215

رب الثوره

رب الثورة: أوزيريس وعقيدة الخلود في مصر القديمة

ژانرونه

وبالمنطق الذي تمليه الأحداث، ويوحي به النص؛ يمكن الزعم بأنه رغم وضع الملكية لمبدأ الحساب، كترهيب وترغيب للقوى الشعبية، فقد ظل إيمان الجماهير بأوزير وقيامته من الموتى، شفيعا كفيلا بضمان الخلود، والخروج من الحساب بالبراءة، وقد استطاع الكهان أن يستغلوا هذا الفهم ويدعموه، كطريقة «للكسب المقدس»، فباعوا للجماهير هذه الاعترافات الإنكارية أو صكوك الغفران - إن جاز التعبير - لينال بها الميت ما يريده من سعادة في عالمه الآخر، فمسخت عملية الحساب، ولما يمض على ظهورها بعد وقت قصير.

وفي ظل الملكية الجديدة، أخذت فكرة الحساب في النمو والتطور، وحتى لا يصبح مجرد الإيمان بأوزير، وسيلة سهلة لدخول الجميع إلى عالمه الخالد؛ فقد بدأت المتون تتحدث عمن لا يخرج بريئا من الحساب، ورغم التضارب في مصير المذنبين، فقد وضح أنها كانت كلها مصائر مما لا يبهج أو يسر، فمن «لم تثبت براءته، فإنه لا يدخل مملكة أوزيريس، ويظل في قبره يضنيه الجوع والعطش، أو يلتهمه ملتهم الموتى»

59

أو قد يمزقه قضاة المحكمة بسيوفهم،

60

أو قد ينتهي أمر الروح المذنبة، بالإلقاء «في العذاب، وفي النهاية تباد»،

61

وقد يقول أوزير للمذنب: «اذهب عني أيها الشرير إلى الجحيم؛ لتلاقي أشد أنواع العذاب! أيها القضاة، اقتلوه بسيوفكم، وتغذوا الآن من لحمه، وأنتن أيتها الأرواح الشريرة، اضربنه بالحديد، واحرقنه بالنار، وأنت يا عمعم الوحش المفترس، قطعه إربا، وتغذ من أحشائه، فليفن جسمك أيها الخاطئ، ولتعدم نفسك، وليشطب اسمك من سفر الحياة، وقد جعلتك غنيمة للأفاعي، وفريسة للوحوش الضارية! وأنتم يا زبانية جهنم، اسحبوه على وجهه إلى الجحيم، واقطعوا رأسه على خشبة العار، ومزقوا جسده كل ممزق، وألقوه في أتون النار.»

62

وهكذا جاءت المحاولات الترهيبية للخاطئين، ولم يعد كافيا أن يؤمن الإنسان بأوزير لينال سعادة الدار الآخرة، فأوزير بذاته سوف يطرده من حضرته، ويحكم عليه بصنوف وأشكال متعددة من العذاب، إذا كان خاطئا.

ناپیژندل شوی مخ