Qur'ānists: Origins - Beliefs - Evidence
القرآنيون، نشأهم - عقائدهم - أدلتهم
خپرندوی
دار القبس
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م
د خپرونکي ځای
دمشق
ژانرونه
القرآنيون
علي محمد زينو
الكتاب: القرآنيون
المؤلف: علي محمد زينو
الناشر: دار القبس، دمشق.
الطبعة: الأولى
تاريخ النشر: ١٤٣٢/ ٢٠١١
[الكتاب موافق للمطبوع]
1 / 1
الإهداء
إلى سيدي
وحبيب قلبي
وحبيب ربّ العالمين
سيدنا محمد بن عبد الله
رسول الله
ﷺ
أستشفعهُ لنفسي وأهلي وأحبابي
يومَ الهول الأكبر
والحادث العَمِمِ
1 / 2
مقدمة البحث:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتَمّان الأكملان على حبيبنا وإمامنا سيدِنا محمد، وعلى آله الطيبين وأصحابه أجمعين، وتابعي هديِه إلى يوم الدين، وبعدُ.
سبب اختيار البحث:
إن الدوافعَ التي حدَت بي للكتابة عن «طائفة القرآنيين» موضوعًا لهذا البحث تعودُ إلى الإحساس بخطورة انتشار هذه الفِرقة في بعض البلاد الإسلامية (١)، وشيوعِ أفكارها كلًا أو جزءًا بين المسلمين (٢)، وخصوصًا بعد إنشائها موقعًا الكترونيًا ضخمًا قويّ الإمكانات والمزايا خاصًّا بها، ناهيكَ عن استخدامها مواقعَ الانترنت المتنوعة الأخرى.
وأما السبب المباشرُ الذي دفعني إلى اتخاذ القرار بالكتابة عنهم فهو الذهولُ في أثناء قراءةِ خبرٍ في أحد مواقع الانترنت، رأيتُ فيه جرأةَ هذه الفئة، واستخفافَها بالمصطلحات الإسلامية، وبمشاعر المسلمين. ذلك في إطلاقهم على أنفُسِهم وصْفَ «الكفّار المسلمون» وهم يُروّجون لِعقدِهِم مؤتمرًا لهم في مدينة نيويورك الأمريكية (٣).
_________
(١) يُستَدلُّ على ذلك بأمرين:
- التنوع الجغرافي لأصحاب الكتب التي تطعن بالسنة النبوية المشرفة جمعاء، أو ببعضِ دواوينها الكُبرى، أو الأحاديث المُجمَعِ على صحتها فيها.
- التنوع الجغرافي للكتاب الذين يسطرون آرائهم في الموقع الرسمي لفرقة القرآنيين المسمى «أهل القرآن».
قائمة كتاب الموقع بتاريخ ١٠/ ٣/٢٠٠٩.
«موقع أهل القرآن»: كُتّاب الموقع. (www.ahl-alquran.com/arabic/writers.php).
(٢) يزعم رأس هذه الطائفة الدكتور أحمد صبحي منصور أنّ عدد المنتمين إلى جماعته يبلغ (١٠٠٠٠) باحثٍ ودارسٍ كما وصفَهُم.
«موقع العربية نت» (Alarabiya.net) بتاريخ الثلاثاء ٠٣ ربيع الأول ١٤٢٩ هـ - ١١ مارس ٢٠٠٨ م.
(٣) جاء في «موقع العربية نت» (Alarabiya.net) بتاريخ: الثلاثاء ٠٣ ربيع الأول ١٤٢٩ هـ - ١١ مارس ٢٠٠٨ م:
دبي - فراج إسماعيل:
تعتزم حركة القرآنيين تنظيم مؤتمر غير مسبوق هو الأول في أمريكا «للكفار المسلمين» حسب ما بثته وكالة «أمريكا إن آرابيك» بهدف إصلاحِ الإسلام وتقديم وجهات نظرٍ بديلةٍ للمفاهيم السائدة في العالم الإسلامي.
واختارت المجموعة المنظمة للمؤتمر لنفسها اسم «المهرطقون المسلمون»، أو «الكفار المسلمون» حسب الترجمة الحرفية.
لكن د. أحمد صبحي منصور زعيم حركة القرآنيين قال لـ «العربية نت»:
إن المعنى الحقيقي المقصود من وراء الاسم هو «المتهمون بالهرطقة»، ويحمل في طياته سخريةً من اتهامات الكفر والخروج عن الإسلام وإنكار السنة والعلمانية [كذا] الموجهة ضد من سماهم «الإصلاحيين المسلمين».
1 / 3
منهج البحث:
بُني هذا البحث الضئيل على أساس التعريف بهذه الفرقة وأهم معتقداتها عبر أدبياتِها، وتقديم نماذجَ من فقهها، ومناقشة موضوعية دعاواها، ومحاولة بيان تناقضها باستخدام الأدلة القرآنية والأدلة العقلية فحسب، وعدمُ الاستشهاد بالأحاديث النبوية الشريفة والآثار إلا استئناسًا؛ لأن في ذلك احتجاجًا بالدعوى.
مصادر البحث:
- القرآن الكريم.
- مواقعُ انترنت مختلفة.
- كتبٌ لأرباب هذه الطائفة.
- مصادرُ أخرى.
العقبات التي واجهها هذا البحث:
كَكُلّ عملٍ بشريٍّ فقد لقي هذا البحثُ مصاعبَ في طريق إنجازه كان أهمّها:
١ - ضيقُ الصّدر، وإظلامُ القلب اللذان كانا يترصّدانِني كلما باشرتُ الكتابة!
والبواعثُ على ما ذكرتُ هي قُبحُ البِدَع، وبشاعةُ الانحراف، وسماجةُ الجري خلفَ الأهواء.
وأخطرُ هذه البواعث على الإطلاق الخوفُ على النفسِ من الضلال، والحذرُ على عقيدةٍ سُنّيّةٍ أنعمَ بها الله ﵎ عليَّ من الضّياع!
1 / 8
﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾ [سورة آل عمران ٣: الآية ٨].
