الإهداء
تمهيد مهم من الراوي
تمهيد لا داعي له من المؤلف إلا لو كان الغرض هو الإملال
القصة المملة الأولى: ببلومانيا
القصة المملة الثانية: شيء من الطفولة
القصة المملة الثالثة: عندما هفهف لباس الليل
القصة المملة الرابعة: 01
القصة المملة الخامسة: بإخلاص: أنت تعرف من
القصة المملة السادسة: القبعة الزرقاء
القصة المملة السابعة: مضت بسلام
ناپیژندل شوی مخ
القصة المملة الثامنة: مذكرات مايكل غروننبيرج
القصة المملة التاسعة: العاهرة
القصة المملة العاشرة: سيدي الطائر
القصة المملة الحادية عشرة: ديجا فو
القصة المملة الثانية عشرة: أجاممنون
تلخيص سريع من الراوي
مهند رحمه مع القراء
الإهداء
تمهيد مهم من الراوي
تمهيد لا داعي له من المؤلف إلا لو كان الغرض هو الإملال
ناپیژندل شوی مخ
القصة المملة الأولى: ببلومانيا
القصة المملة الثانية: شيء من الطفولة
القصة المملة الثالثة: عندما هفهف لباس الليل
القصة المملة الرابعة: 01
القصة المملة الخامسة: بإخلاص: أنت تعرف من
القصة المملة السادسة: القبعة الزرقاء
القصة المملة السابعة: مضت بسلام
القصة المملة الثامنة: مذكرات مايكل غروننبيرج
القصة المملة التاسعة: العاهرة
القصة المملة العاشرة: سيدي الطائر
ناپیژندل شوی مخ
القصة المملة الحادية عشرة: ديجا فو
القصة المملة الثانية عشرة: أجاممنون
تلخيص سريع من الراوي
مهند رحمه مع القراء
قصص مملة جدا
قصص مملة جدا
تأليف
مهند رحمه
الإهداء
إلى روح العراب د. أحمد خالد توفيق، في الذكرى الثالثة لوفاته ...
ناپیژندل شوی مخ
المعلم، والمرشد، والأب الروحي ... صاحب الخلق الدمث، والسيرة العطرة أبدا ...
فللأبد ...
ستبقى في قلوبنا للأبد ...
وحتى تحترق النجوم، وحتى ...
طبت حيا وميتا ...
تمهيد مهم من الراوي
كاتب هذه السطور ليس عميقا على نحو خاص ...
هل تريدني أن أحدثك بصراحتي المعهودة؟!
سأحدثك بصراحتي المعهودة ...
هذه المجموعة القصصية مملة جدا ...
ناپیژندل شوی مخ
دعني أكن صريحا معك أكثر، تلك أكثر القصص مللا على الإطلاق!
لن تحصد جائزة الطيب صالح، ولن تترشح للبوكر، ولدي شكوك جدية في أنها ستدخل في قوائم أفضل القصص القصيرة على مر التاريخ، ربما لن تنافس قصص جدتك عند انقطاع الكهرباء، أو قصص سائق الحافلة المتذمر؛ إذ يحكي لك قصة حياته وانتصاراته القديمة، بعد أن رماك حظك التعس بجواره.
لكنها ستحصد حنقك، وستجعلك تتثاءب وتشعر بالنعاس بعد الصفحة الأولى، قد تطلق بعض عبارات السباب البذيء كذلك للأحمق الذي وجد في نفسه الجرأة والمزاج الرائق لكتابة مثل هذه السطور، وتضييع وقتك.
قد تلعن دار النشر - وأنا أشجع على ذلك - التي قامت على سبيل اليأس والجشع بنشر شيء كهذا، ربما لو قاموا بطباعة الصفحات خالية لكان الكتاب أكثر تشويقا!
قد تمزق الأوراق وتتحسر على مالك المسلوب الذي أنفقته عليه!
إن للنصب حيلا كثيرة كما تعلم.
عندما ترى لوحة فنية قبيحة الشكل، تمازجت فيها الألوان بقبح وبلا نظام، وكأن أحدهم قد مسح يديه فيها على عجل، سينبري لك ناقد نحيل، يرتدي ربطة عنق مزركشة، ويضع تركيبة عطرية رخيصة من عند دكان جوزيف بالسوق الإفرنجي، ليؤكد لك أن الأمر أعمق مما تظن، وأنها لوحة مذهلة حد الإبهار، تعبر عن الأبستمولوجيا الحديثة، ورفض القولبة وتنميط المفردة لإعادة صياغتها من جديد. اختيار هذه الألوان تحديدا - يا أحمق - هي صرخة احتجاج في وجه المجتمع. الخطوط المتداخلة تشير لبعد سيسيولوجي اجتماعي عميق، تعبر عن فرط جدلية تأطير المفردة وتقوقعها حول ذاتيتها الفطرية، من عهود الأرسطية وسطوة الكاهن، حتى عصر الحداثة والتحرر الثقافي.
