بسم الله الرّحمن الرّحيم
[مقدمة المؤلف]
الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له. ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمدا عبده ورسوله ﷺ تسليما. بعثه الله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا. وأنزل عليه الكتاب بالحق مصدّقا لما بين يديه من الكتاب، ومهيمنا عليه. وأكمل له ولأمته الدين، وأتمّ عليهم النعمة، وجعلهم خير أمة أخرجت للناس. وإن أعظم نعمة أنعم الله بها على رسوله ﷺ كتاب الله الذي لا تفنى عجائبه، ولا يحاط بمعجزاته. وقد أوتي ﷺ هذا الكتاب ومثله معه من السنّة التي كان ينزل بها جبريل على النبي ﷺ كما كان ينزل بالقرآن فيعلمه إياها كما يعلمه القرآن «١»، فالذي بلّغه للناس ﷺ من آيات ربه وما ثبت عنه في الصحيح من سنّته الشريفة ليس عن هوى النفس، كما أنه ليس من الظن كحال الذين هم له مخالفون، بل هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى [النجم: ٤ - ١٢] أيها الجاهلون، وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ [سبأ: ٦] فهم له يتبعون. فلهذا كان أفضل الخلق وأقربهم من اتبع لرسول الله ﷺ. وأضلهم وأشقاهم من كان أبعد عن ذلك، وهم الأخسرون. وقد يتفق من يكون فيه معرفة لبعض ما جاء به، لكن لم يتّبعه فيكون مشابها لليهود، ومن كان
_________
(١) كما جاء في الأثر: «كان جبريل ينزل على رسول الله ﵌ بالسنة، كما ينزل بالقرآن، يعلمه إياها كما يعلمه القرآن».
أخرجه الدارمي في «سننه» (١/ ١٥٣/ ٥٨٨) وأبو داود في «المراسيل» ص ٣٦١ رقم (٥٣٦) والبغدادي في «الفقيه والمتفقه» (١/ ٢٦٦ - ٢٦٧/ ٢٦٨ - ٢٧٠) واللالكائي في «شرح أصول الاعتقاد» (١/ ٩٣/ ٩٩) وابن نصر المروزي في «السنة» (٢٨، ١١٦).
من طريق: الأوزاعي عن حسان بن عطية مرسلا.
وقال الحافظ في «فتح الباري» (٣/ ٣٥٠): «أخرجه البيهقي بسند صحيح».
وصحّح إسناده العلامة الألباني- ﵀ في كتاب «الإيمان» لشيخ الإسلام ص ٣٦.
1 / 10