أخذ الأمير التعس يتلوى في تشنجات الاحتضار، وهو يرغي ويصر بأسنانه، وقد برزت عيناه من رأسه، وانثال فوق وجهه عرق ثلجي كنذير كئيب بالموت، وبعد نصف ساعة من التلوي بالعذاب، أسلم روحه بين جلاديه.
تلك كانت نهاية إسكندر لابوشناينو الذي لطخ تاريخ ملدافيا ببقعة من الدم.
وفي دير تاتينا الذي بناه ودفن فيه يستطيع الإنسان أن يرى اليوم صورة هذا الأمير هو وأسرته.
إيون كريانجا (1837-1889)
كريانجا هو أكبر قصاص روماني، وقد ولد في أسرة من الفلاحين الأميين، ولكنه تثقف وأصبح قسيسا، ثم معلما أوليا، وكان يتمتع بالذكاء والخيال والحساسية وروح الدعابة التي يمتاز بها فلاحو ملدافيا.
وكان كريانجا يملك عبقرية الرواية الشفوية التي جعلته يتفوق تفوقا لا مثيل له في حكاية القصص والطرائف الشعبية الملدافية.
وفي سنة 1875 بناء على نصائح صديقه الكبير الشاعر ميخائيل إيمنسكو أخذ يكتب ذكرياته، ويسجل الحكايات والقصص الخرافية التي تغذت بها طفولته، وإذا بواحد من كبار القصاصين يظهر في رومانيا بفضل «ذكريات طفولته» التي لا تنسى من جهة، وقصصه من جهة أخرى، أمثال: «الحماة وزوجات أبنائها الثلاث»، و«المعزة ذات الجديان الثلاثة »، و«كيس النقود ذو الفلسين»، و«دانيلا بريبلياك»، و«قصة الخنزير»، و«حكاية ستان المسلوخ»، و«قصة هاراب ألب»، و«إيفان المخلاة»، و«الأب نيكيور الحلنجي»، و«الأب إبون رواتا» و«الاتحاد» ... إلخ.
وحياة القرية الرومانية كلها بأخلاقها ومعتقداتها وقصصها الخرافية، وصورة فلاح ملدافيا المرهق بالعمل، البسيط المنصف العاقل المرح، كل هذا يبرز في قصص كريانجا ذات الأسلوب الغض ذي العصير الشعبي الذي يحتفظ بنضرة خالدة. (1) الأب نيكيفور «الحلنجي»
ليس الأب نيكيفور شخصية خرافية، فنيكيفور قد وجد وعاش فعلا في قرية تتوييني ضاحية مدينة ترجول نيامترولي في ملدافيا بالقرب من قرية فيناتوري نيامتزولي، وقد عاش تقريبا في الفترة التي كان جد جدي يلعب فيها موسيقى القرب في حفل التعميد الذي أقامه ببيته ديديو العجوز في قرية فيناتوري! وكان الإشبين، وهو الأمير باكيه نفسه الذي قدم له العجوز ديديو هدية مكونة من تسعين حملا لكل منها - بغير استثناء - عين محاطة ببقعة سوداء! وكان القسيس عما لعم أمي كلوبوك قارع أجراس ديز نياموتزو، وقد أطلق عليه اسم القارع؛ لأنه صب لهذا الدير - على نفقته الخاصة - ناقوسا كبيرا كان يحب أن يقرعه بنفسه في أيام الأعياد الكبرى، وهكذا عاش الأب نيكيفور في ذلك الزمن في قرية تتوييني.
كان الأب نيكيفور حوذيا بمهنته، وبالرغم من أنه لم يكن يملك كأسواط غير حبال من الزيزفون، فإن عربته كانت متينة ومريحة وواسعة، والمظلة الكبيرة التي تغطيها تمنع المطر والشمس من دخولها، وصندوق الزيت وعدة التشحيم والكوريك، وكانت كلها معلقة في السهم.
ناپیژندل شوی مخ