ستهز رأسك في ذكاء متظاهرا بالفهم، وتقول شيئا مثل: «يا سلاااااام قد أبدع الفنان!» ثم تشعر أنك أكثر ضآلة من أن تستطيع استيعاب هذه المعاني، هو فن راق على الأرجح ما دمت لا تفقه عنه شروى نقير.
ينطبق الشيء ذاته على الأدب. اقرأ أي قصة سخيفة، مرهقة، سطحية، بلا روابط أو هدف من أي نوع، مع الكثير من البذاءة، والمصطلحات المعقدة، والتجديف في الدين، ثم الاسترسال في الفحش بلا ضوابط، وسينبري لك ناقد نحيل، يرتدي ربطة عنق مزركشة، ويضع تركيبة عطرية رخيصة من عند دكان جوزيف بالسوق الإفرنجي، ليؤكد لك أنها تحفة أدبية زاخرة المعنى عميقته. الكاتب - يا ساذج - هو عبقري سابق لعصره، لم يجد من يفهمه بعد، إن هي إلا سطحية القطيع وعقله الدوغمائي.
لا تصدق هذا، أجمل الكتب أكثرها بساطة، وأشد الأشياء عمقا، أكثرها وضوحا. لا يتوسل المصطلحات المتضخمة والتعبيرات المتحذلقة إلا سطحيوا الفكر، فارغوه.
ناپیژندل شوی مخ
كثير مما تعده فنا عميقا محض هراء.
كثير مما تظنه أدبا عميقا هراء محض.
الهراء موجود في كل مكان حولك، لا يتطلب الأمر أكثر من أن تبتاع صحيفة اليوم، أو تتابع تصريحات الحكومة، أو تستمع لزوجتك، أو تقرأ الصفحات التالية.
وحتى لا تشعر أن مالك قد ضاع سدى، إليك بضعة اقتراحات عملية مفيدة:
استخدم ورق الكتاب لاحقا لتسليك أذنك.
استخدم الورق لامتصاص زيت السمك أو الطعمية، أيهما أقرب لمعدتك.
استخدم الورق لمسح زجاج السيارة (إذا كنت تمتلك واحدة بالطبع).
يمكنك قص صورة المؤلف من الغلاف الخلفي وحرقها على سبيل الاحتجاج الغاضب، إذا غامرت دار النشر بوضع صورته وهو يبتسم ببلاهة متظاهرا بالعمق والذكاء (لا ينصح بعرضها للأطفال دون الثالثة، لأسباب سيكولوجية بحتة، تتعلق بالنمو النفسي السليم).
إذا لم تكن تملك مقصا أو سعة بال يمكنك حرق الكتاب كله.
يمكنك استخدام الكتاب لموازنة الثلاجة مكان الحامل الخشبي المكسور.
ناپیژندل شوی مخ
وللأمهات العزيزات: يمكنك استعمال الكتاب لقذفه على رأس طفلك كبديل ثقافي ممتاز عوضا عن الشبشب.
يمكنك استخدام الورق كذلك لعمل قراطيس جميلة للف الملح المستلف من جارتكم البدينة «عوضية أم التومات»، لا أنصح بهذا؛ لأن «عوضية أم التومات» ستمن عليكم بملحها لاحقا، عند أول لحظة عنف لفظي متبادل بين الجارتين، وسيعرف الكل عن قصة كرمها الأسطوري، وتصدقها عليكم بالملح، ابتداء من جاراتكم في الحي، وحتى نساء مقاطعة «جيجيانغ» في جمهورية الصين الشعبية.
هذه نصائح ذهبية، لن تجدها حتما في أي قصة رصينة هادفة.
المجموعة القصصية التالية، جزء من مجموعة من القصص القصيرة وصلت إلى بريدي الإلكتروني من مؤلفها «مهند رحمه» - حوالي 20 قصة - وهو كاتب شاب ناشئ، لا أطيقه ولا أحب كتاباته، لكنني لاحظت أنه بدأ يكون شهرة لا بأس بها مؤخرا، وسمعة طيبة بين الناس، حتى إن البعض - تصور هذا - بدءوا ينادونه بكلمة «أستاذ»!
وهي من علامات الساعة بكل تأكيد!
كل قصة منها أشد بؤسا من سابقتها ، تحت عنوان سخيف مبتذل من طراز «أجنحة العذاب» أو «عندما هفهف لباس الليل»، أو شيء من هذا القبيل، ولما كنت أمقت العناوين السخيفة التي تدعي عمقا لا تحتويه، وتشير بوضوح لمستوى ذكاء كاتبها، فقد قررت أن أسميها كما هي: «قصص مملة جدا».
كتحذير لا بد منه، ولإخلاء مسئوليتي الأدبية.
أما بقية القصص فلم أجد داعيا لنشرها.
قصص لزجة جدا، مطاطة جدا، مملة جدا، وغير هادفة بالمرة، عن أبطال إغريقيين، وكتب ملعونة، وهلاوس محرمة، ومؤلف فاقد للبوصلة، بدأت تثير سلامة قواه العقلية شكوكي، لم يعد يجد شيئا أفضل يفعله.
