وحسبنا شاهدا على دور النصارى آنذاك في إثارة المسألة والعمل على تسريب فكرة القدم وترويجها في أوساط العامة ودفعهم إلى تبنيها ليحتجوا بعد ذلك بما جاء في القرآن الكريم من وصف المسيح بأنه كلمة الله على معتقدهم ، حسبنا شاهدا على ذلك أن أحد علمائهم قام بتأليف كتاب آنذاك ينتصر فيه للمسيحية ضد الإسلام وكانت تلك المسألة المتعلقة بصلب العقيدة المسيحية على رأس موضوعاته وذلك بهدف تعليم النصراني كيف يحاجج المسلم ، وهو يوحنا الدمشقي أو يحي الدمشقي الذي كان في خدمة الدولة الأموية !! ( وعملت أسرته بالإدارة المالية للدولة الرومانية ثم الإسلامية وكان أبوه سرجيوس وكيلا ماليا ثم وزيرا لمعاوية ، كذلك اشتغل يوحنا للخليفة الأموي هشام بن عبد الملك ثم استقال لخدمة الدير ،واليه ينسب إليه أول كتاب في النقاش بين المسيحية والإسلام : حوار بين مسيحي وشرقي مسلم ... ( (6).
ومما جاء فيه بخصوص موضوعنا قوله مخاطبا النصراني : ) إذا قال لك المسلم : ما تقول في المسيح ؟ فقل له : إنه كلمة الله حتى يجيبه المسلم قائلا : " كلمة الله ألقاها إلى مريم وروح منه " فإن أجاب بذلك فاسأله : هل كلمة الله وروحه مخلوقة أم غير مخلوقه ؟ فإن قال : مخلوقة فيرد عليه : بأن الله كان إذا ولم تكن له كلمة ، قال يحي : فإن قلت ذلك فسيفحم المسلم لأن من يرى هذا الرأي زنديق في نظر المسلمين ( (7) .
ولنلاحظ أن الرجل كان يعمل في خدمة هشام بن عبد الملك ثم استقال أي انه ألف كتابه في العقد الثالث من القرن الثاني ، وان المسألة كانت قد أثيرت بالفعل من قبل ، وتدل عبارته الأخيرة أن القول بأن كلام الله مخلوق قد ظهر ، وأن من يقول به أصبح متهما بالزندقة في أوساط المسلمين ..!! .
الهوامش :-
( 6 ، 7 ) الدكتور أحمد صبحي ( في علم الكلام ) ج1 ص30 ، 31 .
.........
مخ ۲۵