ومما يسألون عنه مما لا يستطيعون رده من كتاب الله قول الله سبحانه: {إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم} [آل عمران: 155]، فيقال لمن زعم أنه لا يقدر عبد على فعل إلا بعد قضاء الله به عليه، وإدخاله إياه فيه، بالقضاء اللازم: أما تجد الله سبحانه يخبر أن توليهم عن النبي صلى الله عليه وآله كان من استزلال الشيطان؟ وأنه منهم ومنه، وأنتم تزعمون أنه من الله، وأنه قضى به عليهم وبالتولي، (ما تقولون: أقول الله أصدق (1)، أم قولكم؟ فإن زعموا أن قول الله أصدق؛ رجعوا عن قولهم وصاروا إلى العدل. وإن قالوا: إن قولهم أصدق) (2)؛ فقد كفروا بالله، وكذبوا على الله؛ لأن ربنا قد ذكر أن ذلك من عدو الله الشيطان، والقدرية تزعم أنه من الرحمن، وأن الشيطان منه بريء.
***
ومما يسألون عنه أن يقال لهم: خبرونا عن قول الله سبحانه: {ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم} [البقره: 101]. أفتقولون: إن هذا الحسد من عندالله، قضى به على الكفار أن يحسدوا المؤمنين على الإسلام؟ أم حسدا من عند أنفسهم يعاقبون عليه؟ فإن قالوا: هو من عندالله قضى به عليهم؛ برأوا الكفار من الذنب المذموم، وجعلوه لله دونهم، وقد قال الله تعالى خلاف ذلك، فقد كذبوا الله في قوله وكفروا به. وإن قالوا: هو من عند أنفسهم ومنهم لا من الله كما قال الله؛ خرجوا من الباطل (إلى الحق) (3)، ورجعوا إلى العدل.
***
مخ ۵۴۸