ولكنه في أعماقه حزين حزين، يطارده الشعور بالسقوط، وسألنا مرة: ما أعذب أمل في حياتي؟
فأجابه حمادة ساخرا: أن يموت الزعيم أو يقتل!
ولكنه أجاب نفسه قائلا: إنه الموت، إني أود الموت وأستجديه.
وسكت حتى انتهت احتجاجاتنا، ثم قال: لولا درية، أو لولا درية ونبيلة لانتحرت، يمنعني حبي لهما وخجلي منهما.
فقال له إسماعيل قدري: سيبقى شعرك القديم شامخا ويغفر لك ما تأخر.
وقال صادق صفوان: وهل من الإجرام أن يدفع إنسان عن نفسه غائلة الجوع والفقر؟!
وتردد قليلا، ثم قال بصراحته الطيبة: وكيف تعد أعمالك الأخيرة هابطة؟! إنها في نظري كأعمالك الأولى في جمالها إن لم تزد!
وكابد وهو يقترب من السبعين اضطرابا في البول غير حميد، فاكتشف الأطباء خللا في البروستاتا، ووصفوا له علاجا كتجربة فإن لم تفلح فلا مناص من الجراحة، واستقبل المرض باستهانة ظاهرة، وتمتم برجاء: لعلها النهاية.
وذات ليلة ونحن راجعون من السهرة قال صادق: ما رأيكم؟ إني أفكر في أن أقترح على طاهر تطليق زوجته أنوار؟
فسأله إسماعيل عن السبب فقال: إن لم يبادر هو فستسبقه إلى ذلك وتضاعف من شجونه، هل تتصورون أن تعيش فتاة في سنها في تلك البلاد بلا قلب؟ - ألا يضيف الاقتراح إلى أحزانه حزنا جديدا؟ - كلا، لقد خرجت من حياته إلى الأبد.
ناپیژندل شوی مخ