والحكومة الأرستقراطية، وهي أن تحكم الأمة الأقلية العاقلة أو الأقلية الممتازة بكفايتها فإذا فسد هذا نشأت: (4)
الحكومة الأوليجاركية، وهي أن تحكم الأقلية الغنية أو الأقلية القوية. (5)
الحكومة الجمهورية، وهي أن يكون أفراد الأمة متساويين في الكفاية ليس فيها فرد أو طبقة ممتازة، فيشترك الأفراد كلهم أو أغلبهم في الحكم، فإذا فسدت نشأت عنها: (6)
الحكومة الديمقراطية، وهي وإن كان الحكم فيها في يد الأغلبية، فأهم مميزاتها أن الحكم فيها في يد الفقراء.
لم يعين أرسطو - كما عين أفلاطون - المثل الأعلى للدولة، فأرسطو يقول ليس هناك شكل خاص هو في نفسه خير الأشكال، فكل شكل يعتمد على ما يحيط به من ظروف، فقد يكون شكل حسنا لأمة في عصر على حين أنه سيئ في عصر آخر وأمة أخرى؛ ولذلك لم يعن برسم المثل الأعلى للدولة، أو كما نقول: «المدينة الفاضلة»، ولكن من هذه الحكومات الثلاث الجيدة فضل أرسطو حكومة الفرد، فحكم الفرد الحكيم العادل خير أنواع الحكم عنده، ولكنه عد ذلك متعذرا أو على الأقل متعسرا، فقل أن يوجد هذا الإنسان الكامل، ونرى هذا النوع موجودا بين الأمم المبتدية في طورها الأول؛ فنرى في الجماعة فردا يفوق الباقين في أخلاقه وصفاته فيحكمهم، ويلي هذا النوع من الحكومة الأرستقراطية ودونها في نظر أرسطو الحكومة الجمهورية ويقول: إنها كانت أنسب أنواع الحكومات للمدن اليونانية في بعض ظروفها ودرجة رقيها. (6) رأيه في الزواج ونظام التربية
يرى أرسطو أن المرأة بالنسبة للرجل كالعبد لسيده، أو كنسبة العامل باليد للمفكر، أو البربري للإغريقي، فهي عبارة عن رجل ناقص التكوين لم يتم خلقه، والذكر بحكم الطبيعة أسمى مرتبة من الأنثى، فهو بالضرورة قوام عليها، له أن يحكم وعليها أن تطيع؛ ذلك لأنها ضعيفة الإرادة، ولذا فهي عاجزة عن أن تستقل في خلقها دون أن تعتمد على مرشد يهديها سواء السبيل، وتكون المرأة في خير حالاتها إذا ما قبعت في عقر دارها حيث الحياة هادئة ساكنة، تاركة للرجل معترك الحياة الخارجية، ولقد خطأ أفلاطون حين سوى بين الرجل والمرأة في مدينته الفاضلة.
وينصح أرسطو للشاب بتأجيل زواجه حتى يبلغ سن السابعة والثلاثين، وعندئذ يتزوج من فتاة لا تتجاوز العشرين؛ لكي يفقد الزوجان قوة التناسل وحدة العواطف في أسنان متقاربة: «فلو بقي الرجل قادرا على الإنسال بينا تكون المرأة عاجزة عن الحمل، أو العكس، لنشأ بين الزوجين عراك وخلاف ... ولما كانت مقدرة الرجل تمتد إلى سن السبعين، وتقف مقدرة المرأة عند سن الخمسين، وجب أن يكون بدء اتصالهما ملائما لهذه النهايات، واتصال الذكر بالأنثى وهما لا يزالان صغيرين خطر على ما ينتجان من أطفال، ويلاحظ في كل أنواع الحيوان أن نسل الصغير يكون ضئيلا ناقص التكوين، وغالبا يكون إناثا.» [السياسة]
ويحسن بناء على ذلك ألا يترك أمر الزواج لأهواء الشبان تلعب به كيف شاءت لهم عواطفهم، بل يجب أن يوضع تحت إشراف الدولة لكي تحدد سن الزواج لكل من الجنسين ولتضمن سلامة النسل من جهة، وتضبط عدد السكان من جهة أخرى، فلو ازداد السكان زيادة كبيرة، فسيضطر الآباء إما إلى قتل الأبناء بعد ولادتهم، أو إلى إجهاض الأجنة قبل وضعها: «وإن كان لا بد من الإجهاض فليكن قبل أن تدب في الجنين الحياة والحس.» [السياسة]
ويجب أن يكون عدد سكان الدولة ملائما لثروتها وشتى ظروفها: «فإن قل السكان قلة كبيرة لم تستطع الدولة أن تكفي نفسها بنفسها، وإن كثر السكان كثرة عظيمة ... تنقلب الدولة إلى أمة، وكثيرا ما تكون عاجزة عن اتخاذ حكومة دستورية.» [السياسة]
أما التربية فيجب أن يوضع زمامها في يد الدول لكي تشكلها حسب ما يقتضيه نوع الحكومة القائمة، فينشأ الطلاب على طاعة القانون وإلا استحال قيام الدولة، ومن لم يدرب على الطاعة لم يستطع أن يكون بعد قائدا له الأمر، هذا وستعمل الدولة لتنشئة الأفراد على حب الجماعة، وعلى أن خير حرية هي ما قيدها القانون: «فالإنسان إذا ما كمل صار أرقى أنواع الحيوان، وهو شرها إذا انفرد عن الجماعة وانعزل.» ولقد نشأت الجماعة وتطورت لما للإنسان من مقدرة على التخاطب والتفاهم، ثم كانت الجماعة عاملا شاحذا للذكاء، ثم كان الذكاء سببا للنظام، ثم كان النظام أساسا للمدنية، ففي الدولة المنظمة يستطيع الفرد أن يسلك ألف طريق إذا أراد سموا وارتفاعا، أما إذا انسلخ عن الجماعة وعاش منعزلا فلا سبيل إلى الرقي: «وإذا عشت منفردا فإما أن تكون حيوانا أو إلها.» [السياسة]
ناپیژندل شوی مخ