كائنة مَا كَانَت يُقَال لَهَا شَيْء سَوَاء كَانَت من الْأَفْعَال أَو الْأَقْوَال أَو مضمرات الْقُلُوب، أَو الخواطر الْوَارِدَة على العَبْد أَو التروك للمعاصي الَّتِي هِيَ ضد لفعلها.
قَالَ الطوفي: " الْأَمر بالفرائض جازم، وَيَقَع بِتَرْكِهَا المعاقبة بِخِلَاف النَّفْل فِي الْأَمريْنِ وَإِن اشْترك مَعَ الْفَرَائِض فِي تَحْصِيل الثَّوَاب فَكَانَت الْفَرَائِض أكمل، فَلِذَا كَانَت أحب إِلَى الله وَأَشد تقربًا.
فالفرض كالأصل والأس، وَالنَّفْل كالفرع وَالْبناء، وَفِي الْإِتْيَان بالفرائض على الْوَجْه الْمَأْمُور بِهِ امْتِثَال الْأَمر واحترامه وتعظيمه بالانقياد إِلَيْهِ وَإِظْهَار عَظمَة الربوبية وذل الْعُبُودِيَّة فَكَانَ التَّقَرُّب بذلك أعظم الْعَمَل.
وَالَّذِي يُؤَدِّي الْفَرْض قد يَفْعَله خوفًا من الْعقُوبَة، ومؤدي النَّفْل لَا يَفْعَله إِلَّا إيثارًا للْخدمَة فيجازى بالمحبة الَّتِي هِيَ غَايَة مَطْلُوب من يتَقرَّب بخدمته انْتهى.
قلت: إِذا كَانَ أَدَاء الْفَرَائِض أعظم الْعَمَل لتِلْك الْعِلَل الَّتِي ذكرهَا من امْتِثَال الْأَمر واحترامه وتعظيمه، وَإِظْهَار عَظمَة الربوبية وذل الْعُبُودِيَّة كَانَ ثَوَابهَا أَكثر، وَالْجَزَاء عَلَيْهَا أعظم، وَلَا يُخَالِفهُ مَا ذكره من أَن العَبْد لَا يفعل النَّفْل إِلَّا إيثارًا للْخدمَة وَأَنه يجازى بالمحبة فَذَلِك سَببه وُقُوع التَّقَرُّب مِنْهُ بِمَا لم يُوجِبهُ الله عَلَيْهِ، وَإِن كَانَ الثَّوَاب عَلَيْهِ دون ثَوَاب الْفَرَائِض، وَسَيَأْتِي لهَذَا مزِيد تَحْقِيق عِنْد الْكَلَام على قَوْله أحبته.