ال. ساهيا (1908-1937)
زهاريا ستانكو (1902)
قصص رومانية
قصص رومانية
تأليف
محمد مندور
مقدمة
هذه صفحات مختارة من فن القصص في الأدب الروماني تمثل ألوانا مختلفة من هذا الفن عند شعب صديق يشبه في كفاحه من أجل التحرر والوعي بذاته شعبنا العربي إلى حد كبير، بل ربما كان كفاحه أكثر عنفا وضراوة، حتى بالنسبة للغته القومية والاحتفاظ بمقوماته الأصلية.
فالشعب الروماني الأصلي جاءته اللغة اللاتينية مع الغزو الروماني، وتطورت تلك اللغة كلهجة محلية حتى أصبحت ما يعرف اليوم باسم اللغة الرومانية، ولكن هذه اللهجة التي أصبحت لغة لم تتم وتتطور وتستقر بغير عوائق وهزات أتتها من غزوات جيرانها وسيطرتهم على البلاد بعد تضعضع الإمبراطورية الرومانية؛ فتعرضت تلك اللغة لمؤثرات سلافية عميقة، ثم لمؤثرات تركية قد تكون أقل عنفا واتساعا، ولكنها مع ذلك عاقت نمو اللغة القومية وأصابتها بالبلبلة؛ نتيجة لاحتلال تركيا لرومانيا قرونا طويلة، ولكن الشعب الروماني الأصيل استطاع بالرغم من كل ذلك أن يسترد المقومات الأساسية لقوميته وفي مقدمتها اللغة، وكان ذلك بنوع خاص وبشكل واضح في القرن التاسع عشر، فإن ظهور القوميات في أوروبا نتيجة للروح الثورية التي اشتعلت بكل بلد من بلاد أوروبا في ذلك القرن.
وإذا كان الشعب الروماني في مرحلة كفاحه من أجل قوميته الأصيلة، وتدعيم هذه القومية بكل دم قوي سليم قد تعرض في ثقافته وأدبه وفنه إلى مؤثرات غربية قوية؛ كالمؤثرات الألمانية والفرنسية وغيرها، فإنه لم يلبث ابتداء من منتصف القرن الماضي تقريبا أن تخطى تلك المرحلة أيضا ليعتمد على نفسه، ويبحث عن أصالته الخاصة، وقاد هذه الدعوة عدد من أدباء رومانيا ومثقفيها الذين التفوا في مقاطعة مولدافيا - بنوع خاص - حول المجلة التي أصبحت من مشاعل تاريخ الثقافة والأدب والفن في رومانيا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وهي مجلة «داسيا الأدبية»، ورأى هذا النفر من الأدباء والفنانين أن طريقهم إلى الأصالة هو العودة إلى ماضيهم القومي، ويوميات مؤرخيهم الأوائل بلغتهم الرومانية النقية من جهة، واستحياء آدابهم الشعبية من جهة أخرى، باعتبار أن تلك الآداب هي التي تعبر عن الروح الأصيلة للشعب وتقاليده، ومواضع اهتمامه بطريقة تلقائية نابعة عن طبيعة الحياة، وغير متأثرة بالثقافات والتيارات والآداب والفنون الوافدة من الخارج، والتي تؤثر بنوع خاص في المثقفين لا في أدباء وفناني الشعب.
ناپیژندل شوی مخ