وعندما أدرك النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن المجتمع القرشي أصبح مغلقا، وأن المشركين قد أحكموا قبضتهم عليه، حتى صارت الدعوة فيه تراوح مكانها؛ قرر الهجرة - مكرها - إلى بلد آخر ليؤسس مجتمعا جديدا ويحرر الدعوة من عقدة قريش.
وعلم زعماء مكة بعزم النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الهجرة، فأبدوا انزعاجا تجاه ذلك؛ لأنهم كانوا يدركون أن دعوة الإسلام تحمل بذور البقاء وتتمتع بمقومات الاستمرار، ولا يأمنون إن تجاوزهم وحل بعيدا عن نفوذهم أن تقوى شوكته فيكون مصدر قلق لهم، لذلك قرروا قطع أسباب تلك المخاوف باتفاقهم على اغتيال النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل خروجه من مكة، ولكنهم لم يفلحوا في ذلك، فغادر النبي صلى الله عليه وآله وسلم مكة وهو يقول: «اللهم إن قريشا أخرجتني من أحب البلاد إلي فأسكني أحب البلاد»؛ فاستجاب الله دعاء نبيه فأسكنه (المدينة المنورة) بجوار قوم تميزوا بالنصرة الصادقة، والإيثار الحسن، والإيمان الراسخ.
معالم المجتمع الجديد
وفي دار الهجرة استقبل الأنصار من الأوس والخزرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومن معه من المهاجرين باحترام وتقدير عوضهم عما تعرضوا له من اضطهاد قريش وطغيانهم.
وعلى امتداد عشر سنوات قضاها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة قبل الفتح كان بتوجيه قرآني يضع بنيان المجتمع المسلم على قواعد راسخة وأسس متينة، كان من أبرزها:
مخ ۱۰