«اللهم ربَّ جبرائيلَ وميكائيلَ وإسرافيلَ، فاطرَ السموات والأرض، عالمَ الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادكَ فيما كانوا فيه يختلفون؛ اهدِني لِما اختُلِفَ فيه من الحقّ بإذنك؛ إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم» (١).
٢ - ضرورةُ إنجاز البحثِ مُتقَنًا وافيًا في أجَلٍ حدّدتُهُ لنفسي كاد أن يَحول بيني وبينه ضيقُ الوقتِ الناجمُ عن كثرة الشواغل، ووفرة المسؤوليات، والله وحدَهُ المستعان، وعليه دون خلقِه التُّكلان، ولا حَوْلَ إلا بِه، ولا طَوْلَ إلا لَه.
علي محمد زينو
دمشق ٢٢/ ٣/٢٠٠٩
_________
(١) أخرجه مسلمٌ في «صحيحه» برقم (١٨١١) عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: سألتُ عائشة أم المؤمنين: بأيّ شيء كان نبيُّ الله ﷺ يفتتح صلاته إذا قام من الليل؟ قالت: كان إذا قام من الليل افتتح صلاته: «اللهم رب جبرائيل ....» الحديث.
1 / 9
التمهيد
إن الصراعَ الفكريّ الذي شرَقَت به البشريةُ على امتداد عمرِها لم تسلَمْ منه الأمة المسلمة في عصرٍ من العصور، فقد تجادلت فرقُ المسلمين فيما بينها جدالًا لم يدَعْ وسيلةً إلا وسخّرها له، ولقد ولّد هذا الصراعُ الفكريّ خيرًا كثيرًا، وشرًّا مستطيرًا!
أما الخيرُ الكثيرُ ففي بيان الحقّ، وإيضاح الهُدى، وإجلاء الرَّشَد؛ الأمر الذي لا يتطلب من باغي الحقّ إلا صِدْقَ القَصْدِ، وإخلاصَ النية؛ مشفوعَين بالجدّ في الطلب، والحثّ في السعي في سبيل رضا الباري جل وعلا.
وأما الشّرّ المستطير فإن الباطلَ قد تقيّأَ ضلالاتٍ وشُبَهًا وبِدعًا تلقّفتها القلوبُ المريضة، والتقطتها النفوسُ السقيمة؛ فأُشرِبَتْها وأُسكِرَت بحُميّاها، حتى اختفى أمامَ عيونِ بصائرِهم من الحقيقةِ مُحيّاها!
وإنّ شيئًا لن يُوقِفَ جولاتِ الصراعات بين أفكار الناس حتى المسلمين منهم، بل لعلّ المسلمين لديهم من وقود الصراع ما يفوقُ سواهُم من الناس!
ذلك بأنه إن كان ليس لدى غيرِ المسلمين إلا الأهواءُ المجرّدةُ عن الأدلة المعتبرة؛ ولا رابطَ حقيقيًّا يربطهم بجذورِ أمَمهم التي ينتسبون لها، ولا وشائجَ بينهم وبين مصادرِ أديانِهم إلا الخرافةُ والزور المُصدّق.
فإنّ بين يدي المسلمين سنةَ نبيٍّ كريمٍ ﷺ ضَمّت - وضُمَّ إليها - الآلاف من الأحاديث التي تصارعت حولَها الطوائفُ والفِرق نفيًا وإثباتًا، واستنباطًا وتطويعًا.
ولديهم كذلك تاريخٌ حافلٌ فيه سمومٌ ودُسوم، وفيه رواياتٌ متعارضَة، وأخبارٌ متناقضَة؛ بحيثُ لا يعدم صاحبُ فكرةٍ خبرًا عن زيدٍ أو عمرٍو يؤيّدُ فكرتَه، أو روايةً تعضُدُ نظرتَه.
ويأتي على رأس ذلك كلِّهِ قرآنٌ لعِبَت بالاهتداء به الأهواء، وحاولت تسخيرَهُ الأنظارُ والآراء، فهو كما أنه نبراسُ الهداية، فهو مع ذلك مَزلّةُ الغواية، ومع أنه منارُ الرشد، فإنه مَزلقٌ إلى الضلالة، كما قال مُنزِلُهُ ﷾: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا﴾ [سورة الإسراء ١٧: الآية ٨٢].
1 / 11
وقال ﵎: ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آَذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى﴾ [سورة فصلت ٤١: الآية ٤٤].
وقال عزّ من قائل: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ﴾ [سورة التوبة ٩: الآية ١٢٥].
نعم، هو كذلك لِمن يَستَنِرْ به كما أراد الله تباركَ في علاه، ومَن لم يتّبِعْ مَنهَجَ النبيِّ ﷺ وصحابته الأخيار الأبرار في الاهتداءِ به، ذلك المنهج الذي بنى أمةً أشرَقت أنوارُ حضارتِها إشراقةَ الشمسِ في الضحى الأغرّ، تلك الحضارة التي لو لم تكن ربّانيةً لَما نبغَت ذلك النبوغ الهائل كمّاَ ونوعًا، زمانًا ومكانًا.
ذلك لأنّ هذا الكتابَ العزيزَ نزلَ دستورًا، وجعَلَهُ اللهُ ﵎ منهاجًا، وإنّ من شأن الدساتير، وديدن المناهج أنها تخلو من التفريعات والتفصيلات، وتُعرِضُ عن الدخول في الصغائرِ والجزئيّات.
إن القرآن الكريم نزل بأُسُس العقيدة المبنية على التوحيد الخالص، وجاءَ بشيءٍ من ركائزِ العبادات والمعاملات والأخلاق، وها هو بين أيدي الخلق أجمعين يتكلّم ببيانٍ يسمو عن الإجابة عن أسئلةٍ كثيرةٍ لا تُحصى، ويسكت عن مسائلَ أكثرَ من أن تُستقصى.
