Qurrat Uyun al-Akhyar: Takmilah Radd al-Muhtar ala al-Durr al-Mukhtar Sharh Tanwir al-Absar
قرة عيون الأخيار: تكملة رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار
خپرندوی
دار الفكر
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
۱۴۱۵ ه.ق
د خپرونکي ځای
بيروت
ژانرونه
حنفي فقه
أَقُول: الظَّاهِر أَنَّ مُرَادَهُمْ التَّحْرِيمُ مُطْلَقًا وَسَدُّ الْبَابِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَإِلَّا فَالْحُرْمَةُ عِنْدَ قَصْدِ اللَّهْوِ لَيْسَتْ مَحَلَّ الْخِلَافِ بَلْ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا كَمَا مَرَّ وَيَأْتِي: يَعْنِي لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ قَصْدَ اللَّهْوِ لَا التَّقَوِّي عَلَى الطَّاعَةِ مُنِعُوا مِنْ ذَلِكَ أَصْلًا.
تَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (وَذَكَرَ) أَيْ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ وَنَصُّهُ: وَفِي الْعِمَادِيَّةِ حُكِيَ عَن صدر الاسلام أبي سَائِر الْيَسْرِ الْبَزْدَوِيِّ أَنَّهُ وَجَدَ رِوَايَةً عَنْ أَصْحَابِنَا جَمِيعًا أَنَّهُ يَجِبُ الْحَدُّ، فَإِنَّ الْحَدَّ إنَّمَا يجب فِي سَار الْأَنْبِذَةِ عِنْدَهُمَا، وَإِنْ كَانَ حَلَالًا شُرْبُهُ فِي الِابْتِدَاءِ، لِأَنَّ مَا يَقَعُ بِهِ السُّكْرُ
حَرَامٌ، وَالسُّكْرُ سَبَبُ الْفَسَادِ فَوَجَبَ الْحَدُّ لِيَنْزَجِرُوا عَنْ شُرْبِهِ فَيَرْتَفِعَ الْفَسَادُ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي هَذِه الاشربة اهـ: أَيْ الْأَشْرِبَةِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الْحُبُوبِ الْمَذْكُورَةِ قَبْلَ هَذِهِ الْعِبَارَةِ.
وَحَاصِلُهُ: أَنَّهُمَا حَيْثُ حَلَّلَا الْأَنْبِذَةَ وَأَوْجَبَا الْحَدَّ بِالْقَدَحِ الْمُسْكِرِ مِنْهَا لَزِمَ مِنْهُ وُجُوبُ الْحَدِّ بِالسُّكْرِ مِنْ بَاقِي الْأَشْرِبَةِ كَمَا هُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ.
قَوْلُهُ: (إنَّهُ مَرْوِيٌّ) يُوهِمُ أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِتَحْرِيمِ الْأَشْرِبَةِ قَلِيلِهَا وَكَثِيرِهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ رَاجِعٌ لِلْحَدِّ بِالسُّكْرِ مِنْهَا كَمَا عَلِمْت، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُوبِ الْحَدِّ بِمَا يَقَعُ بِهِ السُّكْرُ أَنْ يَحْرُمَ الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ كَمَا لَا يَخْفَى.
قَوْلُهُ: (لِمَنْ مِنْ مُسْكِرِ الْحَبِّ يَسْكَرُ) مَنْ مَوْصُولَةٌ وَالثَّانِيَةُ بَيَانِيَّةٌ (١) وَالْحَبُّ: جِنْسٌ: أَيْ يَسْكَرُ مِنْ مُسْكِرِ الْحُبُوبِ، وَحُكْمُ مَا كَانَ مِنْ غَيْرِ أَصْلِ الْخَمْرِ وَهُوَ الزَّبِيبُ وَالْعِنَبُ وَالتَّمْرُ كَذَلِكَ ش.
قَوْلُهُ: (وَفِي طَلَاقِ الْبَزَّازِيَّةِ) الْأَوْلَى حَذْفُ طَلَاقٍ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: (مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ وَهُوَ نَجَسٌ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ بَلْ فِي كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ مُحَمَّدٌ إلَخْ) أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِالْأَشْرِبَةِ الْمَائِعَةِ دُونَ الْجَامِدِ كَالْبَنْجِ وَالْأَفْيُونِ، فَلَا يَحْرُمُ قَلِيلُهَا بَلْ كَثِيرُهَا الْمُسْكِرُ، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ حَجَرٍ فِي التُّحْفَةِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ كَلَامِ أَئِمَّتِنَا لِأَنَّهُمْ عَدُّوهَا مِنْ الْأَدْوِيَةِ الْمُبَاحَةِ وَإِنْ حَرُمَ السُّكْرُ مِنْهَا بِالِاتِّفَاقِ كَمَا نَذْكُرُهُ، وَلَمْ نَرَ أَحَدًا قَالَ بِنَجَاسَتِهَا وَلَا بِنَجَاسَةِ نَحْوِ الزَّعْفَرَانِ مَعَ أَنَّ كَثِيرَهُ مُسْكِرٌ، وَلَمْ يُحَرِّمُوا أَكْلَ قَلِيلِهِ أَيْضًا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ بِالسُّكْرِ مِنْهَا كَمَا يَأْتِي، بِخِلَافِ الْمَائِعَةِ فَإِنَّهُ يُحَدُّ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلُهُ فِي غُرَرِ الْأَفْكَارِ: وَهَذِهِ الْأَشْرِبَةُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَمُوَافِقِيهِ كَخَمْرٍ بِلَا تَفَاوُتٍ فِي الْأَحْكَامِ، وَبِهَذَا يُفْتَى فِي زَمَانِنَا اهـ.
فَخُصَّ الْخِلَافُ بِالْأَشْرِبَةِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ بِلَا تَفَاوُتٍ أَنَّ نَجَاسَتَهَا غَلِيظَةٌ فَتَنَبَّهْ، لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ الْحَدُّ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا بِالسُّكْرِ، بِخِلَافِ الْخَمْرِ.
وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ حُرْمَةِ الْكَثِيرِ الْمُسْكِرِ حُرْمَةُ قَلِيلِهِ وَلَا نَجَاسَتُهُ مُطْلَقًا إلَّا فِي الْمَائِعَاتِ لِمَعْنًى خَاصٍّ بِهَا.
أَمَّا الجامدات فَلَا يحرم مِنْهَا إِلَّا الْكَثِيرُ الْمُسْكِرُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ حُرْمَتِهِ نَجَاسَتُهُ كالسم الْقَاتِل فَإِنَّهُ حرَام مَعَ أَنه ظَاهر، هَذَا مَا ظَهَرَ لِفَهْمِي الْقَاصِرِ، وَسَنَذْكُرُ مَا يُؤَيِّدُهُ وَيُقَوِّيهِ وَيُشَيِّدُهُ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ سَكِرَ مِنْهَا إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ بِالْقَلِيلِ مِنْهَا الَّذِي لَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِسْكَارُ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْله
_________
(١)
قَوْله: (وَالثَّانيَِة بَيَانِيَّة) لَعَلَّ الصَّوَاب إبتدائية، لَان ضَابِط من البيانية وَهُوَ كَون مَا بعْدهَا أخص مَا قبلهَا مُبين لَهُ لَا يَأْتِي
هُنَا كَمَا لَا يخفى اهـ.
7 / 11