وكانت السيدة مانيوالا تشرف على الفرن. - إنني مسرور بأن أجدك في صحة طيبة يا مدام مرجيولا. - على الرحب والسعة يا سيد فانيكا. - هل هناك في هذه الساعة شيء أن أتبلغ به؟ - حتى في منتصف الليل ... بالنسبة لمثلك من خيار الناس.
وفي سرعة أمرت السيدة مرجيولا خادمة عجوز بأن تعد المائدة في حجرتها ... ثم اقتربت من طاقة إلى جوار الموقد، وقالت لي: هيا اختر لنفسك.
وكانت السيدة مرجيولا جميلة قوية البنية، واسعة العينين، وكنت أعرفها منذ طفولتي ومنذ أن كان المرحوم والدي - والذي لا يزال - حيا، حيث مررنا عدة مرات بفندق مانيوالا الذي يقع في طريقنا عندما نذهب إلى السوق، ولكنها - ومنذ أن عرفتها - لم تبد لي ساحرة إلى هذا الحد، وكنت شابا وفتى وسيما مغامرا، بل وأقدر على المغامرة مني على التلطف، وبينما كانت منحنية على الموقد اقتربت منها من الناحية اليسرى وطوقت خصرها، ومست يدي ذراعها الأيمن الذي كان لحمه مكتنزا كالمرمر، وقرصتها وكأنني مدفوع بالشيطان!
ونظرت إلي السيدة شذرا، قائلة: أليس لديك ما هو خير من هذا لتفعله؟ - إن عينيك رائعتان يا مدام مرجيولا. - هيا! لا داعي للمجاملات! قل لي أولا: ماذا تريد أن أقدم لك؟! - قدمي لي ... قدمي لي ... ما عندك. - حسن ... حسن.
وأخذت أكرر متنهدا: آه! حقا إن عينيك رائعتان يا مدام مرجيولا! - ماذا يمكن أن يقول حموك لو سمعك؟ - أي حمى؟ ... وكيف تعرفين؟ - أتظن أنك إذا اختفيت تحت قلنسوة الفراء لن يرى أحد ماذا تفعل؟ أولست ذاهبا إلى الحكمدار يورداكي لكي تخطب ابنته الكبرى؟! هيا لا جدوى من أن تنظر إلي هكذا، اجلس على المائدة في حجرتي.
وكنت قد رأيت في حياتي حجرات نظيفة ومريحة، ولكنني في الحق لم أر مثل هذه الحجرة ... أي فراش! وأية ستائر! وأية جدران! وأي سقف! ... كلها بيضاء كاللبن، ومصباح المائدة وجميع المفارش مطرزة برسوم متباينة، وكانت دافئة في دفء الجو الذي تهيئه الدجاجة تحت جناحيها لصغارها ... ثم رائحة التفاح والكمثرى البرية.
وعندما هممت بالجلوس إلى المائدة أخذت - مجاراة للعادة التي ألفتها منذ الطفولة - أدور باحثا عن جهة الشرق لكي أرسم علامة الصليب، وفحصت الجدران من حولي في عناية الواحد بعد الآخر، ولكني لم أجد الأيقونة، وعندئذ قالت مدام مرجيولا: ما الذي تبحث عنه؟ وأجبت: الأيقونات ... أين هي؟
فقالت: سحقا للأيقونات! إنها أوكار للبق والصراصير!
كم هي نظيفة! ... وجلست على المائدة، ورسمت علامة الصليب كالعادة، وفجأة انطلقت صرخة نافذة، لا شك أنني قد وضعت كعب حذائي الحديدي على قط عجوز كان قابعا تحت المائدة، وقفزت مدام مرجيولا وفتحت الباب، فانطلق القط الهائج إلى الخارج، بينما اندفع الهواء البارد إلى الحجرة وأطفأ المصباح، وأخذنا نبحث عن أعواد الثقاب ونتحسس مكانها، وبحثت أنا هنا، وبحثت هي هناك، والتقينا في الظلام صدرا أمام صدر، وبطبيعتي المغامرة أمسكتها بقوة بين ذراعي وأخذت أقبلها، ومع أن المرأة أخذت تقاوم، إلا أنها بدت مستسلمة أحيانا وكانت وجنتاها كالنار وشفتاها رطبتين، وإلى جوار أذنها كان يقف زغب جلدها.
وأخيرا وصلت الخادمة حاملة شمعة وصينية عليها الطعام، وكنا - بلا ريب - قد قطعنا وقتا طويلا في البحث عن أعواد الثقاب؛ لأن زجاجة المصباح كانت قد بردت تماما، وأشعلنا المصباح، يا لها من وجبة خبز ساخن، وبط محمر مع الكرنب ، وسجق مشوي من لحم الخنزير، ونبيذ معتق وقهوة تركي، وضحك وثرثرة ... يا لها من امرأة مدهشة مدام مرجيولا! وبعد القهوة قالت للخادمة العجوز: احملي إلينا قنينة من نبيذ الموسكا.
ناپیژندل شوی مخ