فلمَ كان ذلك؟ أهو نسيانٌ ممّن تكلّم به سبحانه لتلك الأشياء؟ أم تفريطٌ من رسولَيه الملَكيّ والإنسيِّ ﵉؟ أم ضياعٌ من أمّةٍ اؤتُمِنَت فخانت، واستُحفِظَت فلم تحفَظ؟
إنّ كلّ ذلك ليس بكائن، بل إن هذا القرآنَ العظيم كتابُ هداية، ولكنّ هدايةَ القرآن هدايةٌ إجماليةٌ لا تفصيلية.
وإنّ سيدَنا محمدًا ﵊ العبدَ الكريمَ الذي نزل عليه القرآنُ وكُلّفَ بأدائه إلى عباد الله كما نزل فأدّى ذلك التكليف خير أداء، وُكِلَت إليه مع الأداءِ وظيفةٌ أخرى قد لا تقلّ عن الأولى شرفًا وخطرًا.
1 / 12
إنها مهمة بيانٍ للإبهام، وتوضيحٍ للإشكال، وتفصيلٍ للإجمال، وإجابةٍ عن كلّ ما يسأل عنه المسلمُ حين يقرأ موادّ الدستور الربانيّ، وأوامر المرسوم الإلهيّ: كيف يكون تطبيقُها؟ وكيف يكون استمرارُها نبراسَ هدايةٍ للبشرية مع اختلاف الأزمنة والأمكنة؟
وقد قام بذلك سيدُنا رسول الله ﷺ خير قيام، وأجابَ عن التساؤلات الإنسانيةِ خيرَ إجابةٍ، ولم يدَعْ إلا ما تدعو إليه الحاجة غيرُ الحقيقية، ويدفعُ إليه بطَرُ التكلّف، وترَفُ التنطّع.
لقد ترك رسولُ الله ﷺ سُنةً سدّت كلّ السُّبُل، وأوصدَت جميعَ الأبوابِ سواها إلى الله تعالى وتبارك، فاهتدى بهديها المسلمون أربعةَ عشرَ قرنًا ونيّفًا، وجدوا فيها لكلّ داء دواءًا، ومن كلّ وجعٍ وبلسمًا وشفاءًا.
إلا أنّ بعضَ أهل الأهواء في كلّ دهرٍ من الدهور، وعصرٍ من العصور، غصّ بالسُّنّة الغراء، وشرَقَ بالنعمة البيضاء؛ لأنها وقفت بينهم وبين جعلهم أهواءَهُم عقدًا ودينًا، فجرّدوا فيها مباضعَ التأويل وهو أول التضليل، وأغمدوا فيها نصولَ الاجتزاءِ وشِفارَ التطويع.
بل زادَ بعضُهم غيًّا إلى أن تجرّأ على ردّ ما لا يُعجِبُهُ منها، وتكذيب ما لا يحلو له من أحاديثها، وبلغ السيلُ زُباه، ووصل الضلالُ منتهاه؛ بأن نجمت منذُ أزيد من قرنٍ زَرافاتٌ من الناس أنكَروا السُّنّة بالكليّة، وردّوا كلّ ما أتاهم من الأحاديث النبويّة، وأعلنوا أنهم رمَوا بها ظِهريًّا، وأفرَطوا بأن تَجرّأ بعضُهم على التهكُّم بها واتخاذِها سُخريًّا.
واستمرّ الفكر الفاسد بتفريخ النَّكِرَة بعد الأخرى حتى طلعت على الناس في الآونة الأخيرة جماعةٌ سمّت نفسها «أهل القرآن» أو «القرآنيون»، أشهرت أنها لا تؤمن إلا بالقرآن وحدَه، وأن كلّ ما نُسِبَ إلى النبيّ ﷺ كذبٌ وافتراء، وزورٌ ودجل!
وإنه لَمّا كانت لهذه الجماعة منابرُ إعلاميةٌ مرموقةٌ تبثّ فكرَها وتنشُرَه بين المسلمين، فقد أوضعت خلال بني الأمة تبغيهِمُ الفتنة، وأحدثت في جسدها جُرحًا جديدًا من الجراح الأليمة، فانبرى عددٌ من المسلمين للردّ على هذا الضلال، ووقفوا في وجه هذا التجديف.
1 / 13
فأّلفَ عُلماءُ كرامٌ كُتبًا عديدة (١)،
وغير ذلك كثيرٌ بحمد الله تعالى وفضله.
وحذّرَ من ضلالات «أعداء القرآن» دعاةٌ أفاضل، وتصدّت لشُبَهِهِم مواقع الكترونية متنوعة، وصدرت بحقهم فتاوى مختلفة، جزى اللهُ جميعَ من سعى للوقوف في وجه شرِّهم خيرًا.
إلا أنّ كثيرًا من الردود المنتشرة قاصرٌ أشدّ القصور عن بلوغ مستوى شُبُهات «القرآنيين»، والسواد الأعظم منها غير واقعيّ في مضمونه، فهو لا يتعدى ذِكرَ أنّ السنة رُكنُ التشريع الثاني، وأنّ مُنكِرها كافرٌ مرتدّ، ويُستدلّ لذلك بآيتين أو ثلاث، وبحديثٍ وربما اثنين، ﴿وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ﴾ [سورة الأحزاب ٣٣: الآية ٢٥].
_________
(١) تطول قائمةُ الكتب المؤلفة في هذا الباب، وأذكرُ منها في عجالة:
١. ... «الأنوار الكاشفة لِما في كتاب أضواء على السنة من التضليل والمجازفة» للشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني ﵀.
٢. ... «الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام» للشيخ ناصر الدين الألباني ﵀.
٣. ... «الحديث والمحدثون» أو «عناية الأمة الإسلامية بالسنة المحمدية»، للدكتور محمد محمد أبو زهو.
٤. ... «السنة المطهرة والتحديات»، للدكتور نور الدين عتر حفظه الله.
٥. ... «السنة النبوية بين دعاة الفتنة وأدعياء العلم»، للدكتور عبد الموجود محمد عبد اللطيف.
٦. ... «السنة النبوية في كتابات أعداء الإسلام في الكتابات العربية» للدكتور عماد الشربيني.