الراوي
ناپیژندل شوی مخ
تمهيد لا داعي له من المؤلف إلا لو كان
الغرض هو الإملال
بعد جهد جهيد، أشبه بعملية ولادة مرهقة متعثرة، أورثني قلقا دائما وصداعا لا يزول، أنهيت مجموعتي القصصية «عندما هفهف لباس الليل».
وبعد «أربعين» قصير مستحق، رحت أبحث عن حكمة ما، أو أي كلام يبدو عميقا، لأضعه في مقدمة الكتاب، كعادة مرضية يفرضها وسواسي القهري، فلم أجد سوى عبارة حكيمة، أثرت في وجدانيا، اختلستها ذات مساء، أثناء ركضي خلف إحدى حافلات الكلاكلة، تقول بأسلوب رصين:
قاسيا يا دنياء - ود قلبا.
إذا ما تجاهلت الأخطاء اللغوية، وتجاهلت ود قلبا، وتجاهلت اللعاب المتناثر على وجهك من السائق الغاضب ذي المنديل الملون على ياقة القميص؛ إذ يعوي صارخا في الركاب الذين اقتحموا الحافلة عبر النوافذ، ليسكب على أذنك التعسة سيلا من الشتائم العبقرية الموجهة، شتائم تبدأ ب «يا أولاد ال...» وتنتهي بالأمهات غالبا!
إذا ما تجاهلت كل هذا، فأعتقد أنها عبارة حكيمة بما فيه الكفاية، كل طفل يحبو يعرف أن «الدنياء» قاسية فعلا، هذا يفتح لك آفاقا جديدة في فلسفتك للعالم والوجود.
هذا كل شيء، يمكنك الآن الذهاب للصفحة التالية.
مهند رحمه
القصة المملة الأولى: ببلومانيا
ناپیژندل شوی مخ
خي إكس سيغما
1
سأقول لك شيئا مهما.
هناك نوعان لا أطيقهما من البشر، عليك أن تتعلم ألا تثق فيهما مهما حدث.
النوع الأول؛ هو أولئك الذين يتصورون بوضعية المفكر في الأستديوهات العمومية.
هل رأيت أحد هؤلاء؟
بالتأكيد تعرف هذا النوع اللزج، الذي يضع سبابته على خده وإبهامه على ذقنه، متظاهرا بتجاهل الكاميرا وهو يحملق في الفضاء بنظرة حالمة عميقة، كأنه يحاول حل معضلة سلوك الإلكترون في فضاء عالم الكوانتم.
كلهم لهم ذات الهيئة بالقمصان الغريبة، والبناطل المسطرة، والشعر المصفف بعناية، والجباه الضيقة، والوجوه اللامعة من أثر الفازلين، وسمة عامة من الغباء تنضح من وجوههم لا تخطئها عينك.
كل هذا بالطبع أمام خلفية لعينة من الورود والقلوب الممزقة، وأشياء سيريالية أخرى، ليذكرنا بأن روحه مرهفة كذلك، يضيفها صاحب الأستديو بالفوتوشوب مقابل جنيه ونصف إضافيين، أو بعض التوسل من طراز «عليك النبي ... عليك الله»!
فلتأخذها عني يا بني قاعدة هي من ثوابت الكون:
ناپیژندل شوی مخ
المفكرون الحقيقيون لا يتصورون بهذه الطريقة!
الحمقى فقط يفعلون!
النوع الثاني؛ هو أولئك الفضوليون، الذين يتحلقون حول المشاجرات والكوارث وحوادث الطريق، لا بد أنك قد رأيت أحد هؤلاء وقد شبك يديه على مؤخرة رأسه، وانحسر كم جلبابه حتى كوعه، ويتقافز على أطراف أصابعة في شغف، ليحظى بنظرة أوضح لأشلاء «حاج عبدالستار» المتناثرة تحت إطارات الحافلة!
هناك دم، هناك أشلاء ممزقة، هناك أطراف مجدوعة!
فيرتجف من النشوة!
يمارس التطهير النفسي برؤية الحوادث المميتة لكي يحمد الله على نعمة الصحة والعافية، وبعد أن يفض الجمع وتجمع الأشلاء، لا بأس من تعبير حكيم يبرهن للناس مدى تدينه، وزهده عن الدنيا وزخرفها. «هيييييييه الدنيا فانية، بس نحن المابنتعظ!»
يقولها في خشوع، ثم ينسى كل هذا الزهد في ثانيتين، فيعود ليطفف في الميزان، ويغتاب جيرانه، ويتفحش في النساء.
هؤلاء - أي بني - هم أسوأ الناس طرا، وهم جديرون حقا بأن يكونوا حطب جهنم!
هل تسمح لي بأن أناديك «بني» يا حضرة المحقق؟
أنت في عمر ابني بالتأكيد، ابني الذي لم أرزق به بعد لأسباب لست بصدد ذكرها اليوم، لكنك ستفهمها من السياق.
