ولقد بلغ من خذلان الله لكم أن تظل طائراتكم - وهي تعد بالآلاف - جاثمة في أفاحيصها - مطاراتها - التي تعد بالمئات، في انتظار الطائرات البريطانية التي تصبحها وتمسيها كل يوم، حتى إذا أصلتها ضربا أو تمزيقا، وأوسعتها تدميرا وتحريقا، عادت إلى حظائرها وكأنها لم تعان غزوا، ولم تلاق عدوا!
أفتراك يا ماريشال، قد تعهدت للإنجليز بأن تعينهم على تمرين طياريهم في إصابة الأهداف وتسديد المرامي، فنثرت لهم الطيارات في كل مطار؛ ليتعلموا فيها الرماية في كل ليل وفي كل نهار؟
ألا خبرني بعيشك؟ لماذا حشدت كل هذه الجيوش؟ وهي لا تضطلع من أعباء الحرب بأكثر من التسليم! ولماذا أقمت كل تلك الحصون؟ وهي لم تقم بأكثر من تفتيح الأبواب للغازي المغير! ولم أرصدت كل هاتيك الموبقات الفواتك من آلات الحروب؟ إذ هي لم تصنع أكثر من أن تعد نفسها غنيمة للعدو باردة برود الثلج!
ثم ماذا كنت تصنع أنت يا ماريشال؟
لم يسمع أحد قط أنك قمت بهجمة، أو تحركت لاتقاء صدمة، أو أمددت فيلقا رق حبله، أو أنجدت جيشا انهد حيله!
أتراك قد جئت إلى شمال أفريقيا لتتفرج في هذه الحرب، لا شأن لك بوضع خطة، أو تدبير مكيدة أو سن منهج أو إصدار أمر أو المشورة، ولو ساعة الضيق برأي؟
صدقني يا ماريشال فنحن أهل الجنة لا نكذب أبدا صدقني إذا قلت لك: إنك لو كنت ماريشالا في رواية مسرحية وجرى في أحداثها بعض هذا الذي يجري في لوبيا، لكان لك من الأثر في عالم الحقيقة أكثر مما رأى العالم منك في هذه الحرب، إذ لم يكن أقل من أن يصدع الماريشال الممثل كرسيا، أو يكسر طبقا أو يمزق ولو بأسنانه ستارا!
صدقني يا ماريشال إنك لو كان في موضعك هر لصارع أو حمام لدافع وقارع، أو طفل لنضح أو جدي لنطح!
على أنك لم تصنع شيئا من ذلك قط يا حضرة الماريشال الغازي الفاتح العظيم.
جرزياني لقد قتلتني مرة واحدة، وها أنت ذا تذوق أمر ألوان القتل كل يوم عشرين مرة!
ناپیژندل شوی مخ