك بن هشام الحناط ، قال : قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام أسألك جعلني الله فداك؟ قال : سل يا جبلي عما ذا تسألني؟
فقلت : جعلت فداك زعم هشام بن سالم أن الله عز وجل صورة ، وان آدم خلق على مثال الرب ، ويصف هذا ويصف هذا وأوميت إلى جانبي وشعر رأسي ، وزعم يونس مولى آل يقطين وهشام بن الحكم : أن الله شيء لا كالأشياء ، بائنة منه وهو بائن من الأشياء.
وزعما أن إثبات الشيء أن يقال : جسم فهو جسم لا كالأجسام ، شيء لا كالأشياء ، ثابت موجود غير مفقود ولا معدوم ، خارج من الحدين حد الإبطال وحد التشبيه ، فبأي القولين أقول؟
قال : فقال عليه السلام : أراد هذا الإثبات ، وهذا شبه ربه تعالى بمخلوق ، تعالى الله الذي ليس له شبيه ولا عدل ولا مثل ولا نظير ، ولا هو بصفة المخلوقين ، لا تقل بمثل ما قال هشام بن سالم ... إلخ. اختيار معرفة الرجال 2 / 567 (503).
وعلق المحقق على قول الأصل : وهشام من غلمان أبي شاكر الديصاني بقوله : وحكى السيد جمال الدين بن طاوس رحمه الله تعالى أيضا عن كتاب أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، أنه قال : هشام بن
مخ ۵۱۹
وفي أصول الكافي في باب النهي عن الجسم والصورة 1 / 104. عن علي بن أبي حمزة قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : سمعت هشام بن الحكم يروي عنكم أن الله جسم صمدي نوري ، معرفته ضرورة يمن بها على من يشاء من خلقه. فقال سبحان من لا يعلم أحد كيف هو إلا هو ، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، لا يحد ولا يحس ولا يجس ، ولا تدركه الحواس ، ولا يحيط به شيء ، ولا جسم ولا صورة ، ولا تخطيط ولا تحديد.
روى الكليني بسنده عن الحسن بن عبد الرحمن الحماني قال : (قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام : إن هشام بن الحكم زعم أن الله جسم ليس كمثله شيء ، عليم سميع بصير قادر متكلم ناطق ، والكلام والقدرة والعلم يجري مجرى واحدا ، ليس شيء منها مخلوقا. فقال : قاتله الله ، أما علم أن الجسم محدود والكلام غير المتكلم معاذ الله ، وأبرأ إلى الله من هذا القول لا جسم ولا صورة ...). الكافي 1 / 106.
وروى الكليني أيضا بسنده عن محمد بن الفرج الرحمي قال : (كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أسأل عما قال هشام بن الحكم في الجسم ، وهشام بن سالم في الصورة ، فكتب : دع عنك حيرة الحيران واستعذ بالله من الشيطان ، ليس القول ما قال الهشامان). الكافي 1 / 105. والصدوق في التوحيد / 97 ، والأمالي / 228.
وعن محمد بن حكيم قال : (وصفت لأبي إبراهيم عليه السلام قول هشام بن سالم الجواليقي ، وحكيت له قول هشام بن الحكم : أنه مجسم ، فقال : إن الله لا يشبهه شيء). الكافي 1 / 106 ، والصدوق في التوحيد / 97 ، وتنقيح المقال 3 / 294.
وعن يونس بن ظبيان قال : (دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقلت : إن هشام بن الحكم يقول قولا عظيما ، إلا أني أختصر لك منه أحرفا ، فزعم أن الله جسم لأن الأشياء شيئان جسم وفعل ، والجسم فلا يجوز أن يكون الصانع بمعنى الفعل ، ويجوز أن يكون بمعنى الفاعل. فقال أبو عبد الله عليه السلام : ويحه أما علم أن الجسم محدود متناه والصورة محدودة ومتناهية؟!). الكافي 1 / 106 ، والصدوق في التوحيد / 99.
وعن أبي علي بن راشد ، عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال : قلت : (جعلت فداك قد اختلف أصحابنا فأصلي خلف أصحاب هشام بن الحكم؟ فقال : يا أبا علي عليك بعلي بن حديد. قلت : فآخذ بقوله؟ فقال : نعم. فلقيت علي بن حديد فقلت له : نصلي خلف أصحاب هشام بن الحكم؟ قال : لا). رجال الكشي / 279 ، وصححه السيد بحر العلوم في الفوائد الرجالية 1 / 403 ، 404.
