5
فرأيت ثمة رجلا آخر،
قبعته في يده.
ولنعرض بعد هذه الأسطر مباشرة مقطوعة من أجدر الشعر بالإعجاب، وأعني بها مقطوعة «الأطفال في الغابة»:
هؤلاء الأيفاع الجميلون، متشابكة أيديهم،
أخذوا يطوفون في غدو ورواح،
ولكنهم لم يروا بعد إنسانا
يدنو إليهم من المدينة.
فأنت في هاتين المقطوعتين لا ترى الألفاظ وترتيبها يختلفان في شيء عن الحديث السائر غير المشبوب بالعاطفة، وترى في كلا المقطوعتين ألفاظا مثل «ستراند» و«المدينة» مما يرتبط في الذهن بأكثر الخواطر ابتذالا، ومع ذلك فلا يسعنا إزاء إحداهما إلا أن نبدي إعجابنا الشديد، وإزاء الأخرى إلا أن نعترف بأنها مثل واضح للشعر المزدرى، فمن أين جاء هذا الفرق بين المقطوعتين؟ إنه لم يجئ من الوزن ولا من العبارة ولا من ترتيب الألفاظ، ولكنه المعنى الذي عبر عنه الدكتور جونسون في مقطوعته هو الذي يتصف بالضعة. ولعل أقوم طريقة لنقد الأشعار التافهة الحقيرة، التي سقنا مقطوعة الدكتور جونسون مثلا لها، ليست أن نقول إن هذا نوع رديء من الشعر، أو أن نقول ليس هذا من الشعر في شيء، بل أن نقول إنه خلو من المعنى؛ فليس هو شعرا شائقا في حد ذاته، ولا هو يؤدي إلى شيء شائق؛ فالخيال في مثل هذا الشعر لا يستمد أصوله من المشاعر المبصرة التي تنشأ من التفكير، ولا هو يثير في القارئ تفكيرا أو شعورا؛ تلك هي الطريقة المعقولة الوحيدة لنقد مثل هذه الأشعار، فلماذا تجهد نفسك في مناقشة النوع قبل أن تقضي أولا برأي قاطع في الجنس؟ لماذا تكلف نفسك عناء البرهنة على أن القرد لا يضارع «نيوتن
Newton »، مع أنه بداهة ليس إنسانا؟
ناپیژندل شوی مخ