وهذا حكم الأشياء بعد البعثة، وأما قبل البعثة فليس هناك حكم
شرعي يتعلق بشيء لانتفاء الرسول المبين للأحكام (¬1).
[فصل في الاستصحاب]
ومن الأدلة المختلف فيها الاستصحاب، ولما كان الاستصحاب له معنيان أحدهما متفق على قبوله أشار إليه بقوله:
(ومعنى استصحاب الحال الذي يحتج به) عند عدم الدليل الشرعي كما سيأتي (أن يستصحب الأصل)، أي العدم الأصلي (عند عدم الدليل الشرعي)، إذا لم يجده المجتهد بعد البحث عنه بقدر طاقته.
كأن لم يجد دليلا على وجوب صوم رجب فيقول: لا يجب؛ لاستصحاب الأصل، أي العدم الأصلي.
وعلى وجوب صلاة زائدة على الخمس فإن الأصل عدمه.
وأما الاستصحاب بالمعنى الثاني المختلف فيه وهو ثبوت أمر في الزمان الثاني لثبوته في الأول، فهو حجة عند المالكية والشافعية دون الحنفية.
ولما فرغ من ذكر الأدلة شرع في بيان الترجيح بينها فقال:
[فصل في ترتيب الأدلة]
(وأما الأدلة فيقدم الجلي) منها (على الخفي)، وذلك كالظاهر على المؤول، واللفظ في معناه الحقيقي على معناه المجازى.
(و) يقدم الدليل (الموجب للعلم على) الدليل (الموجب للظن)، فيقدم المتواتر على الآحاد، إلا أن يكون الأول عاما فيخص به كما تقدم في تخصيص الكتاب بالسنة.
ويقدم (النطق) أي النص من كتاب أو سنة (على القياس)، إلا أن يكون النطق عاما فيخص بالقياس كما تقدم (¬2).
مخ ۵۷