وكانت تتأود تحت حملها الثقيل فما إن بلغت سفينة أخيل ألقت بالدرع المسرودة؛ وحتى هب ولدها يحييها بعين شكرى ومهجة حرى وقلب موجع حزين.
وكان لا يزال جالسا أمام جثة بتروكلس يبكيها، ويكلم فيها الإخاء والوفاء، ويناجي في لفائفها الود والولاء، وكان ما يزداد إلا لوعة، وكان ما يزداد إلا أنينا!
وحنت عليه أمه تواسيه؛ ثم لفتته إلى الدرع والخوذة، فحدجهما بنظرة قاتمة، وشكر لها هدية فلكان، ثم أوصاها بالجثة خير ما يوصى به الصديق، «ذودي الذباب فلا يمسها يا أماه وادفعي عنها أذى أسرابه، واسقيها من المعتقة الصفراء حتى تأذن الآلهة فأعود إلى بتروكلس بثأره.»
وانطلق في غبشة الصبح يطوف بمعسكر الهيلانيين داعيا إلى مجلس حربي.
وكان يهتف بالجند النائم هتافا عاليا فينتفض المقاتلون وقد خفقت قلوبهم واهتزت جوانحهم وفاضت عبراتهم من الفرح للقاء أخيل!
وكان أجمل ذلك جميعا أن ينهض أوليسيز متهالكا على نفسه، وديوميد مترنحا في عطفه ونسطور مرتجفا كأنه في يوم حشر، و... أجاممنون كأن الحياء والخجل يصبغانه بحمرة الجحيم!
لقد كانت جروح القادة أنطق برهان على ما جرت تلك الخصومة الوضيعة بين أجاممنون وأخيل من هزيمة للجيش، وضياع للجهود، وعبث بآمال أمة ترقب أبناءها من وراء البحار!
وانتظم عقد القادة ووقف أخيل يتكلم؛ فأرهفت الآذان، وصغت القلوب، وتحركت الألسن تبحث عن بلل من الريق تبتلعه: «ابن أتريوس العظيم!
أخي في الوطن!
يا أمير هذه الجيوش الغازية!
ناپیژندل شوی مخ