ناپیژندل شوی مخ
تريد أن تقوم بتسجيل هذه المقابلة؟ لا بأس، لا أريد أن أعيد رواية قصتي مجددا بالتأكيد.
نعم أنا قتلت «سعيدا»، وسأخبرك الآن لماذا.
هل تريد كوبا من العصير؟ أعتقد أن جلستنا ستطول قليلا، فلا بأس ببعض العصير!
حسن!
كان «سعيد» اسما على مسمى، رجل سعيد!
وهو ما بدا لي غريبا؛ أن يوجد من يطلق اسم «سعيد» على ابنه في بلاد كالسودان، هذا نوع من الكوميديا السوداء إن أردت رأيي. «سعيد» هذا كان سعيدا جدا، سعيدا للغاية.
سعيدا إلى درجة تثير غبينتك وغيظك.
تراه ترتسم الابتسامة البلهاء على وجهه طوال اليوم، يصحو صباحا ليكتشف أن الحنفية لا تخرج سوى صوت حشرجة مرعبة، لا ماء هنالك، فيبتسم، طرمبة ضخ الماء لن تعمل لأن الكهرباء تم قطعها كذلك فيبتسم، تفوته الحافلة فيبتسم، تتركه زوجته وتهرب مع عشيقها فيبتسم، يشتمه مديره في العمل فيبتسم، كأنه مصاب بمتلازمة مرضية لعينة ما!
ابن ال... هذا.
عندما أتذكر وجهه الغبي الآن أتمنى أن يعود للحياة لأهشم جمجمته مجددا.
ناپیژندل شوی مخ
متى بدأ كل شيء؟
هذا سؤال مهم، ولكي أجيبك عليه يجب أن ترجع معي عدة سنوات للوراء، مذ كنت طفلا صغيرا وأنا مولع بعادة غريبة، وهي تكديس الكتب ... لم أكن أسعد بشيء سوى اقتناء كتاب جديد، رائحة الكتاب الجديد، وملمس الورق المصقول، تصاميم الأغلفة، هذه أشياء كانت تثيرني حد الوله!
وخلال فترة وجيزة تراكمت مئات الكتب فى غرفتي، كتب من شتى المجالات، في الفلسفة والاقتصاد والرياضيات وعلم النفس والفيزياء والأدب والتاريخ والأدب، بعضها أفهمه وبعضها لا أفهمه، هل تعرف أنني قد قرأت «الأيام» لطه حسين، و«ثروة الأمم» لآدم سميث، و«هكذا تكلم زرادشت» لنيتشة، وكتب معقدة مماثلة، وأنا بعد طفل لم أتجاوز الثامنة من العمر! كنت أقرأ ما أستطيع استيعابه، وما لا أفهمه أخزنه من باب الاحتياط، لربما يفيدني في يوم ما!
بالتأكيد لم أكن أعرف أن هوايتي الوحيدة لها اسم لاتيني معقد مثل ببلومانيا
Bibliomania ، وهو اسم شاعري كما لو لاحظت، يصف اضطرابا نفسيا ينتمي إلى عائلة الوسواس القهري (
OCD ) المبجلة، داء العباقرة أو مرض المثقفين كما يطلق عليه.
لم أكن أعرف أنني «ببلوماني» بطبيعة الحال، وأن حبي للكتب شيء يستوجب زيارة الطبيب النفسي، كنت سعيدا وكان هذا ما يهمني.
مرت الأعوام وتزوجت زواجا تقليديا، لم أكن مولعا بالنساء بشكل خاص، ولم أعجب بفتاة أو أقع في الحب من قبل، لست مريضا أو منحرف الميول إذا ما تبادر شيء من هذا إلى ذهنك، أنا فقط أعشق كتبي وقراءاتي إلى الحد الذي لم يعد هناك مجال لإضافة شيء آخر.
هل رأيت زوجة «أينشتاين» من قبل؟ من الواضح أن الرجل لم يكن يفقه شيئا في النساء، وأكاد أجزم أنه لم يرفع رأسه عن كتبه عند زواجه بحيث ينتبه أنه يتزوج ابن خالته، لا أقارن نفسي ب«أينشتاين» بالطبع، لكنني أوضح لك فكرتي فقط!
في لحظة ما انتبهت والدتي أنني تجاوزت الأربعين ولما أتزوج بعد، فاقترحت علي ابنة عم خالة جدي، أو شيئا من هذا القبيل. - «بنت أصول ومتربية وست بيت شاطرة.»
ناپیژندل شوی مخ
مع الكثير من «عايزة أشوف أولادك قبل ما أموت!» ولا بد من بعض الدموع كذلك، على سبيل الابتزاز العاطفي حتى لا أعترض!
أنت تعرف كيف يتم ترتيب مثل هذه الزيجات فلن أصدع رأسك بالمزيد، خلال أسبوع انتهى كل شيء، ووجدتني أجلس في كوشة حفل الزواج وأضع خاتما على إصبعي، وبجواري امرأة لا أعرف عنها شيئا ترتدي فستان الزفاف وترقص بسعادة.