وهو كتابٌ أكثر من جيد اطلعت عليه على صورة ملف (word) فلم يُمكنّي الأخذُ عنه، ولكن بدا لي فيه جهدٌ كبير جزى الله مؤلفه خيرًا.
٧. ... «السنة في مواجهة الأباطيل» للأستاذ محمد طاهر حكيم.
٨. ... «السنة النبوية في مواجهة التحدي»، للدكتور أحمد عمر هاشم حفظه الله
٩. ... «السنة قبل التدوين»، للدكتور محمد عجاج الخطيب حفظه الله
١٠. ... «السنة ومكانتها في التشريع الإسلاميّ» للدكتور مصطفى السباعي ﵀.
١١. ... «السنة ومنزلتها في التشريع الإسلامي» للدكتور محمد أمان
١٢. ... «القرآنيون وشبهاتهم حول السنة» للدكتور خادم حسين إلهي بخش.
١٣. ... «المستشرقون والسنة» للدكتور سعد المرصفي.
١٤. ... «دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه» للدكتور محمد مصطفى الأعظمي.
١٥. ... «دفاع عن أبي هريرة» لعبد المنعم صالح العلي العزي.
١٦. ... «شبهات القرآنيين» للشيخ عثمان بن معلم محمود بن شيخ علي.
١٧. ... «شبهات حول السنة» للشيخ عبد الرزاق عفيفي ﵀.
١٨. ... «ظلمات أبي رية أمام أضواء السنة المحمدية» للأستاذ محمد عبد الرازق حمزة.
١٩. ... «كيف نتعامل مع السنة النبوية» للدكتور يوسف القرضاوي حفظه الله.
٢٠. ... «معالم على طريق السنة» للدكتور أحمد عمر هاشم حفظه الله.
1 / 14
وكثيرون هم الذين المؤلِّفون والكتّاب الذين أقدَموا على الاحتجاج على القرآنيين بالسنة الشريفة (١)، وهذا احتجاجٌ بالدعوى غيرُ مقبولٍ في البحث العلميّ.
مع أنه يمكن الاعتذارُ لمن يفعل ذلك بأنه يذكرُ أدلةَ مكانة السنة النبوية من نصوص السنة نفسِها لِمن يؤمنون بها؛ ليزيدهم إيمانًا ويقينًا بها.
وهذا العذرُ مقبولٌ إذا كان الكلامُ موجّهًا إلى المؤمنين بالسنة، ولكنه ليس مقبولًا أن يُستخدَمَ في الحوار مع مُنكِريها!
فمن أمثلةِ ذلك أنه في مقالٍ للأستاذ أحمد أبو زيد (٢) موجودٍ على العديد من المواقع الالكترونية، يحتجُّ الأستاذ جزاه الله خيرًا على القرآنيين لِمنزلة السنة النبوية الشريفة فيقول:
«منزلة السنة:
وإذا نظرنا إلى موقف الإسلام من أفكار هؤلاء المكذبين بالسنة المطهرة، نجد أن العلماء والمجتهدين قد اتفقوا جميعًا على أن السنة النبوية أصلٌ من أصول التشريع الإسلامي، يجب الأخذ بها إذا صحّت وثبتّت نسبتُها لرسول الله ﷺ مستندين في ذلك إلى الأمور التالية» ... ثم يذكر:
_________
(١) كما فعل الأستاذ محمد طاهر حكيم جزاه الله خيرًا في «السنة في مواجهة الأباطيل» الفصل الثالث من كتابه ص ١٧ - ٢٠، وكثيرون جدًا غيرُه.
(٢) الأستاذ أحمد محمود أبو زيد، صحفي وكاتب مصري وباحث إسلامي، وعضو نقابة الصحفيين المصرية، وسكرتير تحرير جريدة الوفد. من مواليد قرية دلهمو بأشمون - محافظة المنوفية - مصر - عام ١٩٦٤ م.
حاصل على بكالوريوس إعلام من جامعة القاهرة - قسم صحافة عام ١٩٨٦ م بتقدير جيد جدًا.
وحاصل على دبلوم عال من معهد الدراسات الإسلامية بالقاهرة عام ١٩٩٢ م بتقدير جيد جدًا.
له مجموعة من الكتب المنشورة: «منهاج الداعية»، و«محاكمة سلمان رشدي المصري»، و«الهجوم على الإسلام في الروايات الأدبية»، و«إنهم يقتلون الساجدين مذبحة الحرم الإبراهيمي وحرب المستوطنات».
يكتب في عدة مجلات إسلامية، ومواقع الكترونية في المملكة العربية السعودية والكويت ودول الخليج.
يُنظر: موقع الألوكة: دراسات: فكرية: أحمد أبو زيد:
(http://www.alukah.net/Articles/Author.aspx? AuthorID=٢١٢&CategoryID=٣٩).
(www.eltwhed.com/vb/showthread.php)
1 / 15
«والأمر الثالث: الحديث، فقد وردت أحاديثُ كثيرةٌ تدلُّ على وجوب اتباع السنة ومصدريَّتها، كقوله ﷺ: «تركتُ فيكم أمرَين لن تضلُّوا ما تمسكّتُم بهما: كتاب الله وسنتي» (١)، وقوله ﷺ: «ألا إني أوتيت الكتاب ومثله» (٢)، وقوله ﷺ ﷺ: «عليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، تمسكوا بها وعَضوا عليها بالنواجذ» (٣)».
ثم ذكر أقوالًا عن بعض أهل العلم المعاصرين بتجهيلهم وتضليلهم وتكفيرهم (٤).
وقريبٌ من هذا ما أجاب به فضيلة العلامة الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي حفظه الله تعالى عندما سُئلَ حول القرآنيين السؤالَ التالي:
هل يعتبر القرآنيون من المسلمين؟ يؤمن هؤلاء بالقرآن الكريم ولكنهم ينكرون السنة النبوية الشريفة، ويفسرون القرآن بناء على عقولهم وأهوائهم.
