[أسئلة إلى المجبرة]
ونحن سآئلون بعد ذلك، وبالله نستعين، مع أن في المسألة آيات كثيرة مما قد دل الله العباد، وبين لهم أنهم يشاءون ويريدون، ويرضون ويحبون.
فأما المشيئة فقال: { اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير } [فصلت:40]. وقال:{ ما أسألكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا } [الفرقان: 57].
فأما الإرادة فقال: { منكم من يريد الدنيا، ومنكم من يريد الآخرة } [آل عمران: 152].
وأما الرضى، فقال: { رضي الله عنهم، ورضوا عنه } [المائدة: 119].
وأما المحبة، فقال: { يحبون من هاجر إليهم } [الحشر: 9]. وفي ذلك آيات كثيرة مما لم نذكره.
ثم يقال لمن زعم أن الله خلق أكثر خلقه ليعبدوا غيره: ما حجتك وما برهانك على ما ادعيت من ذلك ؟ أبكتاب الله ما قلت ؟! أم بسنة ؟ أم بقياس ؟
فإن ادعا حجة من الكتاب.
سئل ؟
فإن قال: قلت: يقول الله:{ ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس } [الأعراف:179].
يقال له: إنا لم نسألك عما أجبت، وإنما سألناك عن قولك: خلق الله أكثر خلقه ليعبدوا غيره، فمن زعم أن الله خلق أكثر خلقه للكفر والمعصية، فلا يجد إلى ذلك سبيلا. مع أن لقوله:{ ولقد ذرأنا لجنهم كثيرا من الجن والإنس }. تأويل عدل الله، وإنما ذرأ لجهنم من عصاه، وابتغى غير سبيله، فجعلهم ذرو جهنم، جزاء بما كانوا يكسبون، ويعملون.
ثم يسأل عن قوله سبحانه:{ وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } [الذاريات: 56] ؟ فإن زعم أن ذلك خاص في المؤمنين ! سئل عن الحجة في ذلك والدليل على ما قال ؟ ثم يعارض، فيقال له: إذا زعمت أن ذلك خآص، ثم زعمتم أن قوله:{ يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا } [الأعراف: 158]. فإن كان خآصا إلى المؤمنين، والمؤمنون قد آمنوا، فما معنى قوله: آمنوا، وقد آمنوا ؟! فلا يجدون وجه الآية أبدا إلا قول الحق خآصا في المؤمنين، دون الكافرين، ولا يجدون فرقا في ذلك.
مخ ۳۷۵