مخ ۵۲۰
الأنوار ، وإنه سبحانه حبة مسدسة المقدار ، وإنه يعلم بالحركات ويعقل ، وتحف به الأماكن وينتقل ، وتبدو له البدوات ، وتخلو منه السماوات. لأنهم يزعمون أنه على العرش دون ما سواه ، وأنه لا يبصر ما حجبت (1) عنه الحجب ولا يراه ، ويدنو لما يدنو له من الأشياء المشاهدة ، وينأى عما نأى عنه بالمباعدة ، فما نأى عنه فليس له شهيد ، وما قرب منها إليه فهو منه غير بعيد.
والله سبحانه يقول فيما وصف نفسه لعباده ، وما تعرف إليهم به من الصفات في كتابه : ( يوم يبعثهم الله جميعا فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه والله على كل شيء شهيد (6)) [المجادلة : 6]. وقال سبحانه : ( إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيء شهيد ) [الحج : 17]. وقال سبحانه : ( ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد (16)) [ق : 16]. وقال سبحانه : ( وهو الله في السماوات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون (3)) [الأنعام: 3]. أفما في هذا بيان قاتلهم الله أنى يؤفكون!!
وروى الكشي بسنده عن أحمد بن محمد ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : (أما كان لكم في أبي الحسن عظة؟ ما ترى حال هشام بن الحكم فهو الذي صنع بأبي الحسن ما صنع ، وقال لهم وأخبرهم ، أترى الله أن يغفر له ما ركب منا؟!). رجال الكشي / 278 ، تنقيح المقال 3 / 298.
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني : (هشام بن الحكم أبو محمد الشيباني من أهل الكوفة ، سكن بغداد وكان من كبار الرافضة ومشاهيرهم ، وكان مجسما يزعم أن ربه طوله سعة أشبار بشبر نفسه ، ويزعم أن علم الله محدث ، ذكر ذلك ابن حزم. وقال ابن قتيبة في مختلف الحديث : كان من الغلاة ، ويقول بالجبر الشديد ، ويبالغ في ذلك ، ويجوز المحال الذي لا يتردد في بطلانه ذو عقل ...). لسان الميزان 6 / 194. الطويل ولا عرضا غير العريض. وقالك ليس ذهابه في جهة الطول أزيد على ذهابه في جهة العرض ، وزعم أيضا أنه نور ساطع يتلألأ كالسبيكة الصافية من الفضة ، وكاللؤلؤة المستديرة من جميع جوانبها ، وزعم أيضا أنه ذو لون وطعم ورائحة ومجسة ، وأن لونه هو طعمه ، وطعمه هو رائحته ، ورائحته هو مجسته ، ولم يثبت لونا وطعما هما غير نفسه ، بل زعم أنه هو اللون وهو الطعم. ثم قال : قد كان الله ولا مكان ، ثم خلق المكان بأن تحرك فحث مكانه بحركته فصار فيه ، ومكانه هو العرش. وحكى بعضهم عن هشام أنه قال في معبوده أنه سبعة أشبار بشبر نفسه). الفرق بين الفرق / 65 68.
مخ ۵۲۱
مع ما بين في غير هذا من بعده عن شبه الأشياء ، من النور وغيره من كل ظلمة وضياء ، من ذلك قوله سبحانه : ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير (103)) [الأنعام : 103]. وقوله سبحانه : ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) [الشورى : 11]. وقوله جل جلاله ، عن أن يحويه قول أو يناله : ( ولم يكن له كفوا أحد (4)) [الإخلاص : 4] ، والكفؤ : فهو المثل والند. فلو كان كما قال هشام وأصحابه نورا وجسما ، أو كان كما قال ابن الحكم لحما أو دما ، لكانت أكفاؤه عددا ، وأمثاله سبحانه أشتاتا (1) بددا ، لأن الأنوار في نورها متكافية ، والأجسام في جسميتها متساوية ، وكذلك تكافؤ اللحم والدم ، كتكافؤ الجسمية كلها في الجسم ، ولو كان كما قال أصحاب النور نورا محسوسا ، لكانت الظلمة له ضدا ملموسا ، ولو كان بينهما كذلك لوقع بينهما ما يقع بين (2) الأضداد ، من التغالب والتنافي والفساد ، فسبحان من ليس له ند يكافيه ، ولا ضد من الأضداد ينافيه ، ( خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل (62)) [الزمر : 62].