فكان أن أجابَ - حفظه الله - إجابةً مقتضبةً جدًّا هي:
«كلّ من أنكر نبوةَ رسول الله، أو أنكر السُّنّةَ جملةً فهو كافرٌ، وإن شهد أن لا إله إلا الله» (٥).
_________
(١) أخرجه الحاكم في «المستدرك» برقم (٣١٩) من حديث أبي هريرة ﵁ مُسنَدًا وصححه.
ورواه مالك في «الموطّأ» برواية يحيى برقم (١٥٩٤) بلاغًا بلفظ «وسنة نبيه».
(٢) أخرجه أحمد في «مسنده» برقم (١٧١٧٤)، وأبو داود في «سننه» برقم (٤٦٠٤) من حديث المقدام بن معدي كرب ﵁.
(٣) أخرجه أحمد في «مسنده» برقم (١٧١٤٢)، وأبو داود في «سننه» برقم (٤٦٠٧)، والترمذي في «جامعه» برقم (٢٦٧٦) - وقال: هذا حديث صحيح - وابن ماجه في «سننه» برقم (٤٢) في حديثِ العرباض بن سارية ﵁.
(٤) «موقع التوحيد»: الأقسام الخاصة: كتاب ومقالات: سليمان الخراشي.
(٥) «موقع الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي»: الفتاوى: العقيدة: السنة.
(www.bouti.net/fatawas.php).
وكي لا يظنّ أنّ الدكتور البوطي حفظه الله تهوّر في هذا الحكم أذكرُ بعضَ من قال به من أهل العلم المتقدمين.
قال الإمام الآجري في كتابه «الشريعة»: ١/ ٤١٢:
«جميع فرائض الله التي فرضها في كتابه لا يعلم الحكم فيها إلا بسنن رسول الله ﷺ. هذا قول علماء المسلمين، من قال غير هذا خرج عن ملة الإسلام ودخل في ملة الملحدين».
وقال الإمام ابن حزم الظاهري الأندلسيّ في «الإحكام في أصول الأحكام» ٢/ ٨٠:
«لو أن امرأً قال: لا نأخذ إلا ما وجدنا في القرآن لكان كافرًا بإجماع الأمة، ولكان لا يلزمه إلا ركعة ما بين دلوك الشمس إلى غسق الليل، وأخرى عند الفجر؛ لأن ذلك هو أقلّ ما يقع عليه اسم صلاة، ولا حد للأكثر في ذلك، وقائل هذا كافر مشرك حلال الدم والمال، وإنما ذهب إلى هذا بعض غالية الرافضة ممن قد اجتمعت الأمة على كفرهم».
وقال الإمام السيوطي في «مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة» ص ٢:
«إن من أنكر كون حديث النبي؟ قولًا كان أو فعلًا - بشرطه المعروف في الأصول - حجة كَفَرَ، وخرج عن دائرة الإسلام، وحُشر مع اليهود والنصارى أو مع من شاء الله من فرق الكفرة».
1 / 16
قال كاتب هذه الأسطر - عفا الله عنه ـ:
وإنه إن كان يُمكن الاعتذار عن المتعجّل، فإنه لا ينبغي أن يكون كلُّ - أو جلُّ - من كتب حول القرآنيين متعجِّلًا؛ بحيث يسوقُ مكرَّرًا من الكلام، ويأتي بنزرٍ يسيرٍ من الأقوال والأحكام، يَحسبُ أنه يئدُ بذلك بدعةَ القرآنيين في مهدِها، ويقضي على شُبَهِهِم ويكرّ عليها بهدِّها!
ولقد أعجبَني انتباهُ بعضِ الغيارى إلى خطورةِ ضلالاتِ «أهل القرآن»، وأنهم ليسوا من السهولة على قدرٍ بحيث يُمكنُ أن يُنتَصَرَ عليهم بيسيرٍ من الجهد.
حيث وجدتُ على بعض المواقع الإسلامية أخًا يقول: «سادتي، هل من ردودٍ على من يُسمُّون أنفسهم بالقرآنيين».
فاستثارَ بهذا السؤال ردودًا كان أحدُها من أخٍ أجابه بالتالي:
«صدّقوني عندما أقول: إن نقاشهم ليس بالسهولة التي تتصورون أو بالبساطة التي يتصورها بعض من ألّف من العلماء ردا عليهم ودفاعا عن السنة النبوية، وغالبهم للأسف ما جالسوهم ولا ناقشوهم بل ردوا عليهم عن بعد بما سمعوا عنهم فقط، لذا فإني أقول بكل أسف أن ما اطلعت عليه مما كتب من ردود على بدعتهم لا يرتقي أبدًا إلى مستوى خطورتهم وأنها في الغالب ردود إنشائية خطابية، ويحتاج الأمر الكثير من الجهد لإتمام الرد عليهم على الوجه الأكمل.
وجلُّ من يكتب دفاعًا عن السنة النبوية في وجههم يعتمد في دفعه على ذات السنة وأخبارها التي هم يرفضونها ويردونها رأسًا؛ فلا يتمُّ له الاحتجاج بها عليهم، فلا يمكنك أن تثبت حجية السنة بالسنة أو غيرها من الأخبار.
1 / 17
هم لا يحتكمون إلا إلى القرآن والعقل، وما جاء في السنة موافقًا للقرآن أخذوا به، وإلا فهو لا يعنيهم ولا ينظرون إليه أصلًا، ونقاشهم من أصعب الأمور لو جربتموه» (١).
قال كاتبه - غفر الله له ـ:
ولقد خُضتُ بحرًا وقف الأكثرون بساحله من ضلالاتِ موقِعِهِم المسمى «أهل القرآن»، واطّلعت على كثيرٍ أُخرى في مواقعَ غيرِه، وقرأتُ مقدارًا غير يسيرٍ من الكتب التي تتفق معهم في دعاواهم!
ووالله الذي لا إله غيره، إن لهم فِتنًا يُمسي فيها الحليم حيرانَ، ولا آمنُ على طُلابِ علمٍ أن يَهوُوا في مهاويهم، فكيفَ بعامّة الناس وأنصاف - أو أرباعِ أو أعشار - المتعلّمين شرعيًّا منهم.
