يضحكها؟! الأجدر بالقرية أن تبكي! - وماذا كنت أستطيع أن أفعل؟ لقد تحملت العار مغلوبة على أمري، وبعد ذلك أخذ يعتاد الذهاب إلى الحانة ويستولي على جميع النقود التي يجدها في المنزل، ويتسكع في الحانة ويشرب الكثير، وعندئذ يأخذ في التشاجر مع الناس، بل ومع رجال البوليس أنفسهم ويقول لهم: «أيها الكتاكيت! إنكم شبان فلماذا لا تذهبون إلى الجبهة؛ لتحطموا أنتم أيضا بمدافع الروس؟»
وذات مساء لم يعد إلى المنزل، وانتظرته وبحثت عنه في كل مكان، وقبيل الصبح وجدته وسط الأدغال على حافة الماء، ورأسه محطمة بضربة قالب من الطوب، وزوجة ابني أرملة نييلو تركت القرية، وقد قيل لي: إنها عملت خادمة في بيت كبير ببوخارست، وتركت أطفالها على كاهلي، وكان لا بد لي من أن أعنى بهم، ولم يكن الأمر سهلا، وأثناء ذلك عاد سامينتزا أخو زوجي، وهو رجل أسمر أزرق العينين قصير الشارب ضخم اليدين والأصابع، وقلت له: «أهلا وسهلا يا أخي.» - أنا سعيد بأن أجدكم جميعا في صحة طيبة.
وعندئذ سمعت أختي وهي تسألني: «أوما تحضر لتناول الطعام؟» - لست جوعانا، وأنا لا زلت أتحدث قليلا مع فيليمونا. - تتحدث مع فيلمونا وتدخن ... وطبعا لا يمكن أن تحس بالجوع. - حقا أنا أدخن، ولم أستطع التخلص من هذه العادة.
وأنظر إلى فيليمونا، وفيليمونا تنظر إلي، وقد أصبحت يداها خشنتين وغطتهما التجاعيد، وجبهتها أيضا مجعدة وخداها غائرين، وشفتاها وإن ظلتا ممتلئتين إلا أن الريح قد أضفت عليها صبغة بنفسجية.
وقالت: «الجو دافئ جدا.»
وخلعت الشال الذي يغطي رأسها ووضعته إلى جوارها على ظهر مقعد، ولم تحتفظ إلا بمنديلها الأسود.
وأجبت: «هذا حق، الجو حار.» - وقد ملأت الحجرة بالدخان ... - هل تذكر أنك أتيت إلى المنزل لمدة أسبوع بعد الحرب؟ - نعم أذكر.
وقالت فيليمونا: «كان ذلك في الربيع.» - في الربيع فعلا! - وكانت أشجار الليلا قد أزهرت. - نعم يخيل إلي أن الليلا كانت مزهرة يا فيلي. - وبعد رحيلك لم تكتب لي قط. - لم أكتب لك ... هذا حق ... لم أكتب لك قط. - ولا بضع كلمات. - ولا بضع كلمات يا فيلي ... - وسقطت مريضة ... آه ... لا ... لا تظن ... لا تظن أن ذلك حدث لأنك لم تكتب، وقد فهمت جيدا أنك في تلك المدينة المحمومة لم تجد وقتا لتكتب لي. - هذا حق ... لم أجد وقتا يا فيلي ... - ولم أدر أنا نفسي ماذا حدث لي، فقد كنت كأنني في عالم آخر، وظننت أني سأجن، هل تتذكر بوندار؟ - أي بوندار؟ - بوندار صول البوليس. - الأسمر الطويل؟ - نعم هو، كان قد انتهى لتوه من الخدمة العسكرية وأخذ يستعد للعودة إلى بيته في قرية من ضواحي بيتستي، وقد وعدني بالزواج وطلب أن أرحل معه، وعندئذ رحلت معه، كنت لم أعد أحب البقاء هنا، قد سئمت حقولنا، وسئمت التل، بل وسئمت منزلنا أيضا، وحزمت أمتعتي ووضعتها كلها في جواري، وذلك مساء رحلت معه في القطار، وبعد منتصف الليل بقليل وصلنا إلى بيتستي.
وهنا قال لي: «هيا لننزل، وسنقضي بقية الليل في فندق.» - ولكنك ستحترمني؟ - بكل تأكيد، وغدا سنصل إلى منزلي وهناك سنتزوج. - وقادني إلى الفندق في مكان ما إلى جوار المحطة، وكان كوخا تفوح منه رائحة البؤس، ويا لهول ما رأيت فيه! وما قاسيته في تلك الليلة ... يا إلهي ... يا ليتني مت! - لسوء الحظ يا فيلي إن الإنسان لا يموت عندما يرغب، وإنما يموت كل منا حين يحين حينه. - هناك من يموتون عندما يريدون؛ فيضعون نهاية لأيامهم ... وليس هذا صعبا، أوما ترى ذلك؟! حبل في العنق وانتهى الأمر، ولقد فكرت في ذلك أيضا ولكنني خفت، ثم إنه أمر غير مناسب أن يجدك الأغراب معلقا في مسمار ولسانك مدلى!
وأجبتها: نعم، أنت على حق يا فيلي، إنه أمر غير مناسب. - الموت يجيء دائما في النهاية. - نعم يا فيلي، يجيء إلينا جميعا.
ناپیژندل شوی مخ