وكانت ضباعة، من بني عامر بن قرط بن عامر بن صعصعة، تحت عبد الله بن جدعان زمانا لا تلد، فأرسل إليها هشام بن المغيرة المخزومي: ما تصنعين بهذا الشيخ الكبير الذي لا يولد له، قولي له حتى يطلقك. فقالت لعبد الله ذلك، فقال لها: إني أخاف عليك أن تتزوجي هشام بن المغيرة. قالت: لا أتزوجه. قال: فإن فعلت فعليك مائة من الإبل تنحرينها في الحزورة وتنسجين لي ثوبا يقطع ما بين الأخشبين، والطواف بالبيت عريانة. قالت: لا أطيقه. وأرسلت إلى هشام فأخبرته الخبر فأرسل إليها: ما أيسر ما سألك، وما يكرثك وأنا أيسر قريش في المال، ونسائي أكثر نساء رجل من قريش، وأنت أجمل النساء فلا تأبي عليه. فقالت لابن جدعان: طلقني فإن تزوجت هشاما فعلي ما قلت. فطلقها بعد استيثاقه منها، فتزوجها هشام فنحر عنها ماءة من الجزر، وجمع نساءه فنسجن ثوبا يسع ما بين الأخشبين، ثم طافت بالبيت عريانة، فقال المطلب بن أبي وداعة: لقد أبصرتها وهي عريانة تطوف بالبيت وإني لغلام أتبعها إذا أدبرت، وأستقبلها إذا أقبلت، فما رأيت شيئا مما خلق الله أحسن منها، واضعة يدها على ركبها وهي تقول:
اليوم يبدو بعضه أو كله
فما بدا منه فلا أحله
كم ناظر فيه فما يمله
أخثم مثل القعب باد ظله
قال: ثم إن النساء إلى اليوم من بنات الخلفاء وأمهاتهن، فمن دونهن يطفن بالبيت مكشفات الوجوه، ونحو ذلك لا يكمل حج إلا به.
وأعرس عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعاتكة ابنة زيد بن عمرو بن نفيل، وكانت قبله عند عبد الله بن أبي بكر، فمات عنها بعد أن اشترط عليها ألا تتزوج بعده أبدا، على أن نحلها قطعة من ماله سوى الإرث، فخطبها عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأفتاها بأن يعطيها مثل ذلك من المال فتصدق به عن عبد الله بن أبي بكر، فقالت في مرثيته:
فأقسمت لا تنفك عيني سخينة
عليك ولا ينفك جلدي أغبرا
مخ ۱۵۱