وعلى الرغم من قلة عدد هؤلاء نسبةً إلى مجموع الأمة المسلمة، إلا أنّ المسلم يحزن على نفسٍ واحدةٍ تُساقُ إلى النار، وعلى الأمة أن تعمل ما تستطيع في سبيل إنقاذ من هوى في تلك الهوّة السحيقة، وفي سبيل حمايةِ أبناء هذه الأمة وبناتِها من الانزلاق في مُنحدرِهم المُفضي الكفر الأكبر، وبالله العياذ.
اللهم سلِّمنا من الضلال، واعصِمنا من الغيّ، وأجِرنا من الخزي في الدارين يا كريم.
_________
(١) «منتديات روض الرياحين»: الدفاع عن أهل السنة.
(cb.rayaheen.net/showthread.php).
1 / 18
الفصل الأول: بذور مُنكِري السُّنّة (في تاريخ المسلمين القديم)
1 / 19
المبحث الأول: البذور الأولى:
لم يخلُ عصرٌ مِمّن تفيهَقَ وتحذلَقَ بالنّكير على أحاديثِ النبيِّ ﷺ، وإنّ هذه السَّوأةَ عُرِفَت من صدرِ الإسلام الأول؛ حيثُ وُجِدَ أشخاصٌ متفرّقون اعترضوا على مرويّاتٍ بلغتهم، وأحكامٍ نبويةٍ وصلتهم، وتصدّوا لها بعقل يزعمونَه، ومنطقٍ يدّعونَه.
فها هي أم المؤمنين عائشةُ ﵂ تسألها امرأةٌ: أتجزي إحدانا صلاتَها إذا طهُرت؟ فقالت: أحرورية أنت؟ كنا نحيض مع النبي ﷺ فلا يأمرنا به، أو قالت: فلا نفعله (١).
وفي واقعةٍ أخرى وردَ أنّ سيدنا عمرانَ بن حصين ﵁ (٢) قال له رجل: يا أبا نجيد، إنكم لتحدثوننا بأحاديث ما نجد لها أصلًا في القرآن.
فغضب عمرانُ وقال للرجل: أوجدتُم في كلِّ أربعين درهمًا درهم، ومن كلّ كذا وكذا شاة شاة، ومن كل كذا وكذا بعيرًا كذا وكذا، أوجدتُم هذا في القرآن؟ قال لا.
قال: فعن من أخذتُم هذا؟ أخذتُموه عنّا، وأخذناه عن نبي الله ﷺ، وذكر أشياء نحو هذا (٣).
وفي روايةٍ أنّ عمرانَ ﵁ ذكر الشفاعة، فقال رجل من القوم: يا أبا نجيد، إنكم تحدثوننا بأحاديثَ لم نجد لها أصلًا في القرآن، فغضب عمرانُ ﵁ وقال للرجل: قرأت القرآن؟ قال: نعم.
_________
(١) أخرجه البخاري في «صحيحه» - واللفظ له - برقم (٣٢١).
وأخرجه مسلم في «صحيحه» برقم (٧٦١)، وأخرجه أحمد في مواضعَ من «مسنده» أولها برقم (٢٤٠٣٦).
(٢) عمران بن حصين الخزاعي من أهل العلم من الصحابة. أسلم عام خيبر (سنة ٧ هـ)، وكانت معه راية خزاعة يوم فتح مكة. بعثه عمر إلى أهل البصرة ليفقههم، وتوفي بها سنة (٥٢ هـ).
يُنظَر لترجمته: «معرفة الصحابة» لأبي نعيم ٤/ ٢١٠٨ الترجمة (٢٢٠٤)، «الإصابة في تمييز الصحابة» ٥/ ٢٦ - ٢٧ الترجمة (٦٠٠٥).
(٣) أخرجه أبو داود في «سننه» برقم (١٥٦١)، وأخرجه الحاكم في «المستدرك» برقم (٣٧٢) باختلاف.
1 / 21
قال: فهل وجدت فيه صلاة العشاء أربعًا، ووجدت المغرب ثلاثًا، والغداة ركعتين، والظهر أربعًا، والعصر أربعًا؟ قال: لا.
قال: فعن من أخذتم ذلك؟ أخذتموه وأخذناه عن رسول الله ﷺ.
ثم ذكر أشياء في أنصبة الزكاة، وتفاصيل الحج وغيرهما، وختم بقوله: أما سمعتم الله قال في كتابه: ﴿وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [سورة الحشر ٥٩: الآية ٧].
قال عمران: فقد أخَذْنا عن رسول الله ﷺ أشياءَ ليس لكم بها علم (١).
وحتى في القرن الأول وُجِدَ أفرادٌ ضاقوا ذرعًا بالأحاديث النبوية، فقال قائلُهم - لِمُطرِّفِ بنِ عبد الله بن الشّخِّير (٢) ـ: «لا تُحدّثونا إلا بالقرآن».
فأجابه مطرّفٌ ﵀: «والله ما نريد بالقرآن بدلًا، ولكن نريدُ من هو أعلمُ بالقرآن منّا» (٣).
ولكنَّ مِن أقدمِ ما وردَ حول وجود فئةٍ نبتَت بين المسلمين تُنكرُ سنة رسول الله ﷺ ما ذكره الإمام الشافعي في مطلع كتابه «جِماع العلم» عن مناظرةٍ جرَت بينه وبين أحد أفرادِ هؤلاء، حيث قال:
لم أسمع أحدًا نسَبَهُ الناسُ - أو نسَبَ نفسَهُ - إلى علمٍ يُخالف في أنْ فرَضَ اللهُ ﷿ اتباعَ أمرِ رسول الله ﷺ والتسليمَ لحُكمِه، بأن الله ﷿ لم يجعل لأحد بعده إلا اتباعه، وأنه لا يلزم قولٌ بكلِّ حالٍ إلا بكتاب الله أو سنة رسوله ﷺ، وأن ما سواهما تبعٌ لهما، وأن فرضَ اللهُ علينا وعلى من بعدنا وقبلنا في قَبول الخبر عن رسول الله ﷺ واحد لا يختلف في أن الفرض والواجب قَبول الخبر عن
_________
(١) أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» ٢/ ١١٩٢ برقم (٢٣٤٨)، وقوّاه محققه على ضعفٍ في إسناده.
