والمؤرخ العربي يذكر هذه النكبة حزينا، ويعدها ضربة من ضربات القدر ويقول:
إن الله لم يشأ أن يهب نصره للأندلسيين، فأخذوا وذبحوا في كل مكان، ثم أخرجوا من ديارهم، وقد وقعت هذه النائرة في أيامنا سنة 1017 للهجرة (سنة 1608م)، والله جل شأنه وعظم سلطانه يقول:
إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين .
ولم يعرف الإسبان عندما نفوا العرب ماذا كانوا يفعلون!! حقا لقد خربوا بيوتهم بأيديهم، فإنهم ابتهجوا أول الأمر بنفيهم وشمتوا فيهم، وشفت غليلهم المناظر المؤثرة لهؤلاء العرب، وهم يطردون من فردوسهم.
ولكن الإسبان لم يدركوا أنهم قتلوا الإوزة التي تبيض بيضة من ذهب في كل يوم؛ فقد بقيت إسبانيا قرونا في حكم العرب وهي مركز المدنية، ومنبع الفنون والعلوم، ومثابة العلماء والطلاب، ومصباح الهداية والنور، ولم تصل أية مملكة في أوربا إلى ما يقرب منها في ثقافتها وحضارتها، ولم يبلغ عصر فرديناند وإيزابلا القصير المتلألئ، ولا إمبراطورية شارل الخامس، الأوج الذي بلغه المسلمون في الأندلس، وقد بقيت حضارة العرب إلى حين بعد خروجهم من إسبانيا وضاءة لامعة، ولكن ضوءها كان يشبه ضوء القمر الذي يستعير نوره من الشمس، ثم عقب ذلك كسوف بقيت بعده إسبانيا تتعثر في الظلام.
وإنا لنحس فضل العرب وعظم آثار مجدهم حينما نرى بإسبانيا الأراضي المهجورة القاحلة التي كانت في أيام المسلمين جنات تجري من تحتها الأنهار، تزدهر بما فيها من الكروم والزيتون وسنابل القمح الذهبية، وحينما نذكر تلك البلاد التي كانت في عصور العرب تموج بالعلم والعلماء، وحينما نشعر بالركود العام بعد الرفعة والازدهار.
ناپیژندل شوی مخ