وأنت تعلم أن اليهود لو أخذوا القرآن فترجموه بالعبرانية لأخرجوه من معانيه، ولحولوه عن وجوهه، وما ظنك بهم إذا ترجموا: " فلما آسفونا انتقمنا منهم "، و " لتصنع على عيني "، و " السموات مطوية بيمينه "، و " على العرش استوى "، و " ناضرة. إلى ربها ناظرة "، وقوله: " فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا "، و " كلم الله موسى تكليما "، و " جاء ربك والملك صفا صفا ".
وقد يعلم أن مفسري كتابنا وأصحاب التأويل منا أحسن معرفة، وأعلم بوجوه الكلام من اليهود، ومتأولي الكتاب، ونحن قد نجد في تفسيرهم ما لا يجوز على الله في صفته، ولا عند المتكلمين في مقاييسهم، ولا عند النحويين في عربيتهم. فما ظنك باليهود مع غباوتهم وغيهم، وقلة نظرهم وتقليدهم؟
وهذا باب قد غلطت فيه العرب أنفسها، وفصحاء أهل اللغة إذا غلطت قلوبها، وأخطأت عقولها، فكيف بغيرهم ممن لا يعلم كعلمها؟
سمع بعض العرب قول جميع العرب: " القلوب بيد الله "، وقولهم في الدعاء: " نواصينا بيد الله " وقوله جل ذكره: " بل يداه مبسوطتان "، وقولهم: " هذا من أيادي الله ونعمه عندنا " وقد كان من لغتهم أن الكف أيضا يد، كما أن النعمة يد، والقدرة يد، فغلط الشاعر فقال:
هون عليك فإن الأمور
بكف الإله مقاديرها
مخ ۳۳۷