ومن هنا كان ظهور الرأي الإسلامي المعارض من قبل المتكلمين الأوائل الذين جادلوا بعض علماء النصارى وأدركوا أبعاد ذلك الطرح وانطلقوا من عقيدة التوحيد الثابتة وحقيقة بشرية المسيح عليه السلام وكونه عبد الله ورسوله في مواجهة فكرة قدم الكلمة لدى النصارى وإبطال ما يترتب عليها من الحكم بقدم المسيح عليه السلام وبالتالي ألوهيته ، وذلك خلال إنكار قدم الكلمة والقول بأنها مخلوقه والتأكيد بأن الله سبحانه وتعالى كان ولم يكن معه شيء في الأزل لا كلمة ولا غيرها ، وكل كلامه مخلوق محدث ، وكان من الطبيعي أن ينصرف هذا القول في بداياته الأولى لدى بعض من تسامعوا به من المسلمين إلى القرآن الذي هو كلام الله ، ويقال بأن هذا يعني بأن القرآن مخلوق؟ ليأتي الرد بالإيجاب بالطبع ، ويصبح القرآن هو عنوان المسألة البارز والمتناقل بعد ذلك في أوساط المسلمين هنا وهناك ، ليواجه القول بخلقه نفورا واستنكارا منذ البداية ، ويجد القائلون به أنفسهم أمام مواجهة ومعارضة ضمن الدائرة الإسلامية نفسها ولأسباب فكرية تخص العقلية المسلمة الغالبة ، والنظرة للقرآن الذي بات مقاومة القول بقدمه والتأكيد على خلقه - بالنسبة لأولئك المتكلمين - أمرا يدفعهم إليه ما يحمله هذا القول من مضاهاة لقول النصارى في المسيح ، وإشراك القرآن مع الله في القدم ، وتمكين النصارى - في حال الحكم بقدم كلام الله - من إقامة الحجة من كتاب الله على قدم المسيح الذي وصفه القرآن بأنه كلمة الله .
مخ ۲۴