المختار (١) وغيره، وكأن هذا الاحتياط نظر إلى قاعدة: تعارض المانع والمقتضى (٢)، المذكورة في كتب أصول فقهائنا، وقد فرَّع عليها صاحب الأشباه (٣) فروعًا كثيرة تقارب الفرع المذكور في العلة، غير أنَّ هذا الاحتياط إنما يظهر أثره فيما إذا لم تتمحض الجهة المستقبلة بأن كان محدَّد الركن بين عيني المستقبل قاسمًا صدره الذي هو المناط في الاستقبال شطرين: شطر تحصل به المشاركة للإِمام في جهته، وشطر في مقابل الجهة الموالية لها.
وأمَّا إذا تمحَّضت الجهة بأن وقف على خط الركن مُزْوَرًّا موجّهًا صدره إلى إحدى الجهتين، فإن كانت جهة الإِمام فلا يصحّ اقتداؤه جزمًا لتقدِّمه المشاهد، وإن كانت غيرها صحَّ اقتداؤه بلا شبهة، وهذا لا يختصّ بالمأموم المستقبِل للركن، بل الإِمام كذلك لو استقبل الركن بلا تمحّض جهة يمنع المقتدي من التقدُّم عليه في كل من الجهتين احتياطًا، فإن تمحَّضت جهة يمنع المقتدي من التقدُّم فيها فقط.
وسأوضح لك جميع ما تقدَّم ذكره برسم يتضمَّن تصوير البيت الشريف وبيان جهاته الأربع والصفوف الثلاثة: التربيعي، والدوري،
_________
(١) (١/ ٢٠٦)، ونصه: "ولو وقف مسامتًا لركن في جانب الإِمام وكان أقرب لم أره، وينبغي الفساد احتياطًا لترجيح جهة الإمام ... ".
(٢) هذه قاعدة فقهية: "إذا تعارض المانع والمقتضي يقدّم المانع"، وذلك لأنَّ اعتناء الشارع بالمنهيات أشدُّ من اعتنائه بالمأمورات.
ينظر: شرح القواعد الفقهية، للزرقا ص (٢٤٣).
(٣) ينظر: الأشباه والنظائر مع شرحه غمز عيون البصائر (١/ ٣٥٥).
1 / 21