فإذا قالوا: نعم، قيل لهم: فإن رجلا لم يصل ولم يصم من شهر رمضان إلا يوما واحدا، أو ركعة واحدة في كل يوم وليله، هل كان يستطيع غير ذلك؟
فإن قالوا: نعم، تركوا قولهم. وإن قالوا: لا يستطيع. قيل لهم: أفتأمرونه بالصلاة والصيام وهو لا يستطيع ذلك؟ فإن قالوا: لا نأمره بشيء من ذلك؛ فقد أجازوا له ترك الصلاة والصيام. وإن قالوا: بل نأمره وإن كان غير مستطيع، خالفوا القول، وردوا كتاب الله؛ لأن الله يقول: {فاتقوا الله ما استطعتم} [البقره: 286]، ويقول:{لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} [البقره: 286]، ويقول: {لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها} [الطلاق: 7]، فقد كلفتموه ما لم يؤته ربه.
ثم يقال لهم: أرأيتم إنسانا قويا جلدا صحيحا، قال: لست أقدر على أن أصوم من شهر رمضان غير عشرة أيام(1)؟ ماذا كنتم تقولون له؟ وكذلك إن قال: لست أقدر على الصلاة.
فإن قالوا: نأمره بالصلاه والصوم، ونقول له أنت مطيق لذلك؛ تركوا قولهم؛ لأنه يقول لهم: إنما أمرني الله أن أعبده ما استطعت، فلست(2) أستطيع غير هذا، وأنتم تأمرونني أن أتعبد لربي(3) بما لا أستطيع، وأعبده بما لا أطيق، فأيكم أولى أن أقبل قوله أنتم أو ربي؟ لأن ربي لم يكلفني إلا ما أستطيع، وأنتم تكلفوني(4) ما لا أستطيع. وإن قالوا له: لا تصم ولا تصل، لأنك لا تستطيع كما قلت، ولو نزل عليك من الله الإستطاعه لفعلت؛ كانوا قد أباحوا للعباد ترك الصلاة والصيام، وهذا كفر بالله وشرك.
***
ثم يقال لهم(5): خبرونا عن قول الله تبارك وتعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} [آل عمران: 97]، ما هو السبيل عندكم؟
مخ ۵۳۶