وما قالت به الرافضة من هذا فقد تعلم (3) أن كثيرا منها لم يقصد فيه لما قصد ، أو يعتقد من الشرك بالله في قوله به ما اعتقد ، ألا وإن ما قالوا به في الله ، أشرك الشرك بالله ، فنعوذ بالله من الشرك بربوبيته ، والجهل لما تفرد به من وحدانيته.
هذا إلى (4) ما أتوا به من الضلال بقولهم في الوصية ، وما أعظموا على الله وعلى رسوله في ذلك من الدعوى والفرية ، التي ليس لهم بها في العقول حجة ولا برهان ، ولم ينزل بها من الله وحي ولا فرقان.
وما قالت به الرافضة في (5) الأوصياء من هذه المقالة فهو قول فرقة كافرة من أهل
مخ ۵۲۲
الهند يقال لهم البرهمية ، (1) تزعم أنها بإمامة آدم من كل رسول وهدى مكتفية ، وأن من ادعى بعده نبوة أو رسالة ، فقد ادعى دعوة كاذبة ضآلة ، وأنه أوصى بنبوته إلى شيث ، وأن شيئا أوصى إلى وصي (2) من ولده ، ثم يقودون وصيته بالأوصياء إليهم ، ولا أدري لعلهم يزعمون أن وصيته اليوم فيهم.
ولو كان الهدى في كل فترة كاملا موجودا ، ولم يكن إمام الهدى في كل أمة مفقودا ، لما جاز أن يقال لفترة من الفترات فترة ، ولا كانت للجاهلية في أمة من الأمم قهرة ، وقد ذكر الله لا شريك له أنه لم يرسل محمدا عليه السلام إذ أرسله ، ولم يرسل من أرسل من الرسل قبله ، إلا في أمة ضآلة غير مهتدية في دينها لحظها ، ولا مستحقة على الله بإصابة رشد (3) لحفظها ، ولكن رحمة (4) منه سبحانه لها وإن ضلت ، وإحسانا منه إليها في تعليمها إذ جهلت ، كما قال الله سبحانه : ( كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين ) [البقرة : 213] ، فأخبر أنهم كانوا ضالين غير مهتدين. ولو كان فيهم حينئذ وصي وأوصياء ، لكان فيهم يومئذ لله ولي وأولياء ، ولما جاز مع ذلك ، لو كان كذلك ، أن يقال لهم : أمة واحدة ، لأنهم فرق متضادة ، لا تجمعهم في الهدى كلمة ، ولكنهم في الضلال أمة.
وكما قال سبحانه في بعثته لمحمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( وما كنت
وطائفة تقول : بحدوث العالم ، وتعترف بوجود صانع حكيم ، ولكنها تنكر الرسل والكتب السماوية وترى أن لا واسطة بين الله تعالى وخلقه غير العقل.
وطائفة ثالثة تقول : بحدوث العالم ووجود الخالق ، ولكنها تؤمن بأن مدبرات العالم : الأفلاك السبعة (البروج الاثنا عشر)، ولا تزال هذه النحلة الباطلة قائمة في الهند يعتنقها الكثيرون من أبنائها.
ذكر بعض كتاب الملل والنحل أن من عقائدهم أنهم لا يأكلون البقر وأنهم يغتسلون ببولها. فلعلهم فرقة من الهندوس عباد البقر.
