1
والحصان الميكانيكي
2
فلقد كان يلعب كما يريد مع الطيور الصغيرة التي يمسكها، ومع الكلاب الضالة مثله، بل ومع جياد الإصطبل إلى أن يطرده السائق أمام مكنسته التي يهدده بها! وكان ينظر إلي من الحوش، مملكته الصغيرة، كما ينظر الإنسان إلى عصفور في قفص!
كان الحوش عليه مسحة من السرور بسبب الحيوانات المختلفة الأنواع، وبسبب رجال الأعمال المختلفين الذين كانوا يترددون عليه، وكان كبيرا، وكان البناء الذي يحده من الجنوب مغطى بشجرة كرم متقدمة في السن معوجة رفيعة. وكان فوقها ساعة شمسية محت الشمس والأمطار أرقامها، وكنت أستغرب لظل العقرب وهو يقع على تلك الأحجار دون أن أراه! ومن بين كل هذه الأشباح التي أستثيرها أظن أن شبح هذا الحوش العتيق هو واحد مما يشتد استغراب الباريسيين له اليوم؛ فإن أحواشهم الحاضرة عبارة عن أربعة أمتار مربعة يمكن منها رؤية قطعة من السماء توازي المنديل حجما! ومن الأعلى ترى منزلا مكونا من خمس طبقات؛ لا تزيد كل طبقة في الاتساع عن «نملية» صغيرة، وكلها بارزة إلى الأمام. وهذا ارتقاء، ولكنه غير صحي على كل حال.
وحدث يوما ما أن هذا الحوش السعيد الذي تحضر إليه ربات المنازل كل صباح لملء قدورهن من مضخة الماء، وحيث كانت الطاهيات ينشفن حوالي الساعة السادسة من كل يوم السلطة، بهزها من خلال سلة مصنوعة من السلك الرفيع، وهن يتحادثن في تلك الأثناء مع «سواس» الخيل، حدث أن خلعوا بلاط هذا الحوش وأرادوا تبليطه من جديد.
ولما كان المطر قد انهمر مدة العمل، فقد امتلأت الأرض بالأوحال، وأصبح ألفونس، الذي كان يعيش هناك كما يعيش الجن
3
في الغاب، قذرا تملؤه الأوحال من رأسه إلى قدميه. وكان يشتغل بنقل الأحجار بنشاط المنشرح، وتبع ذلك أن رفع رأسه إلى الأعلى فرآني سجينا بين أربعة جدران في غرفتي، فأشار إلي بالنزول عنده. لقد كنت متشوقا جدا لأن أنقل معه الأحجار، لم تكن لدي أحجار كي أنقلها في غرفتي! وحدث أن كان باب المنزل مفتوحا، فنزلت إلى الحوش وقلت لألفونس: ها أنا ذا!
فقال لي: احمل هذه البلاطة ...
ناپیژندل شوی مخ