220

رب الثوره

رب الثورة: أوزيريس وعقيدة الخلود في مصر القديمة

ژانرونه

وإن هذه الأدعية التي يعترف فيها الإنسان بشروره فعلا، ولا يتنصل منها كانت خطوة رائعة، سجلها العقل الجماهيري المصري عن قناعة بما يقول وبما يؤمن، فعندما ظهرت بدعة الحساب والعذاب، في ظل السلطان الملكي، أمكنه التغلب عليها بصكوك الغفران، ولكن بعد مرحلة تطورية طويلة، دخلت فيها مصر عدة محن؛ محنة عصر الإقطاع الثاني، والثورة الثانية، وغزو الهكسوس، بدأت تظهر هذه القيم الخلقية الرائعة، بعيدا عن سلطان الحكومة، فظهرت كأبدع ما تكون بعد أن جاءت بقناعة وتفهم، ودون جبر من سلطان، حتى أصبح المصري القديم يرى خطاياه حاجزا بينه وبين ربه، وهذا كان من الشقاء إلى الحد الذي دفعه ليسجل المتن المذكور، وبذلك أخذت فكرة القرب من الإله مكانها الكبير، بجوار فكرة النعيم السماوي، ولم يعد الإنسان يطلب فقط البعد عن العذاب والحصول على النعيم، بل والقرب من الإله بإرضائه ورضاه.

وكان لهذا التطور أثره في فكرة المحاكمة؛ فقد جاء في بردية آني، اعترافات غاية في السمو الخلقي، فها هو يقول لربه أوزير: «إني لم أنطق كذبا «على علم مني»، وإذا كان ذلك قد فرط مني، «فإني لن أكرره ثانية»، دعني أكن من أصحاب الحظوة، من أتباعك.»

73

ويعلق برستد على هذا التطور بقوله: «قد أضفى مذهب أوزير على الأخلاق الفاضلة قوة عظيمة في نظر الشعب، ومع أن بابه كان مفتوحا على مصراعيه ليدخله الناس، فإنه كان من واجب الجميع أن يبرهنوا على أهليتهم لرضاء الإله أوزير من الناحية الخلقية.»

74

بل وجاء في بردية آني ما يشير إلى شهادة جوارح الإنسان عليه في الحساب إن هو حاول كذبا أو تلفيقا، ففي البردية «يدخل آني وزوجته القاعة التي يقرر فيها المصير، مطأطئ الرأس بهيئة تدل على الخضوع، ويطالب أنوبيس في الحال بقلب آني، والإشارة الهيروغليفية التي تدل على القلب ... موضوعة في إحدى كفتي الميزان، كما نرى في الكفة الأخرى ريشة، وهي الرمز الهيروغليفي الدال على الصدق أو العدالة أو الحق، ويخاطب آني قلبه في هذه اللحظة قائلا: يا قلبي الخاص بكياني، لا تقف شاهدا ضدي، ولا تعارض في المجلس، ولا تكونن حربا علي أمام رب الموازين، ولا تدعن اسمي يصير منتن الرائحة في المحكمة، ولا تقولن ضدي زورا في حضرة الإله.»

75

وبعد أن يعترف آني بذنوبه طالبا الرحمة، وبوزن القلب مع الريشة، أو الحسنات مع السيئات، يقول أوزير: «اسمع أنت هذه الكلمة بالحق، إني قد حاسبت قلب أوزير آني، إن روحه شاهدة عليه، وأخلاقه قد وجدت مستقيمة على حسب ما أظهره الميزان العظيم، ولم يوجد له أي ذنب، فيجيب الآلهة التسعة على الفور: ما أحسن ذلك الذي يخرج من فيك العادل! وقد شهد ذلك أوزير آني المبرأ من الذنوب، إنه ليس له ذنب، فلم نجد أنه قد اقترف شرا، وبعد أن يحكم له بهذا الحكم، يقود حور بن أوزيريس آني المحظوظ ويقدمه إلى أوزير، حيث يقول له في الوقت نفسه: إني آت إليك يا وننفر أوزير، وإني أحضرت لك أوزير آني، إن قلبه المحق يخرج من الميزان وليست له خطيئة، في أي إله أو إلهة، لقد حاسبه تحوت كتابة، وقد شهدت له الآلهة التسعة

76

شهادة عادلة جدا ...»

ناپیژندل شوی مخ