مخ ۵۲۳
بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون (46)) [القصص : 46]. فما ذكر سبحانه أنه كان فيهم يوم بعثته له إليهم ، ومنته بالهدى فيه عليهم ، مهتد واحد منهم بهداه ، ولا قائم بما هو الهدى من تقواه ، لا رسول ولا نبي ، ولا إمام ولا وصي ، حتى من تبارك وتعالى عليهم ، ببعثته لمحمد عليه السلام إليهم ، فأقام لهم به منار الهدى وأعلامها (1)، ونهج لهم سبل الحجج بأنوار أحكامها ، فبين به من ذلك كله ما كان درس (2) وهلك خفاتا ، وأحيى به صلى الله عليه وعلى آله ما كان مواتا ، توحدا منه سبحانه بالمنة فيه على خلقه ، وإفرادا لرسوله صلى الله عليه وعلى آله بالدلالة على حقه ، فلم يبق من هدى المحجوجين من العباد ، باقية بها إليهم حاجة من رشاد ، يكون بها لهم في دنياهم صلاح ، ولا لهم فيها عند الله فلاح ، إلا وقد جاء بها كتاب الله سبحانه منيرة مستقرة ، وكرر لا إله إلا هو بها فيه بعد تذكرة تذكرة ، إحسانا إليهم ورحمة ، وتذكرة لهم وعصمة ، ومظاهرة للنعمة فيهم وإسباغا ، واحتجاجا بكتابه عليهم وإبلاغا ، كما قال سبحانه : ( هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين (138)) [آل عمران : 138]. وقال سبحانه : ( هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون ) [الأعراف : 203].
فأين ذكر الرافضة في هذا وأمرها من ذكر الله وأمره ، وما بين سبحانه من إكذابهم فيما قالوا بخبره؟! فالله سبحانه يخبر أن كلهم كان ضالا فهداه ، وجاهلا بالهدى حتى علمه الله بمنة إياه ، كما قال سبحانه لبني آدم : ( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون (78)) [النحل : 78]. وقال سبحانه لرسوله : ( وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما ) [النساء : 113]. وقال سبحانه : ( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي
مخ ۵۲۴
ضلال مبين (2)) [الجمعة : 2].
وقال سبحانه : ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين (36)) [النحل : 36].
ولا يهدى أحد (1) أبدا إلا من ضلال ، ولا يهتدي من تركه الله في جهالته من الجهال ، والله سبحانه يخبر أنهم كلهم كانوا في ضلال وعمى ، قد كانوا جميعا جهلة بدينه لا علماء.
والرافضة تزعم أن قد كانت فيهم يومئذ الأوصياء ، وأنها قد كانت تعلم من الدين حينئذ ما كانت تعلمه الأنبياء ، ومن كان لبعض علم الهدى وارثا ، وكان هدى الأنبياء عليهم السلام له (2) تراثا ، كان بريا من الضلال ، وغير معدود في الجهال ، وإذا كان ذلك ، في الأوصياء كذلك ، وكانوا يزعمون أنهم إنما أخذوا هذا عن الكتاب وقبلوه ، وادعوا فيما قالوا به منه حكم الكتاب وتنحلوه ، (3) كان فيه للكتاب من التهجين ، ما يلحد فيه كل لعين ، شأنه تعطيل كل دين ، وتلبيس كل برهان مبين. لأن ما قالوا به من هذا فمن القول المتناقض المستحيل ، إذ وصفوا بعضهم بالهدى مع (4) وصفهم لكلهم بالتضليل ، لأن في أن يكون كلهم عميا ، دليل على أن لا يكون أحد منهم مهتديا ولا وصيا ، (5) وفي أن لا يكون منهم وصي ولا مهتدي ، (6) خبر عن أن كلهم ضال ردي ، وهذا فهو التناقض بعينه ، وما لا يحتاج كثير إلى تبيينه ، ولله الحمد في ذلك كله قبل غيره ، وبالله نستعين على ما أوجب بالهدى من إجلاله (7) وتكبيره.
مخ ۵۲۵
ومما يسأل عنه الرافضة إن شاء الله فيما يقولون به من الأوصياء ، أن يقال لهم : حدثونا عن النبي صلى الله عليه وآله ، أكان وصيا لمن كان قبله من الأنبياء؟
فإن قالوا : نعم. قد كان لمن قبله وصيا. كان أمرهم في المكابرة جليا ، ولم يخرجهم ذلك من كر المسألة إليهم ، وتوكيد الحجة بما في المكابرة عليهم.