(٢) مطرف بن عبد الله بن الشخير العامري، أبو عبد الله، من كبار التابعين، ثقة عابد، روى له الجماعة مات سنة (٩٥ هـ).
ترجمته في «تهذيب الكمال» ٢٨/ ٦٧ - ٧٠ الترجمة (٦٠٠١).
(٢٣) أراد النبيَّ ﷺ.
والخبر في «جامع بيان العلم وفضله» لابن عبد البر ١/ ١١٩٣ برقم (٢٣٤٩)، وصحح محققه إسناده.
1 / 22
رسول الله ﷺ إلا فرقة سأصف قولَها إن شاء الله تعالى (١).
وقد رأى الدكتور مصطفى السباعي ﵀ (٢) أنهم معتزلة البصرة (٣).
بينما ذهب الدكتور خادم حسين بخش (٤) في كتابه «القرآنيون» إلى أنهم الخوارج (٥).
ولعل الذي يُرجح ما ذهب إليه الدكتور خادم حسين بخش ما قاله الحافظُ ابن حجر العسقلاني (٥) في «فتح الباري»:
_________
(١) «كتاب جماع العلم» المطبوع ضمن «كتاب الأم» ٩/ ٥.
(٢) الدكتور مصطفى بن حسني السباعي: ولد بحمص سنة ١٣٣٣ هـ/ ١٩١٥ م وتعلم بها وبالأزهر، اعتقله الإنكليز في مصر وفلسطين ستة أشهر، وأسلموه إلى الفرنسيين فسجنوه في لبنان ٣٠ شهرًا.
نال شهادة «دكتور في التشريع الإسلامي وتاريخه» من الأزهر ١٩٤٩ م، واستقر في دمشق أستاذًا بكلية الحقوق ١٩٥٠ م، ثم عميدًا لكلية الشريعة ١٩٥٥ م. أنشأ مجلة «حضارة الإسلام»، وأصيب بشلل نصفي ١٩٥٧ م.
له ٢١ كتابًا ورسالة، منها «السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي» وهو كتاب أطروحته، و«اشتراكية الإسلام»، و«شرح قانون الأحوال الشخصية» ثلاثة أجزاء، و«الدين والدولة في الإسلام» و«المرأة بين الفقه والقانون»، و«منهجنا في الإصلاح» وتوفي بدمشق ١٣٨٤ هـ/ ١٩٦٧ م.
عن موسوعة «الأعلام لللزركلي» ٧/ ٢٣١ - ٢٣٢ بتصرف يسير واختصار.
(٣) «السنة ومكانتها في التشريع» ص ١٧١.
(٤) الدكتور خادم حسين إلهي بخش، ولد في البنجاب - الباكستان سنة (١٩٥٣).
ماجستير من جامعة أم القرى في مكة المكرمة بعنوان «فرقة أهل القرآن بباكستان وموقف الإسلام منها»، وقد طبعت بعنوان «القرآنيون وشبهاتهم حول السنة».
دكتوراه في العقيدة الإسلامية عن رسالته «أثر الفكر الغربي في انحراف المجتمع المسلم بشبه القارة الهندية».
عضو هيئة التدريس بجامعة الطائف: كلية التربية: قسم الشريعة والدراسات الإسلامية.
له عدد من الكتب المطبوعة، وشارك في عدد من المؤتمرات والندوات. المشرف العام على «موقع صوت الحق».
المصدر: «موقع صوت الحق»: المشرف: السيرة الذاتية. (www.soutulhaq.com/index.php).
(٥) «القرآنيون» ص ٩٥.
(٦) الإمام الحافظ أحمد ابن علي بن محمد العسقلاني الشافعي، المحدّث الفقيه المؤرخ. صاحب «فتح الباري شرح صحيح البخاري»، و«لسان الميزان»، و«الدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة»، و«الإصابة في تمييز الصحابة» وكثيرٍ غيرها من المصنّفات الفائقة. ولد (٧٧٣ هـ) وتوفي (٨٥٢ هـ).
يُنظَرُ لترجمته: «الضوء اللامع» للسخاوي ٢/ ٣٦ - ٤٠ الترجمة (١٠٤).
1 / 23
«ويقال لمن يعتقد مذهب الخوارج: «حروري»؛ لأن أول فرقة منهم خرجوا على عليٍّ بالبلدة المذكورة (١) فاشتُهروا بالنسبة إليها، وهم فرقٌ كثيرة، لكنْ من أصولهم المتفق عليها بينهم الأخذُ بما دلَّ عليه القرآن، وردُّ ما زاد عليه من الحديث مُطلَقًا» (٢).
وجاءَ بعدَ الإمام الشافعيُّ الإمامُ أحمدُ ابنُ حنبلٍ فصنّف «طاعة الرسول ﷺ» ردَّ فيه على من احتج بظاهر القرآن في معارضة سنة رسول الله ﷺ وترك الاحتجاج بها (٣).
ويؤكّد الشيخ الدكتور محمد لقمان الأعظمي الندوي (٤) أن هذا الاتجاه لإنكار السنة [بالكلية] (٥) لم يكن منتشرًا في الأقطار، بل وُجد عند بعض الأفراد ولا يشكل ظاهرة (٦).
