حمادة الحلواني يواصل حياته بين السراي والعوامة وخان الخليلي، وأضاف إلى تنقلاته بين المذاهب تنقلا جديدا بين المحور والحلفاء، فليلة يكون مع المحور، يشرح بحماس النازية وفلسفتها العنصرية متابعا جذورها إلى أعمق أعماق الجنس الآري، وليلة يكون مع الحلفاء مؤيدا للديمقراطية، منوها بثوراتها التاريخية وما أهدته إلى الإنسانية من مبادئ الحرية والمساواة والإخاء. وقد اشترى سيارة فورد من طراز حديث ليؤمن نفسه ضد الظلام وجنود الحلفاء الذين أخذوا يزحمون الشوارع، وتشكى قائلا: الويسكي يختفي، والحشيش ترتفع أسعاره، والنساء بصفة عامة يفضلن الجنود على المدنيين، فأي ميزة تبقى لنا كأمة غير محاربة؟!
فقال له إسماعيل: سوف تنشب الحرب فوق أرضنا.
ولكنه قال ضاحكا: كلما اقترب الموت انفجرت لذة الحياة.
وطاهر عبيد تحسنت أحواله المادية، ودعي أكثر من مرة لتأليف أغان للأفلام، وانتقلت حماته إلى رحمة الله في أعقاب إصابتها بالتهاب رئوي، فجدد أثاث الحجرتين بأن جعل إحداهما للمعيشة والسفرة والأخرى مكتبة، وقال له صادق مرة: لو زرت فيلا بين السرايات ومعك درية لغزت البنت القلوب المغلقة!
فقال طاهر بإشفاق: أخاف ألا تستقبل درية بما هي أهل له من المودة فيتغير قلبي من ناحية والدي اللذين ما زلت أحبهما. - ولكن للحفيد سحرا لا يقاوم.
فقال طاهر ضاحكا: إنك لا تعرف والدي كما أعرفهما.
وفي تلك الفترة أقلعت رئيفة عن ممارسة عملها وقنعت راضية بوظيفة ست البيت، ولكنها حافظت بمهارة وإصرار على رشاقتها، وبدافع من حبها واعتزازها بزوجها عودت نفسها على النظر في الجريدة والمجلة.
أما صادق صفوان فله حكاية لم نطلع على أسرارها إلا حين تمت فصولها، يبدو لنا دائما رجلا مجدا ذا جاذبية خاصة لزبائنه بما طبع عليه من حلاوة في الخلق والخلق. أجل إن مشكلة إحسان تزمن مع الأيام وهو يحاول مسايرتها دون إخفاء لكدره وهمه، غير أنه في ذات ليلة قرر أن يبوح لنا بسره فقال: الحرب شر لا شك في ذلك ولكنها لا تخلو من خير!
ودهشنا لقوله، وتساءل طاهر مداعبا: هل تتفلسف على آخر الزمن؟
أما الحكاية فترجع بدايتها إلى اليوم الذي تولى فيه هتلر الحكم، وفي إحدى زياراته لرأفت باشا الزين قال الباشا: الحرب قادمة آجلا أو عاجلا.
ناپیژندل شوی مخ