فيقال لهم : حدثونا عن الوصي الذي أوصى إلى النبي عليه السلام بالوصية أمن أهل اللسان العربي؟ (1) كان؟ أم من أهل اللسان العجمي؟
فإن قالوا : إن من أوصى إليه ، صلوات الله ورضوانه [عليه] ، كان يومئذ وصيا عربيا ، زعموا أن الوصي حينئذ كان أميا ، لأن كل عربي كان حينئذ بغير شك أميا ، لأن الله لم ينزل عليهم يومئذ قرآنا ، ولم يفصل لهم حينئذ بوحي فرقانا ، ولم يكن يومئذ أحد من العرب رسولا نبيا ، يجوز أن يكون له أحد وصيا ، لأنه معلوم عند كل أحد من الأمم غير مجهول ، أنه لم يكن في العرب بعد عيسى صلى الله عليه رسول ، ولا مدع يومئذ وإن أبطل ، يدعي أن يكون نبيا قد أرسل.
فإن قالوا : فإن الوصي الذي أوصى إلى النبي صلى الله عليه كان أعجميا.
قيل : أو ليس قد كان يعلمه علمه وكان عليه السلام في علمه (2) به مقتديا؟!
فإذا قالوا : بلى. قيل (3) فإن الله تعالى يقول في ذلك بخلاف ما يقولونه ، ويخبر أنه لم يعلمه يومئذ بشر عربي ولا عجمي يعلمونه ولا يجهلونه ، قال الله سبحانه : ( ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين (103)) [النحل : 103]. فأخبر أن معلمه صلى الله عليه وآله غير أمي بأنه علمه بلسان عربي مبين. ولو كان الأمر كما تقول الرافضة في الإمامة والوصية ، لما خلا النبي عليه السلام فيما نسبت إلى عربية أو أعجمية ، من أن يكون قبل نبوته وبعثته ، وما وهبه الله بالرسالة من نعمته ، لم ير وصيا ولم يصل إليه ،
مخ ۵۲۶
ولم يعرفه ولم يستدل عليه ، فيكونوا هم اليوم أهدى منه يومئذ في معرفة وصيهم سبيلا ، أو يكون الله أقام لهم في معرفة الأوصياء ولم يقم له دليلا ، أو يزعمون أن قد لقي وصي عيسى صلى الله عليه ورآه ، (1) وكان مهتديا يومئذ بهداه ، من قبل مجيء رسالة الله إليه ، وقبل تنزيله سبحانه لوحيه عليه ، فيزعمون أن قد كان يومئذ مهتديا غير ضال ، وبريا قبل نبوته من جهل الجهال ، وعالما بجميع الإيمان ، فيكذبوا بذلك آيا من الفرقان ، منها قوله سبحانه: ( ووجدك ضالا فهدى (7)) [الليل : 15]. وقوله سبحانه في آية أخرى : ( وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم (52)) [الشورى : 52].
وقوله سبحانه : ( قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون (16)) [يونس : 16]. فهو صلى الله عليه وعلى آله لم يكن يدري ما الإيمان حتى أدري ، ولا يعلم عليه السلام ما الهدى حتى علم وهدي ، وبعض أئمتهم عندهم فقد علم ما الهدى والإيمان وهو وليد طفل ، ورسول الله صلى الله عليه لم يكن يعلمه حتى علمه الله إياه وهو رجل كهل.
فأي شنعة أشنع ، أو وحشة أفظع ، من هذا ومثله ، وما يلحق فيه بأهله ، من مزايلة كل حق ، ومخالفة كل صدق؟! فإن هم أبوا ما وصفنا لتفاحشه ، ولما يدخله من شنائع أواحشه (2)، فزعموا أنه لم يكن في الأمم ، لا في العرب منها ولا في العجم ، قبل بعثة النبي محمد عليه السلام ، وصي يعلم يومئذ ولا إمام ، ظل (3) رسول الله صلى الله عليه بجهله ، ولا أصاب الهدى يومئذ من قبله ، حتى آتاه الله هداه وأرشده ، وبصره سبيل الهدى وقصده ، كما فعل بأبيه إبراهيم صلى الله عليه فيما آتاه قبله من رشده ، ودله عليه من الهدى وقصده ، إذ يقول سبحانه : ( * ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل
مخ ۵۲۷
وكنا به عالمين (51)) [الأنبياء : 51]. ويقول فيه عند تلمسه ليقين المعرفة لرب العالمين : ( فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين (76) فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين (77) فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون (78) إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين (79)) [الأنعام : 76 79]. فقر به (1) صلوات الله عليه قرار اليقين ، في معرفة رب العالمين ، حين برئ عنده من مذموم الأفول والزوال ، وتصرف اختلاف التغيير والأحوال ، وما لا يكون من (2) ذلك إلا في الأمثال المتعادلة ، وأشباه الصنع المتماثلة ، التي جل الله سبحانه أن يكون بشيء (3) منها مثيلا ، أو يكون جل جلاله لشيء منها عديلا.