المسكينة!
في تلك المرحلة كانت كتبي تشغل غرفة كاملة، مئات الكتب تتراص من الأرض لسقف المكان، آلاف الكتب جمعتها طوال حياتي!
هناك قصة مشهورة عن «الزبير بن بكار»، كان يقضي وقته دائما في بيته وسط كتبه يقرأ ويكتب، قالت بعض النسوة لزوجته إنها محظوظة؛ لأنها تزوجت رجلا محترما لا تزوغ عينه إلى سواها، ولا يعود لها أنصاف الليالي برائحة عطر أنثوي أو بصمة أحمر شفاه على كتفه، فقالت المرأة غاضبة: والله إن هذه الكتب أشد علي من ثلاث ضرائر.
الآن يمكنك أن تفهم شعور زوجتي وقتها، لا أستطيع أن ألومها حقا، كنت أقضي كل يومي بين عملي في الجامعة، أحاضر الطلاب عن اقتصاد السوق الحر، ونظريات جون كينز، وعندما أعود للمنزل أغلق على نفسي باب مكتبتي وأنهمك في القراءة، لا أخرج منها إلا ليلا فأجدها قد نامت وتركت لي الطعام على طاولة الصالة، في النهاية لم تعد تطيق كل هذا فطلبت الطلاق، وتطلقنا بسرعة وهدوء.
لم يكن الأمر محزنا بالنسبة لي، في الواقع نسيت كل شيء عن زوجتي بعد يومين، لم أشعر بغيابها لأنني لم أشعر بوجودها سابقا، أخرج للعمل صباحا وهي نائمة وأعود للفراش ليلا وهي نائمة كذلك، لم أكن أتذكرها بعد انفصالنا إلا عندما تصرخ أمعاء بطني، فأخرج من المكتبة ولا أجد شيئا آكله في الخارج، أفتح الثلاجة فأجد بعض الخبز الجاف أو وجبة ظلت هناك لعدة أسابيع تحل المشكلة وتخرس معدتي. جربت أن أتعلم الطبخ لكنني اكتشفت أنه مضيعة كبيرة للوقت، هل جربت أن تقضي قرابة الساعة لتطبخ شيئا تأكله في دقيقتين يا حضرة المحقق؟
ربما تتفق معي أنه ليس التصرف الأكثر ذكاء في العالم، ومضيعة كبيرة للوقت، دعك من قناعتي بأن أي دقيقة أقضيها في شيء غير القراءة هي وقت ضائع بالنسبة لي، فلم يكن لدي وقت لعادة سخيفة كالأكل.
ثم اكتشفت الحل السحري فجأة، كان هذا الحل دكانا صغيرا يسمى «مطعم العائلة»، الآن هذا حل ممتاز يوفر لي طعاما على مائدتي بدون تضييع وقتي في الطبخ، والأجمل أنه لا يطلب مني اهتماما خاصا أو يهددني بالطلاق. اتفقت مع صاحبه على أن يجلب لي طلبات محددة كل يوم في وقت معين، ويعلقها على باب الشقة من الخارج، ونقدته ماله مسبقا.
هناك مشكلة أخرى لاحت لي، لا أعرف ما الحكمة من اتساخ الملابس وغسلها باستمرار، سمعت من قبل عن تكنولوجيا النانو التي سيضيفونها للملابس فلا تتسخ على الإطلاق مهما تطاول زمن ارتدائك لها، وإنني أحسد أولئك المحظوظين الذين سيعيشون في ذلك العصر.
ناپیژندل شوی مخ
كانت مشكلة كبيرة وقتها وقد حلت بسرعة كذلك عندما اكتشفت شيئا سحريا آخر اسمه «عبدو المكوجي»، ثم الحل السحري الآخر المسمى «أم بركة»، امرأة ضخمة كوزير اتحادي فاسد، تلهث بلا انقطاع، وتشهق للهواء وهي تضع يدها على صدرها كأنها ستسقط ميتة بالسكتة القلبية في أي لحظة، لحسن الحظ لم تفعل ذلك، لكنها فعلت ما هو أفضل، وافقت على أن تمر على بيتي مرة كل أسبوع لتعتني بالنظافة، وغسل الأواني، وترتيب المكان مقابل أجر زهيد.
حشد من الحلول السحرية حلت جميع مشاكلي، وعادت حياتي لروتينها الجميل بين الجامعة والبيت.
أرجو ألا أكون قد أثرت مللك يا حضرة المحقق؟
لا؟ جميل!
الآن يمكنني أن أجيب سؤالك وأقول لك متى بدأ كل شيء.
لا بد لك أن تقفز بالزمن معي عدة أشهر للأمام، كان هذا في شهر أبريل، أو ربما هو مايو! لا أذكر بالضبط.
