أبدا والله ما كنت سبب هذه المأساة التي أغرت بيننا العداوة، وأججت نيران هذه البغضاء! وأبدا والله ما آثرت أن يكون بيننا - ونحن في هذا الأمر ما نحن - شيء من تلك القطيعة التي دفعنا ثمنها غاليا: أرواحا مطهرة ودما زكيا وشبابا أنضر الشباب!
أبدا والله ما آثرت من ذلك شيئا قط؛ ولكنها المقادير ومشيئة سيد الأولمب، وهذه الربات الغالبات «أرينيس»
1
اللائي تحالفن علي فغشين بصيرتي، وأذهلنني عن نفسي، فأتيت ما أتيت على غير وعي مني ولا هدى ولا برهان مبين!
ولقد ثاب إلي رشدي وارتفع الحجاب عن بصيرتي ساعة إذ أبصرت هكتور يأخذ جموعنا فيحصرهم بينه وبين البحر، كأشد ما يكون حصار بين موتين! عندها ذكرت أخيل! وذكرت أنني آثم في حق أخيل، وأن أخيل لو كان في هذه الحلبة لما ملك هكتور رشاده، وما ملكت رجلاه أن تحملاه! فزاغت عيناي واستبنت ضلالتي واستغفرت الآلهة من أجل آثامي!
أخيل!
ما أعظمك حين نسيت غضبتك، وسعيت إلى خصمك، ومددت إليه يمينك من أجل الوطن! مرحبا بك يا أخي! ومرحبا بصلح يغسل الضغن، ويذهب بالجفوة ويرأب ما انصدع من شملنا جميعا!
على أني أرى أن أمهر صلحي وأؤكد محبتي باللهى الغالية، والهدايا العالية، وبكل مذخور ثمين؛ فهلم يا ابن بليوس، هلم؛ هيئ الصفوف وجيش الفرق حتى أعود إليك بتذكاراتي.»
وأبى أخيل أن يلهو أحد في تلك الساعة أو يشتغل إلا بالحرب والاستعداد ليوم الفصل، فشكر أجاممون؛ ورجاه أن يلبث معه حتى يأخذ كل عدته؛ ولكن أوليسيز الجريح يتدخل، ويرجو أن ينطلق أجاممنون فيأتي بالعطايا واللهى، وبالغادة المفتان، بريسيز، فتنة الفتن، ونادرة الجمال، نقية كما هي، أخيلية كما فصلت من خدر مولاها يوم الخصام الأكبر، «وأنا أقسم لأخي على ذلك ويقسم عليه ويؤكده أجاممنون».
ويقسم عليه ويؤكده أجاممنون، ويغسل إقسامه بالدمع السخين؛ ثم يأمر خادمه «تلثبيوس»، فينطلق إلى حيث يأتي بخنزير سمين يذبحه ويطعم القادة منه، ويحلف أخيل لا يذوقن من طعام حتى يعود بثأر صديقه وأعز الناس عليه: «بتروكلوس»!
ناپیژندل شوی مخ