وفي مثل ذلك ما يقول سبحانه لمحمد صلى الله عليه ، مع إفضائه من يقين المعرفة إلى ما أفضى إليه : ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين (162) لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين (163) ) [الأنعام : 162 163]. فهو عليه السلام يخبر أنه أول أمته وقرنه ، ومن كان معه من أهل أيامه وزمنه ، بالله لا شريك له إسلاما وإيمانا ، [ومعرفة بالله وإيقانا] (4).
والله يخبر أن قد أرى إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين ، ولو كان معهما صلى الله عليهما يومئذ وصي لمرسلين ، لكان إسلام الوصي وإيمانه قبل إسلام إبراهيم ومحمد وإيمانهما ، ويقين الوصي بالله وعلمه قبل علمهما بالله وإيقانهما ،
مخ ۵۲۸
ولما جاز أن يقول محمد صلى الله عليه : ( وأنا أول المسلمين ) فيما قد سبقه غيره ممن معه (1) إليه ، وإبراهيم صلى الله عليه يطلب يومئذ المؤمنين ، ويلتمس حينئذ بالله جاهدا اليقين ، بحيلة كل محتال بفكره ، ويخاف الضلال عن الله مع (2) نظره ، ويقول : ( لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين )، ويقول للكواكب : ( هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين )، ومعه وصي أيامه ودهره ، لا يخطر على باله ولا نظره ، فلا يقع على شيء مما يجيل (3) بفكره.
والرافضة اليوم تزعم أنها قد تعلم أنه قد كان معه ، وصي يلزمه أن يعرفه بعينه ، ويعلمه ما يلزمها (4) اليوم من معرفة الوصي ، وما تدعي فيه من باطل الدعاوي ، فهي عند أنفسها تعلم من الأوصياء في دين الله ، ما لم يكن يعلمه منهم خليل الله ، وتهدى من الرشد فيه ، ما لم يهد الله خليله إليه. إلا أن تزعم أنه لم يكن مع إبراهيم وفي (5) أمته وصي يهديها ، فيكون في ذلك بطلان ما في أيديها ، وما يلزمها من هذا في إبراهيم ومحمد صلى الله عليهما ، فقد يلزمها في كثير من رسل الله معهما ، صلى الله على رسله وأنبيائه ، وزادهم الله فيما خصهم من كرامته واصطفائه.
وإمامهم اليوم فيما يزعمون ، وكما في إفكهم يقولون يدري ما كان رسول الله داريا ، ويدعو إلى ما كان إليه داعيا ، ودعوته (6) صلى الله عليه وآله كانت إلى الخير والهدى ، وتبيين ما كان يبين عليه السلام من الغي والردى ، وإنذار من أدبر عن الله يومئذ وأعرض ، وإعلام العباد بما حكم الله يومئذ وفرض.
مخ ۵۲۹
فهذه صفة رسول الله صلى الله عليه وآله وعلمه وفعله ونعته (1)، وقد يزعمون أن للإمام أحواله كلها (2) لا رسالته ، فأين صفة أئمتهم وأحوالهم من صفة النبي صلى الله عليه وعلى آله وأحوالها؟ وأين (3) ما نرى من أفعال أئمتهم قديما وحديثا فيما وصفنا كله من أفعاله!؟ لا أين ، وإن كابروا!!! وأقروا بخلاف ذلك أو لم يقروا ، أولا يعلم أنه إذا كان وصيهم غير نذير ، ولا مذكر بما أمر الله به من التذكير ، ولم يكن إلى ما دعا إليه الرسول عليه السلام داعيا ، كان عند من يؤمن بالله واليوم الآخر من الهدى بريا قاصيا ، وإذا لم يكن بما كان به رسول الله صلى الله عليه وعلى آله على من خالفه محتجا ، لم يكن منهجه عند من يؤمن بالله واليوم الآخر لرسول الله عليه السلام منهجا.
تم كتاب الرد على الرافضة والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على سيدنا محمد النبي وعلى آله وسلم تسليما كثيرا.
* * *
مخ ۵۳۰