202

قصص من التاريخ

قصص من التاريخ

خپرندوی

دار المنارة للنشر والتوزيع

د ایډیشن شمېره

العاشرة

د چاپ کال

١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٧ م

د خپرونکي ځای

جدة - المملكة العربية السعودية

ژانرونه

لي إنك جبنت وفقدت حميتك وشجاعتك؟ أجئت تحتمي بصدري من الموت الذي سقت إليه هذه الألوف المؤلفة من المسلمين؟ أهذه هي خاتمتك يا ابن الزبير، ويا مَن جده أبو بكر، ويا من جده عبد المطلب؟
ولم يكن عبد الله يتوقع أن يسمع منها ما سمع، فطفق ينظر مشدوهًا، يود أن يصيح من الفرح لأنها رضيت له بالموت في معمعان المعركة؛ وذلك أقصى ما يريد. ولكنه لا يدري إلى أية غاية ترمي فهو يكتم صيحته ويصمت.
- ما لك يا عبد الله؟ أنسيت أمجاد أبيك الذي يجري دمه في عروقك؟ تعال اقترب أحدثك بأمجاد أبيك: في عشية من عشايا الإسلام الأولى خرج أبوك من بيته هذا، فتنكب طريق الحرم حيث تمثل قريش بجبروتها وشركها، وأم هذه الجبال القريبة يحمل في نفسه بَهاء هذا الدين الجديد فهو يحب أن يفيء إليه وأن يستمتع بعزلة هانئة. فلم تكد تحتويه أعالي مكة حتى طرق أذنيه همس مرعب ارتجفت له أضلاعه واضطرب قلبه وأنساه غايته التي خرج من أجلها. لقد سمع أن محمدًا قتل، وانطفأت هذه الشعلة التي أضاءها الله ليقبس منها العالم ضياء نهار دائم، وجف هذا الينبوع، ووقف الإسلام الذي جاء به للدنيا كلها عند هؤلاء النفر القلائل الذي أسلموا! وكان أبوك يعلم أن قريشًا التي قتلت محمدًا ستمحو هؤلاء النفر وتبيدهم، ولكن أباك لم يخف ولم يفرّ، بل ثارت في نفسه حماسته، وصرخ في عروقه دمه الذي يحمل ميراث عصور طويلة من النبل والشرف، وتوثب إيمانه في صدره وأشعره أنه يقدر بهذا الإيمان على العالم كله، فسلّ أبوك سيفه ورجع يريد

1 / 209