وأسفنا لهذه الأخبار، وعجبنا لحظ صديقنا الطيب الذي لا يدري كيف ينعم براحة البال، وقال لنا: إنها من النوع الذي يحب أن يفرض شخصيته على من حوله.
ولما استمرت الحال أو ازدادت سوءا اتهمها بأنها تشعر بأنها متقدمة عليه في التعليم، وضايقه ذلك فقال: إنها متعلمة ولكنها ضيقة الأفق، لا ثقافة لها، وجاهلة بالشئون العامة، لا تعرف الفرق بين النحاس وصدقي، ولكنه الغرور.
أدركنا أنه أساء الاختيار، وتصورنا أنها واثقة من رغبته فيها فهي تستغل ذلك استغلالا سيئا يدل على سوء التقدير والتصرف، ولكن صاحبنا لم ييأس، فكان يقول لنا: الأيام كفيلة بإصلاح الأخطاء.
ولكنه ينبسط ليلة ويكفهر ليلة. ويضيق صدره فيروح عن نفسه قائلا: هي أحسن النساء لو هذبت طبعها، لم أحدثكم عن إسرافها، أنفق عليها أضعاف ما أنفق على بيتي الآخر بما فيه التزامات الأولاد، في بيتها طاهية ، تريد شراء كل ما يبهرها في السوق، تحب أن تزور وأن تزار، إذا دعوتها بلطف أن تستقر في بيتها اتهمتني بأني أريد أن أحبسها وأنني رجل بعيد عن العصر، أنا لا يهمني المصروف، وأرحب بأي مساعدة تقدمها لأمها، ولكنني لا أشعر بعد ذلك كله بأنني أستحق ولو كلمة شكر.
وسأله طاهر: أما زلت تحبها؟
فأجاب باستسلام: الحقيقة أني أحبها.
فقال حمادة الحلواني: أنت تاجر خبير ماهر ولكنك رجل بيت طيب، لم تنكشف طبيعتك مع إحسان هانم لأنها أطيب منك، ولكن الأمر مختلف مع هذه السيدة.
وسأله إسماعيل: ألا تتذكر ما قدمته لها عند الزواج؟ - نسي كل شيء، وطبعا لا أفكر أبدا في تذكيرها به.
فقال حمادة ساخرا: المرأة متكبرة، جاحدة، لا فرق في ذلك بين سيدة وبغي.
ويعتبر إقامته في بيت إحسان استراحة بين المتاعب. اعتادت إحسان الحياة الجديدة وربما وجدت فيها راحة من نوع معين يناسبها، إن تكن ثمة متاعب في بيت إحسان فهي تحوم حول إبراهيم وصبري، مع تفوقهما في المرحلة الثانوية يزدادان استقلالا، وانطلاقا بعيدا عن البيت، ويتساءل هو ويتساءل، ويتذكر أيامه وأيامنا حين مراهقتنا ويسأل الله السلامة. ودعاهما لمصاحبته في صلاة الجمعة في جامع سيدي الكردي فلبى صبري وتهرب إبراهيم، وتساءل أيضا من سيخلفه في عمله أو يعاونه فيه، ولكن المال لم يسحرهما، ولا أسعدهما أن يكون رأفت باشا الزين قريبهما، وكل يوم يمضي يتضح معه أن إبراهيم يرفض كل شيء، كل حزب وكل هيئة، وأنه لا يعفي أحدا من اتهامه، فماذا يريد؟ على الأقل صبري يعيد لدرجة ما سيرة أبيه في التدين، فثمة زمام يمكن أن يقوده منه، وقال له إسماعيل: الولدان ممتازان فاقنع بذلك واسعد.
ناپیژندل شوی مخ