263

قوت القلوب

قوت القلوب

پوهندوی

د. عاصم إبراهيم الكيالي

خپرندوی

دار الكتب العلمية - بيروت

د ایډیشن شمېره

الثانية

د چاپ کال

١٤٢٦ هـ -٢٠٠٥ م

د خپرونکي ځای

لبنان

ژانرونه

ادب
تصوف
وكان أبو سليمان الداراني رحمه الله تعالى يقول: من تزوّج أو كتب الحديث أو طلب معاشًا فقد ركن إلى الدنيا، وقال بعض هذه الطائفة: كل من أدرك العلوم غير العلم بالله ﷿ فقد استدرك والذي أدرك العلم بالله فقدتدورك ثم تلاقوله تعالى: (لَوْلا أنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌمِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالعراءِ) القلم: ٤٩، أي تدورك بعلم المعرفة لطرح في بعد الهوى والعرا البعد وعلم المعقول بعد إلى جنب علم اليقين، وقال أيضًا في فهم قوله تعالى: (وَلَوْلا أنْ ثَبَّتْناكَ لقَدْكِدْتَ تَرْكنُ إليْهِمْ) الإسراء: ٧٤ أي ثبتناك بالمعرفة لقد كدت تسكن إلى علوم العقل. وقال سهل بن عبد الله رحمه الله تعالى في قوله ﷿: (واجْعِلْ لي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطانًا نَصيرًا) الإسراء: ٨٠ قال لسانًا ينطق عنك لاعن سواك وفضل العلم بالله ﷿ والعلم بالإيمان وعلم اليقين على العلم بالأحكام والقضايا كفضل المشاهدة على الخبر، وقد قال الرسول ﷺ: ليس الخبر كالمعاينة، وفي لفظ آخر: ليس الخبر كالمعاين، وقد روى عياض بن غنم عن النبي ﷺ: في تفسير قوله ﷿: (أَلْهاكُمُ التَّكاثُر) (عِلْمَ الْيَقينِ) التكاثر: ١ - ٥، كرأي العين، وفي هذا الخبر أن من خيار أمتي قومًا يضحكون جهرًا من سعة رحمة ربهم ويبكون سرًا من خوف عذابه أقدامهم في الأرض وقلوبهم في السماء أرواحهم في الدنيا وعقولهم في الآخرة يمشون بالسكينة ويتقربون بالوسيلة، فالفتيا هي الأخبار والاستفتاء هو الاستخبار، ومنه قوله تعالى: (فاسْتفتِهِمْ) الصافات: ١١ وقوله تعالى: (وَيَسْتَفْتُونَكَ) النساء: ١٢٧ أي يستخبرونك، فعلم الخبر قد يدخله الظن والشك والمشاهدة ترفع الظن وتزيل الشك كما قال تعالى: (ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رأى) النجم: ١١ فأثبت الرؤية للقلب بالعين فرؤية القلب هو اليقين وذو القلب هو الموقن، وقال النبي ﷺ: كفى باليقين غنى ففي علم اليقين غنية عن جميع العلوم لأنه حقيقة العلم وخالصه وليس في جميع العلوم غنى عن علم اليقين ولأن الفقر بالشك والحاجة إلى اليقين في علم التوحيد وعلم الإيمان أشد من الفقر بالحاجة إلى علوم الفتيا وغيرها فلذلك صار الغني باليقين أعظم من الاستغناء بسائر العلوم ففي هذا العلم مثل من فاتحة الكتاب إلى سائر القرآن. كما روي عن النبي ﷺ فاتحة الكتاب تجزي من كل القرآن وليس القرآن كله يجزي من فاتحة الكتاب، فكذلك مثل العلم بالله ﷿ إلى العلم بما سواه، ففي العلم بالله تعالى عوض من كل العلوم، وليس في سائر العلوم عوض من العلم بالله ﷿ من حيث كان في الله تعالى عوض به عن كل ما سواه، وكل علم موقوف على معلومه فعلم اليقين معلومه الله تعالى ففضله كفضل الله تعالى على ما سواه، وقد قال بعض الحكماء في معنى ما ذكرناه: من عرف الله تعالى فماذا جهل ومن جهل الله تعالى فماذا عرف؟ فالعلماء بالله تعالى هم ورثة الأنبياء لأنهم ورثوا عنهم الدلالة على الله تعالى فماذا عرف؟ فالعلماء بالله تعالى هم ورثة الأنبياءلأنهم ورثوا عنهم الدلالة على الله تعالى والدعوة إليه

1 / 269