وليس بحكيم من ابتذل نفسه في توقير عبده، ووضع من قدره في التوفر على غيره. وليس من الحكمة أن تحسن إلى عبدك بأن تسيء إلى نفسك، وتأتي من الفضل ما لا يجب بتضييع ما يجب. وكثير الحمد لا يقوم بقليل الذم، ولم يحمد الله ولم يعرف إلهيته من جوز عليه صفات البشر، ومناسبة الخلق، ومقاربة العباد.
وبعد، فلا يخلو المولى في رفع عبده وإكرامه من أحد أمرين:
إما أن يكون لا يقدر على كرامته إلا بهوان نفسه، ويكون على ذلك قادرا، مع وفارة العظمة، وتمام البهاء.
وإن كان لا يقدر على رفع قدر غيره إلا بأن ينقص من قدر نفسه فهذا هو العجز، وضيق الذرع.
وإن كان على ذلك قادرا فآثر ابتذال نفسه والحط من شرفه فهذا هو الجهل الذي لا يحتمل.
والوجهان عن الله جل جلاله منفيان.
مخ ۳۳۲