لكنني كنت عائدا إلى داري عصرا من الجامعة، خلعت ملابسي وارتديت الجلباب الخفيف ودخلت إلى المكتبة، كان المكان في حالة فوضوية، أقصد أنه كان نظيفا للمرة الأولى منذ سنوات، وهو ما بدا لي فوضويا، لدي نظام معين في ترتيب الأشياء لا أتحمل تغييره، وهو مرض آخر جادت به علي عائلة الوسواس القهري الكريمة، الهوس الشديد بنظامي الخاص في ترتيب أشيائي.
أذكر أنني قد ثرت ثورة عارمة على زوجتي من قبل عندما حركت كتابا كنت أقرؤه بضع سنتمترات لليسار، كان هذا مما لا يحتمل في قاموسي الشخصي، وقد عرفت هي هذا وفهمته فلم تجرؤ على الدخول إليها مجددا.
لا بد أنها «أم بركة»، حذرتها مرارا من عدم دخول مكتبتي، فلا بد أنها قامت بالتنظيف على سبيل تجويد العمل.
تلك اللعينة!
ناپیژندل شوی مخ
دلفت للداخل بسرعة وأنا أسبها وألعنها، عندما تعثرت قدمي بكتاب ضخم ملقى على الأرض، كان الكتاب مجلدا ضخما مكتوبا بخط اليد، له أوراق مصفرة غريبة الشكل.
وغمرتني قشعريرة باردة، وأنا أقرأ العنوان الرهيب.
شمس المعارف الكبرى!
2
شمس المعارف الكبرى، مخطوط لأعمال سحر تتعلق بالجن والعالم السفلي.
ينسب تأليفه إلى أحمد بن علي البوني المتوفى سنة 622ه، تم تحريم تداوله في الدين الإسلامي لما فيه من مزيج عجيب من المعلومات عن كيفية تحضير الجن، ووصفات خطيرة لتسخير كائنات العالم السفلي وجعلها طوع القيادة. (ويكبيديا)
جذبت كرسيا وجلست أتصفح الكتاب السيئ السمعة.
هناك العديد من النسخ صدرت من الكتاب لاحقا، ما أعرفه أنه قد تمت طباعة أول نسخة في بيروت عام 1985، وقد حذفت كل الفقرات التي تحتوي على شفرات تحضير الجن وطلاسم عالم السحر، لم يتبق منه سوى بعض الحديث الإنشائي عن السحر وتفاصيله العامة.
فيما بعد تمت مصادرة كل النسخ المطبوعة من كل الدول الإسلامية، ومنع تداوله بعد صدور عدة فتاوى بتحريم التعامل به، باعتباره من كتب تعليم السحر الأسود، وأصبح من يقتنيه في حكم الكافر شرعيا، فبالرغم من تقنينه لا زال الكتاب خطرا جدا.
ما بين يدي الآن هي النسخة الأصلية من الكتاب الرهيب، المكتوبة بخط يد أحمد بن علي البوني شخصيا!
ناپیژندل شوی مخ
الأوراق من جلد الحيوانات المدبوغ، والخط متعرج يصعب قراءته، خط كوفي متشابك من النوع الذي يميز المخطوطات القديمة، هناك تعليقات على الهوامش بها بعض آيات القرآن الكريم، وتركيبات جمل غريبة مثل «بطح، نويا، جبم»، آيات قرآنية كتبت عكسيا، وجملة تتكرر بإصرار غريب في هوامش الكتاب «افهم ترشد»، «افهم ترشد».
هناك رموز غريبة، ورسومات متكررة لمربعات متداخلة، بداخلها حروف متقطعة عربية وعبرية وحروف أخرى لم أعرفها، تبدو كالتالي:
يمكنك أن تفهم مدى حيرتي ورعبي يا حضرة المحقق، فما بين يدي كان أخطر الكتب على الإطلاق وأسوأها سيرة، كل من حاز على الكتاب انتهى نهاية بشعة يشيب لها شعر رأسك، بعضهم انتحر، وبعضهم وجد مقتولا على طريقة العصور الوسطى، كسر الرقبة وتدوير الوجه للخلف ... هناك بضع روايات متداولة عن السير «فيتزجيرالد»، أحد النبلاء الإنجليز في القرن الثامن عشر، قيل إنه قد اشترى الكتاب من مزاد سري بمبلغ فلكي من أحد العرب، وقد رآه بعض الشهود في آخر ظهور له، يتصارع مع كائن شيطاني مخيف قبل أن يختفي بلا أثر على الإطلاق. لا توجد جثة، ولا أشلاء، ولا أي شيء يشير إلى مقتله، فقط تلاشى كأن لم يكن!
هذه النسخة ظلت تنتقل سرا بين الأيدي عبر مئات السنين حتى وصلت إلي أنا بالذات!
فكيف وصلت إلى مكتبتي؟ ومتى؟
لا أذكر أنني قد اشتريته أو تحصلت عليه بأي طريقة من الطرق، نحن لا نتحدث عن كتاب أسرار الطبخ أو تعلم الإنجليزية بدون معلم في ثلاثة أيام، كتاب كهذا لا يمكنك أن تنسى كيفية حصولك عليه!
