ومن المعلوم لكل أحد أن كلام الله الذي بين دفتي المصحف الشريف مكتوبا ونقرأه ونسمعه ، مؤلف من كلمات وألفاظ مسموعة مركبه من هذه الحروف والأصوات المتتابعة والمتتالية التي لاشك في حدوثها وكونها أصل في معقول الكلام وحقيقته ، وبالتالي يستحيل أن يكون كلام الله - بما فيه القرآن - أزليا قديما ، لأن القول بذلك يلزم منه القول بأزلية وقدم هذه الحروف والأصوات والألفاظ المركبة التي نقرأها في مصاحفنا ونسمعها بآذاننا ، وهذا محال بالطبع ومن قال به فقد جحد وأنكر الضروريات ، وأثبت في نفس الوقت قدماء آخرين مع الله وبالتالي آلة أخرى ، هذا من جهة ، ومن جهة ثانية يستحيل أن يكون كلام الله قائما بذاته ، -كما ذهبوا إليه - لأن ذلك يعني أن تلك الحروف والأصوات ( الحادثة والمخلوقة ) قائمة بذاته تعالى وحالة فيها ، ومحال أن يكون الله محلا للحوادث باتفاق الجميع ، وبالتالي لا يمكن أن يكون كلامه تعالى قائما بذاته .
ولو كان ما بين الدفتين من الحروف والألفاظ والكلمات التي نقرأها بأصواتنا وتنطلق من ألسنتنا وحلوقنا هي كلام الله الأزلي القائم بذاته تعالى وهي بالتالي صفة الله تعالى - باعتبار أن كلامه عندهم هو صفته - للزم أن تكون صفة الله حاله في ذات كل أحد من الناس !!.. وهذا يبطل قولهم .
مخ ۲۹