ومما يسألون عنه أن يقال لهم: خبرونا عن قول الله سبحانه: {قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها} [الشمس: 910]، نبئونا عن المزكي والمدسي من هو؟ واحد هو أو اثنان؟ فإن قالوا: الله زكاها ودساها؛ قيل لهم: إن الله قد ذم من دساها، أتقولون: إنه ذم نفسه، أم ذم غيره؟ فإن قالوا: ذم غيره؛ خرجوا بذلك من قولهم: إن الله جبر العباد على أفعالهم، وقضى بها عليهم؛ إذ أثبتوا أن العبد مذموم على فعله، لا على قضاء ربه. وإن قالوا: بل ذم نفسه؛ إذ هو القاضي على المدسي بالتدسية، فهو الفاعل بالعبد الحامل له على التدسية، لا أن العبد حمل نفسه؛ كفروا بقولهم، ونسبوا إلى الله الذم لنفسه؛ على فعله لعباده.
***
ومما يسألون عنه أن يقال لهم: أخبرونا عن قول الله سبحانه: {ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك} [النساء: 79]، فيقال لهم: قد نجد الله سبحانه قد أخبر أن السيئات أفعال العباد لا من فعله، أفتقولون: إنه كما قال الله سبحانه أم لا؟ فإن قالوا: بل هو كما قال الله؛ خرجوا من الجبر، وتركوا قولهم بالباطل. وإن قالوا: هو على غير (قول) (1) الله كفروا بالله.
***
مخ ۵۴۶