فإن قالوا: إنما قلنا من أجل أن الأول لا يجوز على الله تعالى، والثاني جائز عليه، والله لا يتكلم بكلام إلا ولذلك الكلام وجه إما أن يكون هو الأصل والمحمول عليه؛ وإما أن يكون هو الفرع والاشتقاق الذي تسميه العرب مجازا.
فإذا نظرنا في كلام الله وهو عندنا عادل غير جائر، وهو جل جلاله يقول: " صم بكم عمي فهم لا يعقلون " علمنا أنهم لو كانوا منقوصين غير وافرين، كانوا قد كلفوا ما لا يطيقون، والمكلف لعباده ما لا يطيقون جائر ظالم. فإذا كان لا يليق ذلك به علمنا أنهم قد كانوا وافرين غير عاجزين ولا منقوصين. وإذا كانوا كذلك، صار الواجب أن نحكم بالفرع والمجاز، وندع الأصل والمحمول عليه وقلنا: هم عمي وصم ولا يعقلون على أنهم تعاموا وتصاموا وعملوا عمل من لا يعقل.
فإذا قالوا ذلك قلنا لهم: فإنا لم نعد هذا المذهب في قوله: " ناضرة "، " وجاء ربك والملك صفا صفا " وفي قوله: " وهو الله في السموات وفي الأرض ".
وقد يقولون: جاءنا فلان بنفسه، ويقولون: جاءنا بولده، وجاءنا بخير كثير. وذلك على معان مختلفة.
مخ ۱۵