_________
(١) قال الحموي في «معجم البلدان» ٢/ ٢٤٥:
حروراء: بفتحتين وسكون الواو وراء أخرى وألف ممدودة، يجوز أن يكون مشتقًا من الريح الحرور، وهي الحارة وهي بالليل كالسموم بالنهار، كأنه أُنّثَ نظرًا إلى أنه بقعة قيل: هي قرية بظاهر الكوفة، وقيل: موضع على ميلين منها نزل به الخوارج الذين خالفوا علي بن أبي طالب ﵁ فنُسبوا إليها. وقال ابن الأنباري: حروراء: كورة. وقال أبو منصور: الحرورية منسوبون إلى موضع بظاهر الكوفة نسبت إليه الحرورية من الخوارج، وبها كان أول تحكيمهم واجتماعهم حين خالفوا عليه. قال: ورأيت بالدهناء رملة وعثة يقال لها: رملة حروراء.
(٢) «فتح الباري بشرح صحيح البخاري» ١/ ٥٦٠.
(٣) ذكره ابن قيم الجوزية في «أعلام الموقعين» ٢/ ٢٥٥.
(٤) الدكتور محمد لقمان الأعظمي ﵀ أستاذ ورئيس قسم العقيدة بكلية المعلمين في حائل السعوديةِ سابقًا.
دكتوراه من جامعة القاهرة، على رسالته «مجتمع المدينة المنورة في عصر النبوة كما يصوره القرآن الكريم».
هندي الجنسية، ولكنه أمضى ما يزيد عن ربع قرن في حائل، وتوفي ودفن فيها ١٢/ ١٠/١٤٢١ هـ.
تنقل خلال مسيرته التربوية بين التعليم العام والجامعي والمكتبة العامة.
المصدر: «موقع ملتقيات فضاء»: فضاء حائل: ملتقى فضاء حائل: حملة الدكتوراه من أبناء حائل.
(www.fadhaa.com/vb/showthread.php)
و«موقع جريدة الجزيرة السعودية»: العدد (١٠٣٤٢) الأحد ٢٦/شوال/١٤٢١ هـ.
(www.al-jazirah.com.sa)
(٥) زيادة مني للتوضيح.
(٦) محمد لقمان الأعظمي «دراسات في الحديث النبوي» ص ٢٦.
1 / 24
وبعد القرن الثاني لا نرى في كتب التاريخ والعقائد ومن ألّف في الفرق والمذاهب ظهور هذه الفرقة وهذا المذهب (١).
وإنّ هذا الاستقراءَ الصحيحَ من الدكتور الأعظمي، والذي تشهد له كتب التاريخ والعقائد لا يُعكِّرُ عليه ما قال الحافظ ابن حجر العسقلاني؛ لأنّ الأمر لم يبلغ بالخوارج حدَّ الإنكار جملةً، بل إنّ الحافظ ﵀ قال: «مُطلَقًا»، وفي قوله إمكانيةُ ردِّهم، وأنهم متهيّئون للردّ كلما لم يُوافقِ الحديث آراءَهم، لا أنهم ردّوا السنةَ جملةً، وأنكروها أصلًا.
ولا يُعكّرُ عليه كذلك ما ذكره الإمام السيوطي ﵀ (٢) في مطلع رسالته القيمة «مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسُّنّة»:
«... وأن مما فاح ريحه في هذا الزمان، وكان دراسًا بحمد الله تعالى منذ أزمان، وهو أن قائلًا رافضيا زنديقًا أكثر في كلامه أن السنة النبوية، والأحاديث المرويّة - زادها الله علوًّا وشرفًا - لا يُحتجُّ بها، وأن الحجة في القرآن خاصة».
إلى أن قال ﵀: «وأصل هذا الرأي الفاسد أن الزنادقة وطائفة من غلاة الرافضة ذهبوا إلى إنكار الاحتجاج بالسنة والاقتصار على القرآن وهم في ذلك مختلفو المقاصد ....»، ثم بعد أن عدد من مقاصدهم قال:
_________
(٦) د. محمد لقمان الأعظمي «دراسات في الحديث النبوي» ص ٢٦.
(١) هو الإمامُ جلالُ الدين عبدُ الرحمن بنُ أبي بكرِ بنِ محمد بن سابق الدين أبي بكرِ السيوطي.
ولد في القاهرة سنة (٨٤٩ هـ)، ونشأ يتيمًا، طلب العلم على يد كبار علماء عصره كالجلال المحلي، والزين العقبي، والعلم البُلقيني، والتقي الحصكفي، وكثيرٍ غيرِهم من أقرانهم؛ حتى نبغ في جملة من علوم اللغة والشريعة.
عندما بلغ أربعين اختلى بنفسه وتجرّد للعبادة، وهجر كلَّ معارفِه، وترك الإفتاءَ والتدريس، وعكف على التأليف.
له حوالي ستِّ مئةِ مصنَّفٍ بين رسالة صغيرةٍ من وُريقاتٍ، وموسوعة ضخمةٍ من مجلّدات! من أشهرها: «الإتقان في علوم القرآن»، و«الدرّ المنثور في التفسير بالمأثور»، و«تدريب الراوي بشرح تقريب النواوي»، و«الأشباه والنظائر» في فروع الشافعية، و«تاريخ الخلفاء»، و«الجامع الصغير»، و«الجامع الكبير»، وكثيرٌ جدًّا غير ذلك.
توفّيَ الإمام السيوطيُّ ﵀ سنة (٩١١ هـ).
يُنظر لترجمة الإمام السيوطي: «الضوء اللامع في أعيان القرن التاسع» للسخاوي ٤/ ٦٥ - ٧٠.
1 / 25
«وهذه آراء ما كنت أستحل حكايتها لولا ما دعت إليه الضرورة من بيان أصل هذا المذهب الفاسد الذي كان الناس في راحة منه من أعصار، وقد كان أهل هذا الرأي موجودين بكثرة في زمن الأئمة الأربعة فمن بعدهم، وتصدى الأئمة الأربعة وأصحابهم في دروسهم ومناظراتهم وتصانيفهم للرد عليهم، وسأسوق إن شاء الله تعالى جملة من ذلك والله الموفق» (١).
هذا ما رأيتُهُ جمعًا بين قوله والاستقراءِ في مصادر التشريع، ومصادر التاريخ التي لم تُثبِتْ تلك البدعة المُنكرة عنهم.
_________
(١) «مفتاح الجنة» ص ٢ - ٣.
1 / 26