غلافه من الخارج يدل على أنه كتاب تاريخ، وقد غطي به لإخفاء عنوانه الحقيقي وهو رجوع الشيخ. ونصحنا بقراءته سرا. تبادلناه واحدا بعد الآخر. مررنا بسرعة على أبوابه لنقع في قبضة حكاياته، أججت نيراننا وأمدتها بوقود من العفاريت. ولما تأكد الصباغ من ضياع العقول شرع يحدث عن حي البغاء، وسأله صادق ذاهلا: والحكومة تعلم؟
فأجاب نبرة خبير: الحكومة تعطي الرخص وتحفظ الأمن بالمكان.
ويوم الخميس عدلنا عن سينما المنظر الجميل إلى كلوت بك ، تقدم وسرنا خلفه ونحن من الدهشة في غاية ومن الخوف في نهاية، هذه البيوت القديمة مرصعة مداخلها بالنساء من كل شكل ولون، وهمس حمادة: ما أشد الزحام.
فقال صادق: لنرجع بسرعة قبل أن نفتضح!
وقال الصباغ ساخرا: هل يتوقع أحدكم أن يقابل أباه هنا؟ .. كل زبون هنا في حاله، تقدموا ولا تكونوا جبناء .. اختاروا وبسرعة.
ووجدنا أن الاختفاء في بيت أخف من البقاء وسط الجمهور، والتقينا عند رأس الطريق ونحن نتبادل نظرات باهتة ولزمنا الصمت حتى جمعتنا مائدتنا في قشتمر، ونفد صبر كل واحد في معرفة ما وقع للآخرين، وكان صادق أول المعترفين: الأولى والأخيرة. - لماذا؟ - من ناحية الجمال لا بأس بها، الحجرة على البلاط، فراش ومرآة وكنبة قديمة، أشارت إلى طبق ساج فوق الكنبة وطلبت بقلة ذوق أن أضع النقود، وضعت النقود، وبسرعة نزعت الفستان الأحمر عن جسم عار، استلقت مشيرة بيدها إشارة تدل على السرعة، أنا بردت وكأني ما عرفت الشهوة، قلت بأدب: أشكرك أنا ذاهب، فجلست وهي تقول: مع السلامة .. أعوذ بالله .. هي الأولى والأخيرة.
روحنا عن أنفسنا بالضحك فتشجع طاهر وقال: وجدت فلاحة على ذقنها وشم باسمة الثغر، اتجهت نحوها فسبقتني إلى السلم، لم أهتم بالحجرة، قالت لي: أنت مثل البغل رغم صغر سنك، وضحكت فضحكت ولكني تضايقت، وبردت كما برد صادق، وشعرت بغربة شديدة، وسرعان ما تغير رأيي فقلت لها: لا مؤاخذة أنا غير مستعد هذه المرة، فقالت: أنت حر ولكن لا بد من الدفع، فدفعت القروش وأسرعت نحو الباب وهي تقول لي: لك قفا يغري بالصفع، فزدت من سرعتي كالهارب.
وضحكنا طويلا، وقال صادق: الأولى والأخيرة أيضا؟
ولكنه لم يجب، وقال حمادة الحلواني: تجربة موفقة من حسن الحظ، أعجبتني عيناها، وكانت مؤدبة ومشجعة، تركتني أحضنها ونحن واقفان، وتم كل شيء بسرعة .. لا بأس!
واتجهت الأبصار نحو إسماعيل قدري ونحن نتوقع أفضل النتائج بوصفه صاحب الخبرة الوحيد فينا، وضحك أكثر من عادته وقال: فتاتي صغيرة السن والجسم مقبولة، ولما ضمتنا الحجرة معا دخلت امرأة بين الأربعين والخمسين، ضخمة الجسم قوية الشخصية، فهرعت إليها الفتاة بأدب ودار بينهما تهامس عن العمل غالبا ثم غادرت الحجرة، وأصارحكم بأني رغبت في المرأة التي لم يفسدها الكبر بعد، وبجرأة قلت للفتاة: إنني أريد المرأة، فدهشت وقالت: إنها المعلمة وليست لذلك. فطلبت منها أن تبلغها رغبتي، فترددت قليلا ثم ذهبت. وما لبثت المرأة أن دخلت وأغلقت الباب وهي تقول بصوت غليظ: ادفع الضعف. فقلت لها: إنني لا أملك إلا عشرة قروش. فلم ترفض وضممتها إلي وذراعاي لا تحيطان بها من جسامتها، وكنت في غاية الانبساط.
ناپیژندل شوی مخ