162

قصص من التاريخ

قصص من التاريخ

خپرندوی

دار المنارة للنشر والتوزيع

د ایډیشن شمېره

العاشرة

د چاپ کال

١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٧ م

د خپرونکي ځای

جدة - المملكة العربية السعودية

ژانرونه

منذ الصباح ينحدر وحده يقفز من حجر إلى حجر، فحييناه فلم يرد علينا تحيتنا لأنه كان ذاهلًا قد تعلق بصره بالأفق النائي ... ونظن أنه سار يومه كله، ولن تدركوه أبدًا لأنكم لا تدرون أي سبيل سلك! فاسترجع أهل القرية، واستعبروا أسفًا على أن جُنّ هذا المعلم الشاب، وأيقنوا أنه سيموت في هذه البادية وحيدًا شريدًا. * * * سار كليب يومين كاملين على غير ما طريق مسلوك أو جادة واضحة، يبتغي المنازل والمنحدرات، تسلمه كل ذروة إلى التي تحتها وكل سفح إلى الذي يليه، لا يحس تعبًا ولا يخشى أذى لأن آماله قد ملأته شجاعة وصبرًا، ثم إنه كان في أول الطريق، فهو لا يزال نشيطًا قويًا ولا يزال زاده كاملًا، ثم إن الحر لم يكن قد غمر هذه الجبال، وهي - بعد - في أواسط الربيع. فلما بلغ الصحراء (والصحراء لاتعرف، إذا استَعَرت شمسها وحميت رمالها، ربيعًا ولا خريفًا)، ولما أوغل فيها واحتواه جوفها، ونفد ما حمل من الزاد، والتهبت شمس الضحى التهابًا، وغلى الهواء غلَيانًا ... جففت هذه الشمس أحلامه الندية وأحالتها بخارًا، وطيرت أمانيه من رأسه، ووضعت عقله في جلده ومعدته، فواجه الحقيقة الواقعة؛ فإذا الصحراء الرحيبة الرهيبة تضيق به، وإذا هو يرى حيثما تلفت شبح الموت المروّع، بعظامه البادية وفكيه المرعبين وجمجمته الفارغة، يتراءى له على الأفق البعيد، يرقب أن يعانقه قبل أن يصل إليه. ويتمثل ذلك في خاطره فيشعر ببرودة هذه

1 / 169