أغلقت الكتاب بيدين مرتجفتين وقد قررت على الفور ما علي فعله، سأحرق الكتاب!
أعرف جيدا ما حدث لكل من تحصل عليه وتعامل معه، لست بهذا الحمق، لا أرغب في الموت الآن، وبالتأكيد لا أريد لشيطان ما أن يهشم رأسي ويلوي رقبتي للخلف بطريقة القرون الوسطى، ستكون نهايتي في مستشفى حكومي ضعيف الإمكانيات، أسعل قليلا وأطلب كوب ماء، ثم أغمغم شيئا ما لا يفهمه أحد، وأموت بأناقة!
اتجهت للمطبخ ووضعت الكتاب في أحد أواني الطبخ، ملمس الكتاب غريب يثير التقزز، نحن نتحدث عن جلد حيواني مدبوغ، قال البعض إنه جلد بشر حقيقي لكنني لا أرجح هذا الاحتمال، لا بد أنه من الأساطير التي أحاطت بالكتاب، أشعلت ثقابا ورميته، وراقبت الشعلة الزرقاء الجميلة؛ إذ تتوهج وتبدأ في التهام الكتاب الشيطاني، رائحة مزعجة فاحت مع الدخان المتصاعد، رائحة شواء كريهة تعبق بسحر القرون الوسطى، إن كنت تفهم ما أعنيه.
هل هذا صوت صراخ؟!
ناپیژندل شوی مخ
هنا تذكرت شيئا، من يضمن لي أن كل القصص التي نسجت عن ضحايا الكتاب هي قصص حقيقية فعلا؟ لا يوجد دليل مؤكد عن تلك الوفيات، والأمر قد لا يعدو كونه جزءا من هالة الأساطير التي نسجت عنه وعن مؤلفه؛ ألا يكون حرق الكتاب ضربا من الجنون؟ خاصة وأنه النسخة الوحيدة في كل العالم.
دعك من الجانب المادي، هذا الكتاب الذي بين يدي الآن يمكنه أن يجلب لي ثروة إذا ما قررت بيعه، ثروة ستغنيني عن العمل بقية حياتي.
قفزت بسرعة وجلبت منشفة المطبخ ورحت أطفئ النيران، لحسن الحظ لم يحترق منه شيء سوى الزوايا العلوية، أعددت كوبا من الشاي الثقيل وعدت لمكتبتي ورحت أتصفح الكتاب.
أغلب الصفحات وصف سردي للسحر، وبعض التعاريف لحروف الأبجدية العربية ومواطن قوتها إذا ما تم تركيبها مع حروف أخرى بتركيبات معينة.
هناك تعريفات عامة للحروف، يقول الكاتب في إحداها: «حرف العين: ظاهره عليم وباطنه عظيم، أحد الحروف الترابية، وهو حرف لين يطوع الجن إذا ثار أو أراد ⋆
نص غير واضح ⋆ ، دين الإنسان، يكتب في قماش ويوضع في الماء ويقرأ عليه
سلام قولا من رب رحيم
عشرين مرة، وهذا الحرف المبارك مشتق من العلم والتعلم، و... ⋆
نص غير واضح ⋆
سبعين مرة في الساعة الأولى من يوم الجمعة، ⋆
ناپیژندل شوی مخ
نص غير واضح ⋆
وزعفران وسقاه لمن به وجع، سكن وجعه بإذن الله».
الحروف - بحسب الكاتب - تنقسم إلى أربعة أنواع، الحروف النارية، والحروف المائية، والحروف الترابية، والحروف الهوائية، يتم استحضار الجن عن طريق تركيبات ثلاثية معينة للحروف النارية، وترديدها سبعين مرة بطقوس معينة تتضمن شفرة الاستحضار، ويتم صرفه عن طريق مزيج من الحروف المائية والترابية، لا يوجد وصف لمهام الحروف الهوائية.
هناك جدول للحروف النارية وتركيباتها الثلاثية، لن أذكرها لك بطبيعة الحال حتى لا تحدث كارثة.
هناك رسومات بخط اليد تشبه الوصف التشريحي لمراكز تركز الجن عن حلوله في جسد الشخص المضيف، رسومات للجن نفسه كما تخيله الكاتب - وربما رآه! - ورموز غريبة تبدو كخليط من الحروف العبرية والحروف الصينية ونجمة داءود.
قاطع أفكاري صوت طرق منخفض على الباب، أغلقت الكتاب وذهبت لأفتح باب الشقة، كان ذلك الشيء يقف هناك في خجل، قصير القامة قليلا، ضئيل الحجم، بدأ الشعر يتساقط من مقدمة رأسه، وله ابتسامة بلهاء معلقة على وجهه بلا سبب.
من النوع الذي يصحو صباحا ليكتشف أن الحنفية لا تخرج سوى صوت حشرجة مرعبة، لا ماء هنالك، فيبتسم، طرمبة ضخ الماء لن تعمل لأن الكهرباء تم قطعها كذلك فيبتسم، تفوته الحافلة فيبتسم، تتركه زوجته وتهرب مع عشيقها فيبتسم، يشتمه مديره في العمل فيبتسم.
