مكان، لأنه مبهم على كل حال بمنزلة أمامه، فجعل الألف واللاَّم بدلًا من الإضافة على مذهب الكوفيين، أي: أوسع ما يكون صدرًا إذا تقدم في أول الكتيبة، يضرب بالسيف، وأصحابه من ورائه ما بين طاعن ورام.
قال الشيخ: كل من كان كما يقول متقدمًا في أول كتيبة، يضرب بالسيف، وأصحابه من ورائه ما بين طاعن ورام، فإنه يكون واسع الصدر إذ لا بأس عليه ولا مخافة له من جوانبه، إذ هو مُتكِّوف بأصحابه، وهذا التفسير أيضًا وقع بالضد، فإنه يقول: وأوسع ما تراه صدرًا في الحال التي لا يصحب الإنسان فيها نفسه، ولا يصدقه جيشه، وهو في مأزق ضاق به المكان، واكتنفه الرمي والضراب والطعان من أعدائه، فأمامه ضراب في وجهه
ووراءه رمي وطعن من خلفه، فأوسع ما تلقاه صدرًا إذا كان والحال هذه، وهي الشجاعة والبطولة التي لا غاية لها ولا نهاية.
(وأنفذُ ما تلقاهُ حُكمًا إذا قضى ... قضاَء ملوكُ الأرضِ منه غضابُ)
قال أبو الفتح: يقول إذا أراد أمرًا يُغضب جميع الملوك، فحينئذ أنفذ ما يكون أمرًا، فإن قيل: فهل يكون أمره في وقت أنفذ منه في وقت؟ قيل: إنما يُتبين نفاذ أمره ومضاؤه في هذه المواطن العظيمة، فلذلك قال هذا، وكذلك القول فيما قبل هذا.