قال لي إن اسمه «سعيد» وأنه جاري الجديد، دعوته للدخول وأعددت لنا كوبين من الشاي، وراح يتحدث كثيرا.
أعتقد أنك قد لاحظت يا سيدي المحقق أنني لست من نوعية الأشخاص الذين يمكنك وصفهم بالاجتماعيين، في الواقع أنا أكره البشر وأهرب منهم كأنهم الطاعون ذاته، وأمقت أي تواصل بشري إذا ما خرج من نطاق التحية وردها. أما التواصل الحميم فهو شعر لا أملك له مشطا، ولا أطيق هؤلاء اللزجين المملين، الذين يظنون أن مجرد وجودهم في الحياة هو حدث أسطوري بما فيه الكفاية، يستحق أن يسطر في المجلدات، وأن ما في حيواتهم التافهة ما يستحق أن يروى لتستقطر منه الحكمة، ويستهدي به الناس من بعد ضلال.
يجلس أحدهم وهو يداعب كرشه في رضا عن النفس يثير هلعك، ليصدع رأسك بقصصه ووجهات نظره، وآرائه الحمقاء في كل شيء. «سعيد» كان من هذا الطراز، لزج كالمخاط، وممل كبيان حكومي.
ناپیژندل شوی مخ
وخلال الساعات التالية أصر أن يعذبني بقصصه مع برنامج اللوتري الأمريكي ورغبته في الهجرة من بلد لا يقدر مواهبه، معاناته مع زوجته وهروبها مع عشيقها، مديره المتسلط، زحام المواصلات، تقلب الجو، مؤامرات الماسونية، ومشاكل الإصلاحات السياسية وتحديات التنمية في دولة الكنغو، بينما كنت أهز رأسي في سأم وأفكر في كيفية طرده، أو إشعاره بأنه غير مرغوب فيه، تشاغلت عنه أثناء حديثه ولم يفهم، قرأت كتابا ولم يفهم، تثاءبت ولم يفهم، غططت في النوم وارتفع صوت شخيري، فأيقظني وسألني بفضول «هل نمت؟» ثم عاد لكرسيه واستمر في تعذيبي.
ثم أشرق وجهه فجأة من بين حديثه، وهو يخرج صورة فوتوغرافية من جيبه، قال شيئا ما عن تعارف بالبريد الإلكتروني بينه وبين فتاة ما تقيم في أحد دول المهجر، كانت الصورة له وهو يأخذ وضعية المفكر إياها، مع الكثير من فلاتر تحسين الصورة لجعله يبدو أجمل مما هو عليه في الواقع.
يضع سبابته على خده، وينظر للكاميرا في هيام واضح، وعلى وجهه أغبى ابتسامة يمكنك أن تراها. في الخلفية صورتان مصغرتان له؛ في الأولى يضع الهاتف المحمول على أذنه متظاهرا بالانهماك في مكالمة مع مدير أعماله، وهو ينظر للكاميرا بطرف عينه. أما الثانية - وهي ألعن - فقد كان يحمل أزهارا بلاستيكية ويتظاهر باستنشاقها في هيام، مع حشد من القلوب المنفطرة التي تقطر دما!
الآن يمكنك تفهم دوافعي لقتله يا حضرة المحقق.
أليس كذلك؟!
3
في الجامعة كنت مشغول الذهن أثناء المحاضرة، وقد ظللت أنسى الموضوع الذي أتحدث عنه عدة مرات، فينبهني أحد الطلاب ضاحكا أين توقفت وماذا كنت أقول، كنت متشوقا للعودة للبيت وقراءة الكتاب، فلم يترك لي «سعيد» وقتا بالأمس لمطالعته، لم يفارقني اللعين إلا عندما اعتذرت له صراحة لرغبتي في النوم، وراح يتمتم بعبارات الشكر لحسن ضيافتي وأنا أدفعه أمامي متعجلا، ويعدني بزيارة أخرى.
وكأن الأحمق لم يفهم بعد أنني أطرده من منزلي!
عدت للمنزل، كانت «أم بركة» قد انصرفت للتو على ما يبدو؛ فالشقة كانت نظيفة ورائحة بخور عطر تطغى عليها، دلفت للمكتبة وفتحت الكتاب!
في المقدمة يقول الكاتب إنه قام بتشفير وصفات استحضار الجن في الكتاب، مفتاح الشفرة نفسه موجود بالكتاب، وقد اضطر لفعل هذا حتى لا يتعرض أي شخص للخطر إذا ما وقع الكتاب في يده بالصدفة، هكذا لن يفيد الكتاب أحدا إلا إذا كان يعرف ما يريده منه بالضبط، وهو تصرف نبيل من المستر أحمد بن البوني بعد كل شيء. «افهم ترشد»، «افهم ترشد»!
ناپیژندل شوی مخ